تعرضت شركة أوبن إيه آي OpenAI، المتخصصة في مجال الذكاء الاصطناعي، لتغيير هام في قيادتها، بعد أن أقال مجلس الإدارة سام ألتمان، من رئاسة الشركة، وعين ميرا موراتي، كرئيسة تنفيذية انتقالية. وقالت الشركة إن موراتي تمتلك خبرة كبيرة في إدارة مشاريع الابتكار الرائدة، على رأسها تشات جي بي تي ChatGPT ودال – إي (DALL-E).
ميرا موراتي.. القوة الخفية وراء ChatGPT
ميرا موراتي، هي الشخصية البارزة في شركة أوبن إيه آي OpenAI، والقوة الخفية وراء برنامج ChatGPT، الذي يتيح للمستخدمين الدردشة مع برنامج الذكاء اصطناعي، والذي تم إطلاقه في نوفمبر من العام الماضي. ميرا موراتي، التي كانت تشغل منصب كبيرة مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، قبل أن تصبح رئيسة تنفيذية مؤقتة، تعد أحد أبرز مواهب الذكاء الاصطناعي، وتطمح إلى قيادة مرحلة جديدة في الشركة وفي تطور الذكاء الاصطناعي.
ولدت ميرا موراتي في ألبانيا، في عام 1986 في بلدة صغيرة. وكانت مهتمة بالتكنولوجيا والعلوم منذ طفولتها، ودرست علوم الكومبيوتر في جامعة تيرانا، حيث تخرجت بتفوق. وبعد حصولها على شهادة البكالوريوس، انتقلت إلى الولايات المتحدة وحصلت على شهادة الماجستير من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا.
اقرأ أيضًا: سام ألتمان: ماذا جرى في الساعات الأخيرة من فصل رجل ChatGPT؟
ميرا موراتي.. من تسلا إلى أوبن إيه آي
عملت ميرا موراتي في شركة تسلا لصناعة السيارات الكهربائية، التي يملكها الملياردير إيلون ماسك، وشاركت في تطوير برنامج «Autopilot»، وهو برنامج يساعد السائقين على استخدام الذكاء الاصطناعي، وكذلك في صناعة الروبوتات الذكية لمصانع الشركة، وهذا ما جعلها تفكر في إمكانيات الذكاء الاصطناعي في الحياة العملية.
وفي عام 2016، انضمت ميرا موراتي إلى شركة ليب موشن (Leap Motion)، للعمل على نظام الواقع المعزز الذي يهدف إلى استبدال لوحات المفاتيح بالحركات اليدوية. وكانت نائبة الرئيس للمنتج والهندسة، وكانت تريد أن تجعل التفاعل مع الكمبيوتر أكثر طبيعية ومتعة، لكنها وجدت أن التكنولوجيا المستندة إلى الواقع الافتراضي لم تنضج بعد للوصول إلى جمهور واسع.
وفي عام 2018، انتقلت ميرا موراتي إلى شركة أوبن إيه آي،، وبدأت في استخدام الذكاء الاصطناعي لإنشاء برامج تساعد البشر، وأول مشروع لها كان إشرافها على إطلاق برنامج تشات جي بي تي، وهو برنامج يعتمد على الذكاء الاصطناعي للدردشة مع الناس، وهو ما يعكس رؤيتها لجعل الذكاء الاصطناعي متاحًا للجميع.
