من قاعدة «البيتزا» التي يدير بها اجتماعاته مع موظفيه مرورًا بالسماح بالاختلاف في الرأي ثم الاتفاق على رؤية واضحة، إلى التحفيز على التفكير بشكل أوسع وأكبر، يشارك جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون الذي يوصف بأنه «زعيم الأعمال الأكثر غرابة في عصرنا» رؤيته لإدارة الفريق للوصول إلى النجاح الذي باتت عليه الشركة رائدة التجارة الإلكترونية في العالم والتي جعلته ثاني أغنى رجل في العالم بثروة تقدر بحوالي 211 مليار دولار، وفقًا لمؤشر بلومبرغ للمليارديرات.
التحفيز على التفكير بشكل أوسع
في محاضرة له عام 2017، أشار آندي جاسي إلى أن جيف بيزوس كان يمتلك القدرة على تحفيز فرقه للتفكير بشكل أوسع وأكبر، مشددًا على أهمية أن يحمل كل فريق رؤية شاملة تتجاوز الحدود الضيقة، متطلعين إلى الابتكار والإبداع لصالح الشركة.
وتابع جاسي موضحًا: «لقد كان ملهمًا رؤية الأفكار المتنوعة التي تقدمها الفرق، والتي كانت في الغالب مبتكرة وقيمة. بيزوس كان يستمع إليها، يتأمل فيها، ثم يساعد في توسيع نطاقها، مقترحًا دائمًا أن نفكر في كيفية تطوير هذه الأفكار لتصبح أكبر وأشمل مما هي عليه».
وفي تأكيد لهذه الفلسفة، قال بيزوس في إحدى تصريحاته: «كل الإنجازات العظيمة تنطلق من بدايات متواضعة، فأضخم أشجار البلوط تنبت من بذرة صغيرة».
اقرأ أيضًا: جيف بيزوس.. قصة موظف وول ستريت الذي تحول إلى ملك التجارة الإلكترونية
معايير صارمة
كان جيف بيزوس يضع معايير صارمة في إدارة الشركة يحلم من خلالها الوصول إلى منتجات تتمتع بجودة عالية جدًا، وهو أمر منطقي بالنسبة لشركة عملاقة في حجم أمازون، لديها الإمكانات لتحقيق ذلك، وهو ما أسهم في منح الشركة الريادة في عالم التجارة الإلكترونية.
وأوضح بيزوس، ذات مرة، أن «إدارة مؤسسة ضخمة يتيح لك فرصة تحديد معايير عالية بطريقة منطقية، وأحيانًا حتى أعلى من المنطقي، مما يعطيك قوة دفع ويحثك على السعي نحو تحقيق طموحات عظيمة».
الرؤية طويلة الأمد
أولى جيف بيزوس، الملياردير، اهتمامًا خاصًا بالسرعة في التنفيذ مع الحفاظ على رؤية استراتيجية طويلة الأمد للشركة، إذ يجب أن يكون المرء صبورًا في تطوير الرؤية، ولكن يجب أن يكون حازمًا وسريعًا في الإجراءات والتنفيذ.
وذكر آندي جاسي، متحدثًا عن نهج جيف بيزوس في إدارة أمازون: «كان بيزوس دائمًا مؤمنًا برؤيته الطويلة الأمد، ولم يتزعزع حتى عندما يشكك الآخرون في إمكانية تحقيقها».
وأضاف: «قد يظن البعض أن إصراره نابع من العناد، ولكن الحقيقة أنه كان مقتنعًا برؤيته. وعلى الرغم من أن الوصول إلى الأهداف قد يستغرق وقتًا طويلًا، إلا أنه كان يعي أهمية السرعة في التنفيذ، مع الحفاظ على الصبر عند توقع النتائج المتعلقة بالرؤية الكبرى».
اقرأ أيضًا.. التجارة الإلكترونية.. الطريق إلى الحرية المالية
استراتيجية الاجتماعات الفعّالة
من الطرق الفريدة التي اتبعها جيف بيزوس في إدارة أمازون، كانت إجراء الاجتماعات بأعداد محدودة من الموظفين، وفقًا لما يُعرف بـ«قاعدة البيتزا». هذه القاعدة تقتضي أن يكون عدد الحاضرين في الاجتماع محدودًا بحيث يمكن لكل منهم أن يأكل قطعتين من البيتزا، مما يعني أنه إذا كانت البيتزا تُقسم إلى عشر قطع، فإن الاجتماع يجب ألا يضم أكثر من خمسة أشخاص.
