في مقاطعة كالتانيسيتا الواقعة في جزيرة صقلية جنوبي إيطاليا تقع بلدة موسوميلي (Mussomeli) الإيطالية، وهي بلدة صغيرة يقطن بها نحو 9900 شخص فقط. تضم البلدة عددًا من المنازل المهجورة التي تباع مقابل يورو واحد فقط (أو ما يقرب من 1.05 دولار) مع تعهد المشتري بتحمَّل تكاليف تجديد المنزل.
في عام 2019، سمعت الأميركية روبيا دانيلز عن ذلك العرض، فكان عليها أن تلقي نظرة بنفسها. حجزت الأميركية المقيمة في بيركلي، كاليفورنيا، رحلتها الأولى إلى موسوميلي، صقلية، وسرعان ما انتهى بها الأمر بشراء ليس عقارًا واحدًا، ولا اثنين، بل ثلاثة عقارات متهالكة بسعر منافس.
لدى دانيلز، البالغة من العمر 50 عامًا، خلفية في مجال البناء جعلها تحلم بإقامة ثلاثة مشاريع: منزل لقضاء العطلات، ومطعم، ومركز صحي. لقد أنفقت حتى الآن حوالي 35 ألف دولار في تجديد منزل العطلات بالتعاون مع فريق محلي.
على الرغم من الضغوط الناجمة عن تجديد المنزل في جميع أنحاء العالم خلال وباء كورونا. ترى روبيا دانيلز أن الحياة في موسوميلي قد أتاحت لها فرصة العيش بأسلوب يتسم بالبساطة والهدوء، ويحقق لها التوازن بين العمل والاستمتاع بالحياة، وهو ما كانت تبحث عنه.
اقرأ أيضًا.. نصائح مليونيرة عانت تجربة التشرّد: كيف تعلم أطفالك الاستقلال المالي؟
روابط اجتماعية أقوى
كان الشعور بالحفاوة والترحاب أحد الدوافع الرئيسية لدانيلز لشراء عقار في موسوميلي. الوكيلة العقارية، ناتالي ميلاتسو، قدمت لدانيلز تجربة حقيقية للحياة اليومية في المدينة من خلال جولات في المطاعم والمقاهي وأماكن أخرى، وأصبحت دانيلز تعتبرها الآن «شقيقة» لها.
مع أن موسوميلي بلدة صغيرة بعدد سكان يقارب 9900 نسمة، إلا أن دانيلز تجد أن العلاقات الاجتماعية هناك قوية ومتينة.
تقول دانيلز لـ سي إن بي سي: «إن بناء الصداقات في صقلية يتم بسهولة أكبر مقارنةً بكاليفورنيا. الحياة الاجتماعية هنا تحظى بأهمية كبيرة، فالجميع يجد الوقت للتحدث معك، للتعرف عليك، أو حتى لمشاركة فنجان قهوة».
وجدت دانيلز صديقة مقربة في كاترينا مونتانينو، وهي من سكان البلدة وأصبحت جزءًا من عائلتها. استضافت دانيلز مونتانينو وزوجها خلال زيارتهما الأخيرة إلى كاليفورنيا.
تشير دانيلز إلى أن هذا لا يعني أن جيرانها في كاليفورنيا ليسوا ودودين، ولكن وتيرة الحياة هناك مختلفة، حيث يكون الناس عادةً مشغولين ولا يجدون الوقت الكافي للأنشطة الاجتماعية.
اقرأ أيضًا.. «البيت الخفي»: جولة في «أحد أروع المنازل بالعالم» على تطبيق Airbnb
مشاكل مالية أقل وضغط أقل
يختلف نمط الحياة في موسوميلي عن كاليفورنيا، خاصةً فيما يتعلق بإدارة الوقت والأنشطة اليومية. ففي صقلية، يأخذ السكان استراحة طويلة للغداء والقيلولة تمتد من الظهر حتى الساعة الرابعة مساءً، وهي الفترة التي تكون فيها أغلب المحلات مغلقة. كما أن العشاءات العائلية الممتدة والتي تبدأ في الساعة التاسعة مساءً وتستمر حتى منتصف الليل هي جزء من الثقافة الاجتماعية.
التكلفة المعيشية في صقلية معقولة وتوفر جودة حياة عالية مقارنةً بالمعايير الأمريكية. يمكن أن تكون تكلفة وجبة شهية في المطاعم حوالي 10 يورو (ما يعادل 10.50 دولارًا) أو أقل، والسفر ذهابًا وإيابًا خارج إيطاليا قد يكلف أقل من 50 يورو (ما يعادل 52.50 دولارًا). وبالنسبة للسكن، يمتلك ما يقرب من 90٪ من سكان موسوميلي منازلهم، وغالبًا ما يكون لديهم عقارات متعددة بفضل قوانين الميراث، مما يجعل الإيجار غير مصدر قلق كبير.
هذا يختلف تمامًا عن تكلفة المعيشة العالية في الولايات المتحدة، وخصوصًا في منطقة الخليج حيث تعيش دانيلز، حيث يتطلب العيش المريح لأسرة مكونة من أربعة أفراد دخلًا يزيد عن 300 ألف دولار سنويًا.
تلاحظ دانيلز وجود علاقة بين ارتفاع تكاليف المعيشة وزيادة مستويات التوتر، مما يؤدي إلى دفع الأمريكيين للعمل الزائد ويقلل من الوقت المتاح لبناء الصداقات والاستمتاع بالحياة الاجتماعية.
تعلِّق دانيلز: «إنها طريقة حياة أكثر إرهاقًا».
اقرأ أيضًا.. 7 خطوات لتصبح وكيل عقارات ناجح
«سعادة أكثر»
تجد دانيلز أن العيش في موسوميلي لفترات متقطعة خلال العام يجعل «السعادة أمرًا أكثر سهولة مقارنةً بالحياة في موطنها الأصلي».
تشعر دانيلز هنا بأن الضغوط المالية باتت أخف، بالإضافة إلى زيادة الوقت المخصص للعلاقات الاجتماعية وممارسة النشاط البدني المعتدل (مثل المشي في المدينة الجبلية)، يمكن أن يسهم في تحسين الصحة العامة، حتى مع وجود بعض العادات غير الصحية.
اقرأ أيضًا.. اكسب المال من تطبيق Airbnb دون امتلاك عقار!
لكن تلاحظ دانيلز أن السكان المحليين يستهلكون كميات كبيرة من الكحول والنيكوتين والكربوهيدرات، ومع ذلك، يتمتعون بعمر أطول من العديد من الأماكن الأخرى. تعتقد أن السبب وراء ذلك يعود إلى انخفاض مستويات التوتر ونشاط المجتمع الذي يساهم في طول العمر.
تعلق دانيلز بمرح أن التحدي الأكبر بالنسبة لها في صقلية هو مقاومة الكميات الكبيرة من الكربوهيدرات التي يتناولها السكان. وتضيف: «بخلاف ذلك، الحياة هنا رائعة».