تُعد الدكتورة هدى الخزيمي، الإماراتية والعربية أو المرأة الأولى أحيانًا في العديد من الإنجازات. فعالميًا هي تشغل منصب رئيس مشارك لمجلس المستقبل العالمي في المنتدى الاقتصادي العالمي، ومنصب مديرة وعضو مؤسس لمركز الأبحاث والتطوير في جامعة نيويورك أبوظبي للأمن الإلكتروني، ومديرة مركز البحوث المتقدمة للتكنولوجيا الناشئة وعالمة تشفير إماراتية ورائدة وباحثة من طراز رفيع، حيث ساهمت عبر مسيرتها العلمية في إضافة قيّمة بمجالات التطوير الاقتصادي خصوصًا في مجالات التكنولوجيا المتقدمة وأبحاث التشفير وبناء مراكز عدة في الأبحاث والتطوير التقني المتقدم والاقتصادي، وتمكنت في هذا التخصص النادر والصعب، من خوض تحديّات كثيرة، كما وأسست مجموعتها البحثية المتخصصة في دراسات التكنولوجيا المتقدمة ومجالات التشفير والتقنيات الناشئة التي تندرج خلفها العملات المشفّرة والأصول الرقمية وغيرها عالميًا ومحليًا.
انطلقت «د. الخزيمي» عبر مسيرتها في أكثر من اتجاه، فمن ناحية أسست مجموعتها البحثية الخاصة في مجال التكنولوجيا المتقدمة والناشئة َوالتشفير وغيرها من المشاريع التي أوجدت لها تمويلاً مستدامًا، ومن ناحية أخرى أولت المرأة اهتمامًا خاصًا فشاركت في دعم تأسيس وقيادة جمعية الإمارات الرقمية للمرأة التي تستهدف تغيير النظرة العالمية للمرأة في مجالات التكنولوجيا والرياضيات والمجالات العلمية، كما وساهمت في عالم المال والاستثمارات في المجالات الاقتصادية الناشئة لتكون ملمة بتفاصيل بناء تكنولوجيا علمية من جميع الجوانب.
في السطور التالية تتحدث الدكتورة هدى الخزيمي في مقابلة خاصة مع فاينانشيال فريدوم توداي عن مسيرتها ونجاحاتها في مجال أبحاث التشفير..
فإلى نص اللقاء:
في البداية ما الذي جذبك إلى عالم التشفير؟
عالم التشفير هو مجال دقيق جدًا ويحتاج الكثير من العناية إذا كنت تريد دخوله والتخصص به، وأنا تخصصت قبل أن تنتشر ظاهرة الكريبتو في السنوات الأخيرة على مستوى العالم، في مجال الأمن الذي يتضمن المشتقات التشفيرية الأساسية، المسؤولة عن تأسيس التقنيات التشفيرية التي نراها اليوم مثل البلوكشين والعملات المشفرة و NFTs والأصول الافتراضية، وهي جميعها أدوات تستخدم لأغراض عديدة منها الوصول إلى الحرية المالية.
اقرأ أيضاً.. البلوكشين.. حجز زاوية لإثبات وتداول الملكية الرقمية
الأمر الذي دفعني لأن أتخصص في مجال التشفير، هو أنه يتطلب تعلّم دائم وتحرّي دقيق وشامل في مجال الأبحاث وهو ليس مجالاً ثابتًا يعتمد على قواعد محددة وحسب، فبدايةً تخصصت في مجال الرياضيات والتشفير في فرنسا و لاحقا في مجال الدكتوراة في الهندسة في مجال التشفير وفك التشفير ، وانضممت لمجموعات بحثية عالمية عدة وتعلّمت كيفية بناء أساسيات التشفير في مجال الأجهزة والبرامج كما وانضممت لفرق صناعية عالمية مختلفة في المجال لتعلم كيفية بناء التكنولوجيا التي نستخدمها في الأجهزة المختلفة وكانت مرحلة غنية جدًا بالخبرات و بالمعلومات في حياتي.
أدركت في مرحلة متقدمة أن رحلة تطوير و بناء مجموعة بحثية من دون الأخذ بعين الاعتبار كيفية تمويلها سيتسبب بمشاكل قد تعرقل استمراريتها و قيمتها الاقتصادية.
ما هي أبرز المحطات البحثية التي مررت بها حتى الآن؟
المعرفة والعلم شيء مستمر، ولكن ينبغي أن نعرف كيف نوظف هذا العلم والمعرفة في مجالات بحثية و صناعية صحيحة، ولطالما سعيت منذ بداية مسيرتي أن أمتلك عمقًا بالمعرفة التطبيقية في هذا المجال، وأن أكون على دراية معمّقة بتفاصيله وأن أساهم في تطويره أيضًا، لذلك أسست مجموعتي البحثية الخاصة لتساهم في بناء وتحسين هذا المجال، ووضع بصمة تترك أثر اقتصادي واجتماعي، وتحقق عائدات مادية أيضًا، لأنني أرى أن بناء مجموعة بحثية فقط من دون الأخذ بعين الاعتبار كيفية تمويلها وضمان استمراريتها، سيتسبب بمشاكل قد تعرقل استمرارية عمل هذه المجموعة على المدى الطويل. لذلك أنا لم أتخصص فقط في مجال التشفير، بل دخلت أيضًا عالم الاستثمارات والمال والقانون المالي العالمي لأكون ملمّة بالتفاصيل التي ستساهم في بناء مجموعة بحثية سليمة تستطيع الصمود على المدى الطويل.