وفقًا لبيزوس، هذا النهج يساهم في تعزيز الإنتاجية والسرعة والتعاون، حيث يُعتبر التفاعل ضمن مجموعة صغيرة أكثر كفاءة.
كما أشار بيزوس إلى أن لدى أمازون ثقافة اجتماعات فريدة من نوعها، حيث يُمنع استخدام برنامج باور بوينت (PowerPoint) في الاجتماعات.
وأضاف: «في كل اجتماع، يُعد أحد الحاضرين مذكرة مفصلة من ست صفحات تحتوي على جمل كاملة وأفعال محددة، بدلاً من الاعتماد على النقاط النقطية. هذه المذكرة تُعد لتوفير السياق اللازم للنقاش الذي سيتم إجراؤه».
وأوضح بيزوس أن الاجتماع المثالي في نظره يتطلب أيامًا من التحضير ويشمل وثيقة مدروسة ونقاشًا حيويًا.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني أرسلها إلى فريقه في عام 2004، كشف بيزوس عن سبب عدم تفضيله لبرنامج باور بوينت، قائلًا: «العروض التقديمية بأسلوب باور بوينت تسمح بإخفاء الأفكار وتقليل الشعور بأهميتها النسبية، وتغفل عن الربط بين الأفكار».
اقرأ أيضًأ: كيف حوّلت نصيحة جيف بيزوس 10 آلاف دولار لمليارات؟
الاستماع الفعّال لآراء العملاء
يُعد التواصل المباشر مع العملاء جزءًا لا يتجزأ من نهج جيف بيزوس في الإدارة، حيث يولي اهتمامًا شخصيًا لآرائهم ويضمن إيصالها إلى الأقسام المختصة.
وصرح بيزوس: «أطلع على أغلب الرسائل الواردة، وأحيلها إلى القيادات التنفيذية المعنية مرفقة بعلامة استفهام، للتحقيق في الأمر وفهم الأسباب».
وأكد بيزوس على أن التميز في أمازون يكمن في التركيز على العميل بدلًا من التركيز على المنافسين، مشيرًا: «غالبًا ما تدعي الشركات أنها تضع العميل في صميم اهتماماتها، لكنها تستنزف طاقتها في مجاراة المنافسين».
وفي عام 1997، بادر بيزوس بإرسال رسائل إلكترونية لألف عميل يستفسر عن ما يودون أن تقدمه الشركة، ومن بين الردود، أعرب أحد العملاء عن رغبته في شراء شفرات مساحات الزجاج الأمامي، مما دفع بيزوس للتفكير: «يمكننا بيع أي شيء بهذه الطريقة».
التوافق بعد الاختلاف
في رسالته للمساهمين لعام 2016، ناقش جيف بيزوس أهمية ما يُعرف بـ”الخلاف ثم الالتزام” كجزء من عملية اتخاذ القرارات. يعتبر بيزوس أن وجود اختلاف في الآراء يمكن أن يكون مثمرًا، ولكن يجب على الجميع في النهاية الالتزام بالقرار الجماعي للشركة.
وأضاف بيزوس: «إذا كنت مقتنعًا باتجاه ما دون توافق الآراء، فمن المهم أن تطلب من الآخرين: هل تثقون بي في هذا الرهان؟ هل يمكننا الاختلاف ومع ذلك نلتزم؟ وعندما تصل الأمور إلى هذه النقطة، لا يمكن لأحد أن يكون متأكدًا من النتيجة، ولكن من المرجح أن تحصل على موافقة سريعة».
اقرأ أيضًا: جيف بيزوس.. 4 صفات استثنائية وراء ثاني أغنى رجل بالعالم
تمييز أنواع القرارات
في رسالته إلى المساهمين عام 2015، ذكر جيف بيزوس أنه يفرق بين نوعين من القرارات: النوع الأول ذو التأثير العميق والذي يؤثر بشكل مباشر على استراتيجية الشركة، والنوع الثاني الذي يحمل مخاطر أقل ويمكن التراجع عنه بسهولة إذا دعت الحاجة.
يشير بيزوس إلى أن القرارات الاستراتيجية من النوع الأول تستهلك الجزء الأكبر من الوقت، بينما ينبغي تفويض القرارات التكتيكية من النوع الثاني أو تأجيلها لتجمع مع قرارات أخرى أقل أهمية.
وينصح بيزوس بأن يتم اتخاذ القرارات بناءً على 70% من المعلومات المطلوبة، ومن ثم البناء على ذلك. يبرر ذلك بأن الانتظار للحصول على كل المعلومات يؤدي إلى بطء في الأداء. ويفضل بيزوس اتخاذ القرارات في الصباح للاستفادة من اليقظة الذهنية.