أظهرت دراسة حديثة أن كلا من شركتي ألفابت المالكة لمحرك البحث غوغل، وميتا، الشركة الأم لتطبيقات فيس بوك، وإنستغرام، وواتس آب، وثريدز، يدينان بالمليارات لناشري الأخبار، فهل سيأتي اليوم الذي يتقاسم فيه عمالقة التكنولوجيا إيرادات البحث مع هؤلاء الناشرين؟
كشفت الدراسة التي أجراها معهد حوار السياسات التابع لجامعة كولومبيا، ونشرها موقع سيمافور أن غوغل تدين بأكثر من 10 مليارات دولار سنويا للناشرين الأمريكيين نظير عرضها لمقتطفات وعناوين المقالات الإخبارية في خدمة البحث الخاصة بها. وأوضحت الدراسة، أن غوغل ملزمة بتخصيص 17.5% من إيرادات البحث للناشرين سنويا. وبناء على نفس الحسابات، تدين ميتا بـ 6.6% من إيرادات الإعلانات، أو ما يقل قليلا عن 2 مليار دولار سنويا.
اقرأ أيضًا.. محاكمة غوغل: هل ستتغير تجربة البحث على الإنترنت قريبًا؟
24 مليار زيارة شهريًا من غوغل
وتنفي غوغل كل من منهجية الدراسة ونتائجها. وقالت المتحدثة باسمها جين كريدر إن «أقل من 2% من جميع عمليات البحث تتناول الأخبار». وأضافت أن «غوغل تقدم قيمة كبيرة للناشرين الإخباريين من خلال توجيه أكثر من 24 مليار زيارة شهريا إلى مواقعهم – دون أي تكلفة عليهم – والتي يمكنهم الاستفادة منها ماديا».
ويسعى الناشرون إلى إلزام المنصات الرقمية بالدفع لهم بعد عقد من الزمن شهد مطاردة الناشرين لعائدات الإعلانات عبر الإنترنت الناتجة عن الزيارات من منصات التواصل الاجتماعي والبحث – ليجدوا أن النقرات لا تستطيع تغطية تكلفة الصحافة ذات الجودة العالية. وبدأت الحكومات التي تتمتع بنفوذ سياسي كبير في صناعة الأخبار – ابتداء من أستراليا، بلد امبراطور الإعلام روبرت مردوخ – في النظر في إمكانية إجبار المنصات على الدفع للناشرين.
اقرأ أيضًا.. هل تذكُرونَ «إنترنت إكسبلورر»؟ غوغل قد يواجه نفس المصير!
عصا في يد المنظمين للضغط على غوغل
تعتبر الدراسة الجديدة عصا في يد المنظمين الذين يسعون إلى الضغط على ميتا و(خصوصا) غوغل. وتعتبر إحدى المؤلفات، أنيا شيفرين، من المدافعين عن هذا الجهد منذ زمن، وتؤيد الدراسة حجتها بأن الصحافة الجيدة تحتاج إلى جهد مشترك، وأنه من الضروري أن تقوم المنصات التكنولوجية الكبرى بدورها.
وتقوم الفرضيات الأساسية لهذه الورقة على دراسة أجريت على سويسريين، اكتشفت أن نحو نصف عمليات البحث تكون للحصول على معلومات، وليس، على سبيل المثال، البحث عن موقع ويب معين أو لشراء شيء ما. وفضل سبعون بالمائة من الأشخاص في تلك الدراسة، الذين شاهدوا نسختين من النتائج، نسخة غوغل التي تحتوي على محتوى صحفي عن نسخة بدونه.
تفسر دراسة كولومبيا هذه النتائج بأنها تدل على أن 35% من جميع عمليات البحث تبحث عن محتوى من الناشرين الإخباريين. وتزعم أنه بما أن 50% هي عمولة معتادة لنشر المحتوى (رغم أن المقتطفات المعروضة في البحث ليست مشاركة كاملة)، فإن 17.5% من الإيرادات المتعلقة بعمليات بحث غوغل ينبغي أن تذهب إلى الناشرين.
وعلى الرغم من أنه يبدو أن الحسابات تهدف إلى تضخيم قيمة محتوى الناشرين بالنسبة لغوغل – لكن مؤلفا آخر، وهو هاريس ماتين من جامعة هيوستن، ادعى في مقابلة أن الأخبار لها قيمة عالية بالنسبة للمنصات، «مثل قيمة البث المباشر للرياضات عبر باقات الكابل».
اقرأ أيضًا.. «جينيسيس» أداة غوغل الجديدة.. هل تصبح بديلا للصحفيين؟
ميتا وغوغل في مواجهة مريرة
وتدرس دول من البرازيل إلى الولايات المتحدة تشريعات مماثلة، وتناقش ورقة كولومبيا قانونًا أمريكيًا مقترحًا. وبعد الاتفاق على المدفوعات المتفاوض عليها في أستراليا، أصبحت شركتا ميتا وغوغل الآن في مواجهة مريرة في كندا، حيث قامت ميتا بسحب روابط المواقع الإخبارية من فيسبوك.
ولكن بين الاثنين، ستجد غوغل صعوبة أكبر في التهرب من سياسة مدفوعات الأخبار. من الواضح أن البحث يعتمد على المعلومات، وبينما تهدد الشركة حاليًا بسحب الأخبار من النتائج في كندا، فإن غوغل على المدى الطويل لا تتمتع برفاهية ميتا في التلاعب بصناعة الأخبار. ولا تكمن قيمته في التواصل الاجتماعي أو المحتوى الذي ينشئه المستخدمون، ولكن في تقديم نتائج دقيقة للاستفسارات، بما في ذلك الأخبار.
تجري الشركة أيضًا الجولات الافتتاحية من المفاوضات المعقدة حول ما إذا كان سيتم تعويض ناشري الأخبار عن مجموعات بيانات التدريب على الذكاء الاصطناعي وكيفية تعويضهم – وهي مشكلة تتداخل مع مسألة ما إذا كان ينبغي عليهم الدفع مقابل الأخبار بشكل عام.
وأشاد رود سيمز، الرئيس السابق للجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية، بالدراسة ووصفها بأنه جاء في الوقت المناسب ومفيد للغاية. يقول سيمز إن «الدراسة واضحة من حيث افتراضاتها ومنهجيتها، وبالتالي يمكن أن تعزز نقاشًا مستنيرًا حول ما تدين به غوغل وميتا للناشرين مقابل محتوى الوسائط الإخبارية الخاص بهم». وقال: إن «نهجهم منطقي. لم يعد النقاش يدور حول ما إذا كان ينبغي على المنصات أن تدفع، بل حول مقدار المبلغ»، مختتما بأن «هذه الورقة هي مساهمة مدروسة للغاية في هذا النقاش».