«الأحمق الأكبر»، استراتيجية يعتمدها البعض في الأسواق المالية. تقوم على أن ارتفاع أسعار الأصول لا يعتمد بالضرورة على قيمتها الحقيقية أو أدائها المتوقع، بل على وجود مستثمرين مستعدين لدفع أسعار أعلى. بمعنى آخر، يمكن لأي أصل، بغض النظر عن قيمته الحقيقية، أن يستمر في الارتفاع في السعر طالما وجد من يشتريه بسعر أعلى.
يعتقد أصحاب هذه الاستراتيجية أنهم يستطيعون من خلال هذه الاستراتيجية تحقيق أرباح عن طريق شراء أصول باهظة الثمن، معتمدين على وجود مستثمر آخر، أكثر طمعًا أو جهلاً، سيدفع سعر أعلى في نهاية المطاف.
كيف تعمل استراتيجية «الأحمق الأكبر»؟
لنفترض أن شخصًا ما قرر شراء عملة بيتكوين دون الاهتمام بقيمتها الحقيقية أو مستقبل التكنولوجيا التي تدعمها. بدلاً من ذلك، اعتمد هذا الشخص على توقع بسيط وهو وجود شخص آخر مستعد لدفع سعر أعلى في المستقبل. لكن في المقابل هذه الاستراتيجية، التي تعتمد بشكل كامل على المضاربة، تحمل مخاطر كبيرة وقد تؤدي إلى خسائر فادحة إذا لم تتحقق هذه التوقعات، فإذا لم يوجد هذا “الأحمق الأكبر”، فسيعلق المستثمر الأول بأصول لا تستحق قيمتها الحالية.
اقرأ أيضًا.. كيف تبني محفظة استثمارية؟.. إليك 3 نصائح
استراتيجية «الأحمق الأكبر» في سوق العقار الأمريكي؟
يوفر سوق العقارات الأمريكي مثالاً صارخاً على مفهوم «الأحمق الأكبر». ففي الفترة بين 1995 و2005، شهدت أسعار المنازل ارتفاعاً جنونياً، ما شجع الكثيرين على الاستثمار في العقارات دون دراسة عميقة للسوق. وقد حقق هؤلاء المستثمرون أرباحاً طائلة في تلك الفترة، مما عزز الاعتقاد بأن أسعار العقارات ستستمر في الارتفاع إلى ما لا نهاية.
يشكل انهيار سوق العقارات الأمريكية في عام 2007 دليلاً قاطعاً على مخاطر الاعتماد على استراتيجية «الأحمق الأكبر». فبعد سنوات من الارتفاع المستمر في الأسعار، بدأت أسعار المنازل في الانخفاض بشكل حاد، مما أدى إلى خسائر فادحة للمستثمرين الذين اعتقدوا أن الطفرة العقارية ستستمر إلى الأبد. وتُظهر هذه الأزمة أن أسواق العقارات تتأثر بعوامل اقتصادية واجتماعية متعددة، وأن التنبؤ بأسعارها على المدى الطويل أمر صعب للغاية.
اقرأ أيضًا.. ما أنواع المتداولين في الأسواق المالية؟.. إليك 4 منهم
«الأحمق الأكبر» ليست استراتيجية استثمارية مستدامة
بينما يمكن لنظرية الأحمق الأكبر أن تحقق أرباحاً سريعة في بعض الأحيان، إلا أنها لا تعتبر استراتيجية استثمارية مستدامة. فالتوقيت الدقيق للمشتريات والبيع يعتمد بشكل كبير على الزخم قصير الأجل، والذي قد يتغير فجأة. لذلك، يجب على المستثمرين الحذرين أن يجمعوا بين التحليل الفني والتحليل الأساسي لتقييم الأصول، وذلك لتجنب الوقوع في فخ الفقاعات التي تنشأ نتيجة لثقة المستثمرين الزائدة.
اقرأ أيضًا.. ماذا تفعل أثناء تقلبات سوق الأسهم؟.. 5 نصائح استثمارية من وارن بافيت
كان بنيامين جراهام، مستثمر القيمة الشهير، قد قال إن سوق الأوراق المالية «آلة تصويت» على المدى القصير، حيث تهيمن المشاعر والعواطف على أسعار الأسهم. لكن على المدى الطويل، يتحول السوق إلى «آلة وزن» تقيم الشركات بناءً على قيمتها الأساسية. بينما يمكن تحقيق أرباح سريعة باستغلال تقلبات السوق قصيرة الأجل، فإن الاستثمار المستدام القائم على تحليل القيمة الأساسية هو الذي يوفر عوائد أكثر استقراراً على المدى الطويل. نظرية الأحمق الأكبر قد تجدي نفعًا في بعض الأحيان، لكنها تعتمد على التوقيت والحظ، ولا يمكن الاعتماد عليها كاستراتيجية استثمارية طويلة الأجل.