كانت الدموع تنهمر من عيني مالو برادو وهي تتذكر التحديات والصعاب التي قابلتها في حياتها قبل أن تجلس على مقعد الرئيس التنفيذي اليوم. في سن مبكرة جدًا كانت تقف في سوق مدينة كافيت في الفلبين لتساعد والدها في بيع السمك المدخن. كانت تفعل ذلك جنبًا إلى جنب مع دراستها. بعد التخرج في كلية إدارة الأعمال بجامعة مانيلا تسافر إلى تايوان، وهناك أصبحت عاملة في مصنع، ثم بعد سنوات قليلة ينتهي عقد العمل وتعود إلى مسقط رأسها حيث لا عمل. في هذه المرة وضعت نصب عينيها السفر إلى دولة الإمارات العربية المتحدة حيث وجهة أحلامها لحياة أفضل، فتسافر مع زوجها وقلبها يتمزق على طفلتها التي تركتها في عمر الـ3 شهور. لم تكن السنوات الأولى في لها هناك في أحسن الأحوال ماليًا. عملت في أدنى الوظائف، وأصيبت بالاكتئاب في أعلى درجاته، لكنها لم تعرف الاستسلام. تغيرت حياة مالو برادو المدير التنفيذي لوكالة MPQ للسفر والسياحة في دبي بفضل إصرارها على النجاح. وأصبحت اليوم على رأس الوكالة التي تمتلك 3 أفرع في دولة الإمارات، وآخر في لاس فيغاس بالولايات المتحدة.
مالو برادو والهروب من الفقر
نشأت برادو في أسرة فقيرة في الفلبين. تتذكر مالو برادو في مقابلة مع غولف نيوز: «عندما نشأت في مدينة كافيت في الفلبين، كان والداي يخبرانني دائمًا بأن التعليم هو التذكرة الوحيدة للهروب من الفقر. وفي محاولة للتغلب على القيود المالية، قمت بمساعدة والدتي في بيع تينابا (السمك المدخن) في السوق المحلية. وبفضل إصراري ورغبتي في إنهاء دائرة الفقر، حصلت على درجة بكالوريوس العلوم في إدارة الأعمال من جامعة ليسيوم مانيلا».
بعد التخرج، أصبحت مالو برادو عاملة في مصنع في تايوان عام 1999، حيث التقت بزوجها روبرت برادو. وبعد انتهاء عقد العمل، عادا إلى الفلبين في عام 2004. وبما أنها لم تتمكن من العثور على وظيفة في البلاد، قررت العمل في الخارج، وهذه المرة في الإمارات العربية المتحدة.
فرصة في دبي
تقول برادو: «بعد تايوان، وضعت نصب عيني دولة الإمارات العربية المتحدة، وجهة أحلامي لحياة أفضل. في عام 2005، وصلت إلى دبي بتأشيرة زيارة. خلال الأشهر الثلاثة الأولى من إقامتي في دبي، كنت أواجه صعوبة في العثور على وظيفة مستقرة. لقد سافرت بالطائرة إلى جزيرة كيش في إيران عدة مرات، ذهابًا وإيابًا، لتغيير التأشيرة ولأغراض التمديد وعملت بشكل مستمر في وظائف غريبة، مثل عامل نظافة، ومساعد، ومقدم طعام، وبائعة، من بين وظائف أخرى. أتذكر أنني كنت أعمل في وظائف بدوام جزئي في بعض المناسبات، وأقوم بخدمات تقديم الطعام لحفلات الزفاف، حيث أحمل الطاولات والكراسي، وأقدم الطعام للضيوف، وأغسل الأطباق، وأكسب ما بين 80 إلى 100 درهم في اليوم. في بعض الأحيان كان المنظمون يقدمون لي الطعام فقط، ولا يدفعون لي أي مبلغ مقابل خدماتي».
اقرأ أيضًا.. نصائح بناء الثروة من مفلس أصبح يمتلك 200 مليون دولار.. ماذا قال؟
تضيف «لقد سئمت من تناول المعكرونة والشاورما، لأننا لم نتمكن من شراء وجبة كاملة. كما أنني كنت قلقة بشأن دفع إيجار مساحة سريري في دبي. أنا وزوجي شغلنا السرير العلوي بطابقين، لأنه كان أرخص من الطابق السفلي. وبينما كنت أكافح من أجل البقاء، كنت قلقة أيضًا بشأن إرسال الأموال لدعم عائلتي في الفلبين، لكنني كنت مفلسة تمامًا. لقد تحطم قلبي، حيث لم أتمكن من توفير أي شيء لابنتي البالغة من العمر ثلاثة أشهر في الفلبين في ذلك الوقت».
مالو برادو لا تفقد الامل
لم تفقد برادو، البالغة من العمر 46 عامًا، ثقتها أبدًا في توقيت الحياة، معتقدة أن لحظة الفرصة ستأتي لها. قالت: «أنا على ثقة دائمًا أن التوقيت هو كل شيء في الحياة. أعتقد أن مجرد عدم حدوث ذلك في ذلك الوقت لا يعني أنه لن يحدث أبدًا. صليت وطلبت من الرب المساعدة. وقد حدث ذلك. في أحد الأيام، كان مسؤول العلاقات العامة في الشركة التي عملت بها أختي يبحث عن موظفين. على ما يبدو، كان أحد مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة يبحث عن شخص موثوق به لإدارة وكالة السفر التي افتتحها حديثًا. في البداية، عرض عليّ وظيفة وكيل مستقل لترتيب أماكن الإقامة للزوار من رجال الأعمال، وبيع تأشيرات وتذاكر دولة الإمارات العربية المتحدة في عام 2006».
