في يناير 2024، أحدثت شركة نيورالينك ثورة في المجال الطبي بإعلانها عن أول عملية زرع ناجحة لشريحة دماغية في مريض بشري. هذا الإنجاز جاء بعد موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في سبتمبر 2023، حيث أكدت الشركة التزامها بأعلى معايير السلامة والأخلاق. بعد مرور خمسة أشهر، شارك المريض تجربته الفريدة مع العالم، مُسلطًا الضوء على الفوائد والتحديات المرتبطة بشريحة نيورالينك.
نولاند أربو، الذي تغلب على تحديات الشلل الرباعي، أصبح أول شخص يخضع لهذه التقنية الرائدة. بفضل الشريحة، أصبح بإمكانه التحكم في أجهزته الإلكترونية بمجرد التفكير. على الرغم من إصابته بالشلل من الرقبة إلى الأسفل إثر حادث غوص مأساوي، يؤكد أربو أن نيورالينك قد منحته حياة جديدة.
اقرأ أيضًا.. هل تعيد شريحة نيورالينك البصر للذين فقدوه؟
«إيمان عميق بالله في مواجهة أصعب قرار»
في مقابلة مع موقع بيزنس إنسايدر، شرح نولاند أربو، الذي يُعتبر أول إنسان يُجرى له جراحة لزرع شريحة نيورالينك (Neuralink) المعروفة أيضًا بشريحة إيلون ماسك، في جمجمته، وكيف أثرت هذه الشريحة على حياته وصحته.
وذكر أربو: «لم يكن لدي خوف من إجراء العملية الجراحية لزرع شريحة نيورالينك Neuralink شعرت بالسكينة تجاه كل الأمور، كان ذلك مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بإيماني العميق بالله، كنت واثقًا بأن كل ما سيحدث هو جزء من خطة الله لي، وهذا ما منحني الراحة الحقيقية».
وأضاف: «كنت أثق تمامًا بالفريق المسؤول عن العملية، بما في ذلك الجراحون والممرضات، لقد كانوا جميعًا متخصصين متميزين في مجالاتهم، وقد تمت الإجابة على كل استفساراتي بشكل ممتاز قبل أن أخضع للجراحة».
وتطرق إلى المخاطر المتعلقة بالعملية، خصوصًا كونه الشخص الأول الذي يتم زرع شريحة في دماغه، قائلًا: «المخاوف الوحيدة التي كانت تساورني كانت بشأن إمكانية حدوث ضرر للدماغ، هذا كان الأمر الوحيد الذي جعلني أتردد قليلًا، حيث قلت لوالدي إنه إذا أصبت بإعاقة ذهنية، فإنني لا أود أن يتحملوا مسؤوليتي بعد ذلك وأن ينقلوني إلى مؤسسة رعاية».
وأضاف: «هذا كان على الأرجح أصعب قرار اضطررت للاستعداد له».
اقرأ أيضًا: رغم الخلل بالتجربة الأولى.. نيورالينك تخطط لزرع شريحتها في أدمغة 22 ألف شخص
اكتشاف أول خلل
وأفاد أول مريض يخضع لزراعة شريحة نيورالينك، بأنه واجه مشكلة في الجهاز بعد العملية الجراحية. وذكر أربو أنه بعد مرور شهر تقريبًا على الجراحة، انفصلت بعض الأسلاك من دماغه، مشيرًا إلى أن الأمر لم يكن خطأ من نيورالينك نظرًا لقلة البحوث حول حركة الدماغ الطبيعية.
وأشار إلى أن الفريق الطبي والباحثين استشاروا جراحين متخصصين وتوصلوا إلى أن الدماغ يتحرك بحوالي ملليمتر واحد، لكن بعد الزراعة، تحركت الشريحة بمقدار ثلاثة ملليمترات، أي ثلاثة أضعاف المتوقع. وأوضح أربو أن المكونات لم تكن مصممة لتحمل هذا النوع من الحركة، مما أدى إلى تراجعها.
وتابع قائلًا إنه عند اكتشاف الخلل، سأل عما إذا كان الفريق ينوي إجراء جراحة أخرى لاستبدال الشريحة، لكنهم قرروا معالجة الأمر عبر البرمجة بدلاً من الجراحة. وأكد أن الفريق تعامل مع الموقف بكفاءة.
وأخيرًا، ذكر أربو أن الخلل لم يكن مؤلمًا جسديًا ولم يشكل خطرًا، لكنه كان مصدر قلق نفسي له، خشية عدم القدرة على استخدام الجهاز مجددًا. ومع ذلك، بعد بضعة أيام، نجح الفريق في تصحيح الخلل.
