شهدت صناعة الأزياء في المملكة العربية السعودية تحولاً ملحوظاً نحو الإبداع والابتكار، وباتت تحتل مكانة رائدة في المنطقة. والآن، مع ظهور الذكاء الاصطناعي، تتفتح آفاق جديدة في هذا المجال، حيث يساهم الذكاء الاصطناعي في تسهيل عملية التصميم، وتوليد أفكار جديدة، وتخصيص المنتجات لتلبية احتياجات العملاء المتنوعة.
في السياق، برزت العديد من البرامج التي تعمل على تغيير طريقة عمل مصممي الأزياء، مثل Midjourney وLuma Labs وKrea AI. هذه البرامج تسمح للمصممين باستكشاف إمكانيات جديدة وتجربة أفكار مبتكرة. على سبيل المثال، يمكن لبرنامج الذكاء الاصطناعي توليد آلاف التصاميم المختلفة لقماش واحد، مما يوفر للمصممين مجموعة واسعة من الخيارات للاختيار من بينها.
اقرأ أيضًا.. كيف تستخدم الموضة في بناء العلامة التجارية الشخصية؟
الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع المعزز في خدمة الموضة
أكد عبدالله الحمادي، المدير التنفيذي لسناب شات في السعودية، أن معرض «تصور» هو الأول من نوعه في المنطقة الذي يجمع بين التكنولوجيا والموضة بطريقة تفاعلية. ففي كل غرفة من غرف المعرض الخمس، يستطيع الزوار الغوص في عوالم مصممين سعوديين مختلفين بفضل تقنيات الواقع المعزز المبتكرة. مثلاً، في غرفة مصمم الأزياء محمد خوجة، يمكن للزوار تجربة قطع أزياء رقمية والتفاعل معها بشكل مباشر، مما يقدم تجربة فريدة من نوعها.
أبرز المشاركين في المعرض محمد خوجة، مؤسس علامة هندام، الذي أشاد بـمعرض «تصور سناب شات» كأفضل مثال على دمج الذكاء الاصطناعي بنجاح في عالم الموضة. وقال خوجة لـ «عرب نيوز»: «لقد تمكنا من بناء عالم افتراضي غامر لعلامة هندام، حيث يتفاعل المستخدمون مع منتجاتنا الرقمية بطرق مبتكرة، بدءًا من تجربة القطع الرقمية وصولاً إلى المرشحات والعدسات التفاعلية التي تأخذهم في رحلات استكشافية فريدة».
وقال خوجة لـ عرب نيوز: «لقد استطعنا من خلال هذا التعاون أن نصل إلى جمهور أوسع وأن نقدم لهم تجربة تسوق تفاعلية ومميزة. حيث يمكن للمستخدمين تجربة منتجاتنا الرقمية قبل شرائها، مما يزيد من فرص الإقبال عليها».
اقرأ أيضًا.. يفضِّلها الأثرياء الخفيون.. اكتشف موضة الـQuiet Luxury!
مخاوف من تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي
على الرغم من تزايد الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في صناعة الأزياء، إلا أن هناك مخاوف بشأن تأثيره على الإبداع الأصيل وهوية المصممين. يرى محمد خوجة أن الذكاء الاصطناعي أداة قيمة للبحث، لكنه يحذر من الاعتماد عليه كأداة تصميم أساسية، مشيراً إلى أنه قد يحد من الإبداع الشخصي للمصمم. يوضح خوجة: «الذكاء الاصطناعي يقدم اقتراحات مثيرة للاهتمام، لكنها تفتقر إلى الجانب العاطفي والإبداعي الذي يتميز به التصميم البشري».
داليا درويش، مصممة أزياء، تؤكد أهمية الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة للمصممين، لكنها تحذر من الاعتماد عليه بشكل كامل. تقول درويش: «الذكاء الاصطناعي يمكن أن يوفر لنا الكثير من الوقت والجهد، ولكن الإبداع البشري لا يزال عنصرًا أساسيًا في صناعة الأزياء. منصات مثل Taffi Inc. تعد مثالاً جيدًا على كيفية دمج الذكاء الاصطناعي مع الخبرة البشرية لخلق تجارب تسوق مخصصة».
اقرأ أيضًا.. الموضة السريعة: هل تمنحك قيمة ما أنفقت؟
الذكاء الاصطناعي والإبداع
يشدد محمد يوسف على أهمية الحفاظ على هوية العلامة التجارية في عالم الموضة. يرى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون أداة مفيدة، ولكن لا يجب أن يحل محل الإبداع البشري. يقول يوسف: «إن هوية العلامة التجارية هي ما يميزها عن غيرها. يجب أن تكون هذه الهوية مرنة وقادرة على التطور مع مرور الوقت، ولكنها يجب أن تبقى وفية لقيم العلامة التجارية الأساسية».
وقال إن الحفاظ على الهوية أمر مهم، ولكنني أتخيل لو أن كريستيان ديور فعل ذلك. لا أعتقد أننا سنستمتع بعمل جون جاليانو اليوم. الشيء نفسه ينطبق على كوكو شانيل وكارل لاغرفيلد. لقد حافظ كلاهما على أسلوب المؤسسين بطريقة تناسب ما هو جديد في الموضة وفي الوقت نفسه سمحت لهما بإظهار إبداعهما الخاص.
مبدعون يتبنون الذكاء الاصطناعي
لم يثنِ هذا التطور التكنولوجي مصممي الأزياء المبدعين عن تبني الذكاء الاصطناعي. ففي قمة الأزياء العالمية WWD، التي عقدت في الرياض في 6 يونيو، أعلنت مصممة الأزياء الأميركية نورما كمالي عن خططها لإطلاق مجموعة أزياء جديدة تم تطويرها بالتعاون مع الذكاء الاصطناعي. تشرح كمالي: «الذكاء الاصطناعي لا ينسخ أسلوبي، بل يقدم لي أفكارًا جديدة ومبتكرة يمكنني تطويرها. إنه بمثابة شريك إبداعي يساعدني على دفع حدود التصميم إلى الأمام».
مخزون لا نهائي من الأفكار
من جهته، يؤكد راكان الشهري، مسؤول العلامة التجارية والتصميم في شركة أعدل بالمملكة، على الدور المحوري للذكاء الاصطناعي التوليدي في تطوير صناعة التصميم. فبفضل أدوات مثل Midjourney وKrea، أصبح بإمكان المصممين الوصول إلى مخزون لا نهائي من الأفكار البصرية عالية الجودة بسرعة وبتكلفة زهيدة. هذه الأدوات لا تقتصر على تسريع العملية الإبداعية فحسب، بل تتيح للمصممين تجربة أنماط جديدة وتوليد أفكار مبتكرة لم تكن ممكنة من قبل.
يشير الشهري إلى أن الذكاء الاصطناعي يوفر للمصممين مجموعة واسعة من الأدوات الإبداعية التي تغطي جوانب مختلفة من عملية التصميم، بدءًا من توليد الصور وانتهاءً بإنشاء مقاطع الفيديو. هذه الأدوات تجعل من الممكن للمصممين تحويل أفكارهم إلى واقع ملموس بسرعة وفعالية.
يعتبر الشهري أيضًا، أن الذكاء الاصطناعي هو أداة قوية تعزز قدرات المصممين بدلاً من أن تحل محلهم. يقول: «الذكاء الاصطناعي هو شريك إبداعي للمصمم، يساعد في توليد الأفكار وتطويرها. ولكن في النهاية، فإن اللمسة الإبداعية والقرار النهائي يبقيان في يد المصمم».