أضافت «لقد عقدت العزم على تجاوز وضعي المالي المتردي، وقبلت عرض العمل في الشركة بدون راتب، ولكن على أساس العمولة. لقد أرسلني إلى طيران الإمارات للتدريب. لقد قمت ببعض الأبحاث وحضرت الندوات والمزيد من الدراسة الذاتية لتعلم أسرار العمل. وقبلت التحدي بحماس، وضعت دون قصد الأساس لنجاحي المستقبلي. لقد ثابرت وأصبحت مدير سفريات. لقد اجتذبت العديد من العملاء، و90% من عملائنا هم من الفلبينيين، وبالتالي كان العمل ينمو. ومع بدء ازدهار صناعة السياحة في دبي، بدأت روح ريادة الأعمال لدي في الازدهار. أتاحت لي هذه المخاطرة إثبات نفسي كمتحدي ومقاتل حقيقي، وفتحت لي أبوابًا أمام إمكانيات جديدة. أدركت أن كوني سيدة أعمال هو هدفي. لقد قمت بتأسيس MPQ للسفر والسياحة، دبي، في عام 2013».
اقرأ أيضًا.. نصائح وارن بافيت للاستثمار الناجح
القيود المفروضة على السفر
تأتي إدارة وكالة السفر مع نصيبها العادل من التحديات، بما في ذلك المنافسة الشرسة في الصناعة وإدارة توقعات العملاء والظروف غير المتوقعة مثل جائحة كوفيد-19. بصفتها الرئيس التنفيذي لشركة السفر، وجدت برادو صعوبة في البقاء واقفة على قدميها، حيث دخل العالم في حالة إغلاق أثناء الوباء.
تتذكر برادو: «خلال عمليات إغلاق السفر، واجهت وكالتنا تحديات كبيرة. لم يكن هناك سوى عدد قليل من العملاء، وكانت الرحلات الجوية تتناقص إلى الصفر في بعض الأحيان. اضطررت إلى إغلاق المكتب، وطلبت من الموظفين البقاء في المنزل لفترة من الوقت. لم أكن أعرف من أين يمكنني الحصول على المال لدفع تكاليف الموظفين وإيجار المكاتب والنفقات اليومية. كنت يائسة للغاية، وأصبت بانهيار».
مع دورات الصعود والهبوط، تعلمت مالو برادو كيفية التغلب على التحديات وثابرت خلال السنوات الصعبة بدعم من زوجها. «والآن، نمتلك منزلاً في الفلبين، ونستكشف أوروبا والأمريكتين والشرق الأوسط مع عائلتي. اليوم، نمت الوكالة مع ثلاثة فروع في دبي ولدينا فرع في لاس فيغاس، بالولايات المتحدة الأمريكية، وآخر في الفلبين. حاليا، هناك 20 موظفا في المجموع».
نصائح مالو برادو للادخار
تفتخر برادو بأنها نجت من كل تحديات الحياة. لقد تعلمت دروساً قيمة في الادخار خلال رحلتها نحو الاستقرار المالي. تشارك برادو عاداتها الادخارية:
• وضع أهداف مالية واضحة: أعرف بشكل مباشر أهمية وجود أهداف مالية واضحة. عندما بدأت رحلتي في ريادة الأعمال، قمت بتحديد أهداف محددة لتوسيع الأعمال وتأمين مستقبل عائلتي.
• إنشاء ميزانية: إدارة الشؤون المالية بشكل فعال أمر بالغ الأهمية. لقد أنشأت بجد ميزانية سمحت لي بتتبع دخلي ونفقات العمل والإنفاق الشخصي، مما مكنني من تخصيص جزء من أرباحي للمدخرات.
• إعطاء الأولوية للادخار: قبل أي شيء آخر، حرصت على ادخار المال جانباً لمستقبلي، وتعاملت معه باعتباره التزاماً غير قابل للتفاوض.
• الحفاظ على نهج خالي من الديون: لقد فهمت عبء الديون، لذلك جعلت من أولوياتي تقليله. ومن خلال البقاء خاليًا من الديون، يمكنني التركيز أكثر على الادخار والاستثمار على المدى الطويل.
اقرأ ايضًا.. الادخار أم سداد الديون أولًا؟.. استمع إلى نصائح الخبراء
خطط مستقبلية
وبالنظر إلى المستقبل، تخطط برادو لتوسيع تواجد وكالات السفر الخاصة بها على المستوى الدولي. وقالت: «أتصور وجود فريق متحمس للغاية يشاركني قيمي وثقافة التميز والتركيز على العملاء. وباعتباري سيدة أعمال شغوفة، فأنا منفتحة على استكشاف فرص جديدة والمساهمة بشكل إيجابي في المجتمع الفلبيني وصناعة السفر العالمية».
إن رحلة برادو من بداياتها المتواضعة إلى ريادة الأعمال المزدهرة في دبي هي شهادة على قوة المثابرة والإيمان بالنفس. تقول برادو: إن «قبول التحديات كفرص للنمو، والقدرة على التكيف، وتعزيز أخلاقيات العمل القوية كانت من العوامل الرئيسية في إنجازاتي. أعتقد أن النجاح يتطلب العزيمة والمرونة، وأحث زملائي من رواد الأعمال على أن يكونوا مدفوعين بالشغف والهدف، وأن يتبنوا التحديات، وألا يغفلوا أبدًا عن أهدافهم. أحط نفسك بفريق متخصص يشاركك رؤيتك وقيمك، لأنها ستكون حاسمة لنجاحك».