النشاط اليومي
وشارك نولاند أربو تفاصيل استخدامه لشريحة نيورالينك، مستعرضًا كيف أن الشريحة ساعدته في التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، حيث يقول: «كنت أستعين بها للتواصل مع الأفراد عبر منصة إكس، وللتفاعل على إنستغرام، وللإجابة على الإيميلات، وللمشاركة في الألعاب الافتراضية، ولقراءة القصص المصورة على الإنترنت، ولتعلم اللغة اليابانية من خلال موقع متخصص. استخدمت الشريحة أيضًا لحجز فندق خلال زيارتي لمقر شركة نيورالينك».
وروى نولاند أربو حادثة طريفة حيث غلبه النوم أثناء استخدام شريحة نيورالينك، مما أدى إلى استمرار المؤشر في التحرك والنقر على الكمبيوتر دون وعي منه. يقول: «في إحدى المرات، أخذت قيلولة بينما كانت الشريحة فعالة، وظل المؤشر يعمل بمفرده، فتح تقريبًا عشرة تطبيقات مختلفة خلال خمس دقائق من الغفوة. يمكن تعطيل المؤشر لتجنب هذا الأمر، لكني لم أقم بذلك». ويتحدث أيضًا عن الطريقة التي يتصل بها بالكمبيوتر، موضحًا: «ترتبط الشريحة بالكمبيوتر عبر البلوتوث، وبفضل تطبيق نيورالينك، يمكنني التحكم في الاتصال بسهولة، متى شئت».
يقول نولاند أربو: «أحيانًا أبدأ نشاطي اليومي باستخدام الزرعة من السابعة صباحًا وحتى الحادية عشرة مساءً. قد يبدو الأمر شاقًا، ولكنني أجده ممتعًا ولا يشعرني بالعمل الروتيني».
ويضيف: «أشارك في جلسات تعليمية مع فريق واجهة الدماغ والكمبيوتر في ماريلاند، تستمر من أربع إلى ثماني ساعات يوميًا. بعيدًا عن هذه الجلسات، أمارس جلسات منتظمة أخصص فيها وقتًا لنفسي لاستخدام الشريحة. هذه التجارب تمكن الباحثين من اكتشاف جوانب لم يكونوا ليعرفوها بدونها، مثل الأخطاء البرمجية التي تحتاج إلى تصحيح، مما يسهم في تحسين النظام».
اقرأ أيضًا.. نيورالينك الأقل تقدمًا.. شركات تنافس إيلون ماسك في الشريحة الدماغية
تغيير الحياة إلى الأفضل
يعتقد نولاند أربو أن شريحة نيورالينك لم تقتصر على تغيير حياته، بل أثرت فيها إيجابيًا، خاصةً بعد أن فقد القدرة على القيام بالعديد من الأمور. بفضل الشريحة، أصبح بإمكانه الآن تصفح الإنترنت، النشر على منصات التواصل الاجتماعي، واللعب بألعاب الفيديو، وذلك بمجرد التفكير في هذه الأنشطة.
ويشرح أربو: «مكنتني الشريحة من إعادة الاتصال بالعالم من حولي، وتحسين تواصلي مع الأصدقاء والعائلة، وأصبحت أكثر كفاءة في التواصل النصي والتفاعل مع الآخرين عبر الإنترنت».
اقرأ أيضًا.. كل شيء عن زرع شريحة إيلون ماسك في أدمغة البشر
ويضيف: «التحدي الأكبر لمن يعاني من الشلل الرباعي هو الشعور بالعجز. لذا، سعيت لاستعادة أكبر قدر ممكن من الاستقلالية. بعد الحادث في 2016 الذي أدى إلى إصابتي بالنخاع الشوكي، مررت بأوقات لم أستطع فيها فعل شيء، مما أثر على معنوياتي. لكنني لم أستسلم، بل بحثت دائمًا عن طرق للتقدم وتحسين حياتي يومًا بعد يوم، مما منحني الدافع والهدف للاستمرار».
قال أربو: «مرت سنتان على الحادث، وكانت الفترة شديدة الصعوبة. أكد الأطباء أن فقداني للحركة والإحساس سيكون دائمًا، وهذا ما سأعيش معه. كان الأمر مؤلمًا في البداية، لكنني قررت أن أستمر في الحياة».
وأضاف: «بلا شك، زراعة شريحة نيورالينك منحتني دافعًا جديدًا عند الاستيقاظ كل صباح. أشعر بأنني أقدم مساهمة قيمة، وأن ما أقوم به يوميًا سيكون له تأثير دائم على الآخرين، وهذا يحفزني للمضي قدمًا».
وتابع: «منذ زراعة شريحة نيورالينك في يناير الماضي، تحسنت جودة حياتي بشكل كبير. فبعد الحادث، كان البحث عن طرق للبقاء نشيطًا ومنتجًا تحديًا كبيرًا، ولكن الشريحة سمحت لي بأن أكون أكثر استقلالية».