اقرأ أيضًا: ميرا موراتي.. حكاية حسناء صنعت ثورة ChatGPT
ميرا موراتي وعصر جديد للذكاء الاصطناعي
ميرا موراتي، هي إحدى الشخصيات التي تؤمن بإمكانيات الذكاء الاصطناعي وتحب أن تجرب هذه المنتجات مع الجمهور. وقالت في حوار مع موقع فاست كومباني: «يمكنك أن تحقق تقدمًا تكنولوجيًا في المختبر دون الحاجة إلى التواصل مع العالم الحقيقي، ولكن السؤال هو: هل أنت بالفعل تسير في الاتجاه الصحيح؟»
وتعتقد ميرا موراتي أن تطوير الذكاء الاصطناعي العام (AGI) في عزلة عن المجتمع، قد يزيد من الصدمة الاجتماعية عندما يخرج إلى النور. وترى أن تعليم نماذج اللغة الكبيرة للشركة بواسطة التعلم المعزز، هو طريقة أفضل لمواجهة أي تحديات في أداء الذكاء الاصطناعي، وطريقة لإشراك الجمهور في الحوار، وهي ما تراها بداية عصر جديد لهذه التكنولوجيا.
وقد أثار الاهتمام الكبير بالذكاء الاصطناعي والنقاش حوله، بعض المخاوف بشأن إمكانيات هذه التكنولوجيا، مثل استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لنشر معلومات خاطئة أو أجندات مؤذية لمجموعات معينة من الناس؛ لذلك تؤمن موراتي بضرورة تنظيم الذكاء الاصطناعي؛ وحذرت من أن عدم ذلك قد يؤدي إلى الانهيار الاجتماعي. وقالت لصحيفة ديلي شو العام الماضي: «لدينا فلاسفة وعلماء أخلاق في أوبن إيه آي، لكنني أعتقد حقًا أن هناك أسئلة اجتماعية كبيرة لا يجب أن تكون في يد واحدة من خبراء التكنولوجيا».
وفي وقت سابق، أكدت ذلك لمجلة تايم حين قالت: «إنها لحظة فريدة من نوعها حيث لدينا الفرصة لتحديد كيفية تشكيل المجتمع. وهناك تفاعل بين التكنولوجيا والمجتمع: التكنولوجيا تؤثر علينا ونحن نؤثر عليها… وهناك الكثير من الأسئلة حول التأثير الاجتماعي، وهناك الكثير من الأسئلة الأخلاقية والفلسفية التي نحتاج إلى النظر فيها. ومن المهم أن نجلب أصواتًا متنوعة، مثل الفلاسفة وعلماء الاجتماع والفنانين والمتخصصين في العلوم الإنسانية».
اقرأ أيضًا: أوبن إيه آي تطرح ميزات جديدة في تشات جي بي تي.. ما هي؟
الخلاف بين ميرا موراتي وسام ألتمان
ميرا موراتي، تتفق مع سام ألتمان، في أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي ؛ لكنها تختلف معه حول فكرة استكشاف الذكاء الاصطناعي العام الواعي، لأنه بينما يمتلك ألتمان موهبة في جذب الانتباه بالإشارة إلى قصص الرعب في الخيال العلمي، تعتبر موراتي الوعي مفهومًا فلسفيًا، وليس علميًا.
وتسعى موراتي إلى بناء عصر جديد لـ«أوبن إيه آي»، تريد فيه إعادة تصور اختبار «تورينج» لتحديد ما إذا كان الكمبيوتر يستطيع التفكير مثل الإنسان، ودمج مجموعة واسعة من المهام المعرفية، ولكن أهم شيء، تريد أن تتعلم أنظمة شركتها من البشر والحيوانات.
من ناحية أخرى، أعلنت موراتي أن الشركة لم تكن مستعدة للشهرة التي حصل عليها برنامج الذكاء الاصطناعي تشات جي بي تي، عندما تم إطلاقه في نوفمبر العام الماضي. وقالت موراتي، في مقابلة مع مجلة فورتشن الأميركية: «فوجئت بالاستقبال الكبير لروبوت الدردشة المبتكر الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي».
وأضافت: «كنا نعتقد أنها ستكون مهمة عادية، لكن جميع الاستعدادات التي قمنا بها لم تكن كافية لما حدث»، مشيرة إلى أنه «كان علينا أن نتكيف ونغير طريقة عملنا، لكنني أعتقد أن هذا هو في الحقيقة المفتاح لكل ما نفعله لأن وتيرة التقدم في التكنولوجيا سريعة للغاية».