اقرأ أيضاً.. تمكين المرأة.. 7 مشروعات يمكن للنساء تنفيذها بتقنيات البلوكشين
ما هو دور جمعية الإمارات الرقمية للمرأة، في تمكين المرأة في هذه المجالات؟
تأسست جمعية الإمارات الرقمية للمرأة منذ 2011 لأننا أردنا أن نغير النظرة العالمية المأخوذة عن دور المرأة في مجالات التكنولوجيا والرياضيات والمجالات العلمية المماثلة، وأردنا مشاركة التجربة في العالم العربي بشكل عام ليس فقط الإمارات، فأنا درست في جامعة الإمارات وكنت من ضمن الـ70% من النساء اللواتي دخلن مجال التكنولوجيا، وعندما سافرت إلى أوروبا توقعت أن تكون النسبة مماثلة أو أفضل مما هي عليه في الإمارات، لكني تفاجأت أن الأمر لم يكن كذلك، بل يمكننا تقدير نسبة النساء في هذا المجال بـ 12%، وكلما تدرجت في العلم كلما تقلصت هذه النسبة، ولما أنجزت الدكتوراه توقعّت أن تتحسن النسبة لكنها كانت فقط حوالي 1%، وفي كل خطوة كنت أخطوها إلى الأمام في هذا المجال أكتشف أن نسبة المرأة في هذه المجالات على مستوى عالمي في تضاؤل شديد.
اقرأ ايضاً.. أهم 5 دورات في تكنولوجيا البلوكشين للمبتدئين
إلّا أنه على المستوى المحلي لدينا نجاحات كبيرة في هذا المجال، ويمكنني القول أنه يعود الفضل للبيئة المحلية المواكبة للتكنولوجيا، والداعمة للمرأة لتتخصص في مجالات التكنولوجيا، والمجالات العلمية ومجالات الرياضيات، وهو أمر لا نراه كثيرًا في أوروبا أو في أمريكا أو في مناطق مختلفة في آسيا.
على المستوى المحلي لدينا نجاحات كبيرة في دعم المرأة بفضل البيئة المحلية المواكبة لقطاع التكنولوجيا
لذلك أردنا نحن في جمعية الإمارات الرقمية للمرأة، أن نصنع الإحصائيات الخاصة بنا على الصعيد المحلي، وألا نخضع للإحصاءات العالمية التي لا تعكس الأرقام الصحيحة في المنطقة، فمثلاً نسبة تواجد المرأة عالميا في قطاع التكنولوجيا قد تكون 23%، ولكن النسبة في العالم العربي هي حوالي 60% أو 70% فالنساء يقمن بإنجازات عظيمة في هذا المجال في المنطقة. لذلك معظم جهودنا في جمعية الإمارات الرقمية للمرأة، هي لتقديم فرص تعليمية وتدريبية للنساء مجال التكنولوجيا، كالروبوتيكس والذكاء الاصطناعي وأمن المعلومات، لضمان الحفاظ على هذه النسبة ورفعها، لا سيما أننا نعيش في بيئة تكنولوجية على تطور دائم.
كيف ستساهم العملات المشفرة والبلوكشين في تحسين جودة الخدمات المقدمة في البلاد؟
من أفضل الخدمات التي تقدمها تطبيقات البلوكشين والعملات المشفرة التي نراها اليوم هي تحسين الخدمات الحكومية، بفضل دمج التكنولوجيا في قطاع الحكومات بإمكاننا ابتكار نوع من الخدمات الذكية الحكومية لتكون متاحة لمختلف الأشخاص بشكل عام، وتحسين وصول هذه الخدمات للفئات الاجتماعية المختلفة في الوقت المناسب، وأنا أرى أن العقود الذكية والبلوكشين والعملات المشفرة هي وسائل مهمة جدًا في الوقت الحالي لتحسين وصول هذه الخدمات لأيدي الأفراد.
العقود الذكية والبلوكشين والعملات المشفرة هي وسائل مهمة جدًا في الوقت الحالي لتحسين وصول هذه الخدمات لأيدي الأفراد
ما هي النصيحة التي تودّين تقديمها للشباب في هذا المجال؟
أفضل نصيحة بإمكاني تقديمها للشباب هي أن يتسلحوا بالعلم، لأنه ما يحقق فعلاً تغيير في حياة الإنسان هو نوع المعرفة التي يبنيها والخبرات التي يكتسبها في مختلف محطات حياته، أنصحهم بعدم التوقف عن التعلم لأننا نعيش في عالم متسارع والاقتصادات تتغير بشكل كبير، وأنصحهم بعدم الاستسلام لأنه دائمًا هناك حلول لأي مشكلة نواجهها، المهم هو المثابرة والتعلم دائمًا والسعي نحو الأفضل، لأن الأفراد الذيم يحققون إنجازات في حياتهم، هم أشخص لم يستسلموا أمام الصعوبات، بل عملوا وثابروا لإيجاد حلول وابتكارات فعالة للوصول لأهدافهم في خلق قيمة اقتصادية لما تعلموه. و أن يكون لديهم تركيز عالي على الإنتاجية عالية القيمة الاقتصادية لما قد يطوروه من علومهم المكتسبة يخولهم أن يكونوا من العناصر المنتجة و ليس المستهلكة فقط عالميًا في مجالاتهم.