يشهد العالم التكنولوجي ثورة في ربوعه أدت إلى بروز تقنية البلوكتشين الرائدة، التي عطلت الأنظمة التكنولوجية السابقة ذات الشوائب، ووفرت حلولًا وبدائل أفضل لنمو أوسع وفعالية أكبر. وبدخول البلوكتشين إلى معظم القطاعات العامة كما الخاصة، لمس المجال الأكاديمي نفحة من هذه التكنولوجيا الجديدة. فما هي هذه التغييرات التي طرأت على هذا المجال بسبب البلوكتشين ؟
ولادة البلوكتشين
نشأ البلوكتشين الأول في التاريخ ليخدم البيتكوين وتم استخدامه حصريًا لإرسال هذه العملة واستقبالها. ومع التطور وظهور الإيثريوم وبروتوكوله في الساحة الاقتصادية تم توسيع منطق البلوكتشين ليتحول من مجرد معالج لعملية تداول العملات المشفرة إلى معالج لعمليات أخرى، وزاد الإقبال الشديد على هذه التقنية الثورية لبناء منتجات لا تعد ولا تحصى. فقد تم بناء ألعاب ورموز غير قابلة للاستبدال أو NFT، وتطبيقات لا مركزية، ومنتجات العوالم الافتراضية وغيرها المزيد. ولم تتوقف هذه التكنولوجيا هنا بل توسعت أكثر فأكثر لتصل إلى المجال الأكاديمي.
تقنيات البلوكتشين تغير مسار العملية الأكاديمية
في عام 2017، أصبحت سانترل نيو ميكسيكو كوميونيتي كوليدج Central New Mexico Community College أول جامعة في العالم تصدر شهادات رقمية لطلابها بواسطة البلوكتشين . هذا وسمحت باستقبال العملات المشفرة وخصيصًا البيتكوين كوسيلة للدفع. يعرف البلوكتشين بقدرته الهائلة والمتطورة في تخزين البيانات. إذا أنه يمنع الاختراق وتغيير البيانات أو تعديلها.
تعد مسألة حفظ السجلات أو البيانات أمرًا معقدًا في الوسط الأكاديمي، وهذا لكم هذه البيانات الكبير. هذا فضلًا عن صعوبة عملية تدقيق سجلات البيانات وما تستغرقه من وقت وجهد من قبل الأكاديميين. وهنا يأتي البلوكتشين ليحل هذه الأزمة ويغير مسار هذه العملية الأكاديمية. فبواسطة هذه التكنولوجيا المتطورة، يمكن للطالب نفسه أن يحصل على بياناته بشكل مستقل من دون الحاجة إلى وسيط أو طرف ثالث. وبالتالي يمكنهم التحقق من هوياتهم على الأنظمة المعتمدة في الكليات بكل حرية وأريحية. وحتى في حال فقدت الكيانات الأكاديمية سجلاتها، لن يتم إضاعة السجلات الأساسية على شباكات البلوكتشين.
بالإضافة إلى ذلك، بات من السهل اليوم الاعتماد على تقنية البلوكتشين لأغراض الاعتماد وإثبات الجودة. فغالبًا ما تعاني المؤسسات التعليمية مشاكل وصعوبات مع موضوع الاعتماد. لذلك، يمكن اليوم للوكالات التنظيمية التحقق من جودة وأداء المؤسسات، إضافة إلى مؤهلات المعلمين والعاملين في أرجائها، وذلك بالنظر إلى سجلاتها الموجودة على دفتر الأستاذ الموزع على أجهزة شبكة البلوكتشين.
اقرأ أيضًا.. «الغذاء السعودية» تجرب استخدام البلوكتشين لتتبع اللحوم الحلال
الملكية الفكرية
وبعيدًا عن ذلك، يمكن الاعتماد على تكنولوجيا البلوكتشين لمعالجة مشكلة الملكية الفكرية في العالم الأكاديمي. فبلجوء المؤسسات التعليمية إلى الاحتفاظ بملفاتها على البلوكتشين، سيصبح من السهل جدًا التأكد من حصرية الابتكار أو الفكرة المطروحة ليتم بالتالي تسجيلها كملكية فكرية.
ولا بد الإشارة إلى أن البلوكتشين أداة فعالة وجوهرية يمكن استخدامها لتسجيل كل الإنجازات التعلمية والأكاديمية التي حققها الفرد خلال مسيرته. وبالتالي يمكن الاعتماد على البلوكتشين كدليل قطعي لثمار الإنسان وبالتالي تجنب الاحتيال في السيرة الذاتية.
البلوكتشين والتمويل الأكاديمي
ومن بين أبرز الصعوبات التي يعاني العالم الأكاديمي هي غياب التمويل العادل. ففي عالمنا اليوم، يعاني أغلب الباحثين صعوبات كبيرة في جمع التمويل والتبرعات. فتارة نراهم يصارعون الوقت والطاقة لتأمين مبالغ تساعدهم في تحقيق مشاريعهم أو حتى الشروع فيها. وغالبًا ما تكون هذه الأموال التي يحصلون عليها مرتبطة بشكل أو آخر بمنظمات وجمعيات ذات توجه سياسي. وبكلمات أخرى، تعمد هذه الجمعيات والكيانات إلى توفير الأموال والمبالغ المطلوبة ومنحها للأشخاص ذوي الاتجاه السياسي أو الفكر الإيديولوجي عينه. وإن هذه الاستراتيجية المعتمدة في العالم الأكاديمي لسيت إلا استراتيجية مضرة للعلم نفسه. فلا شك في أن العديد من المشاريع الجديرة والقوية تستحق التمويل ولكنها تمويلها بعيد المنال لاختلاف توجهها السياسي أو حتى عدم انتمائها لأي جهة معينة. ومن الخاسر الأكبر؟
لحسن الحظ، قد تكون تقنية البلوكتشين المنقذ الوحيد في هذه الحالة ومحقق العدالة العلمية. إذ يمكن للأكاديميين بيع الأسهم في براءات الاختراع الخاصة بهم ونتائج البحوث التي قاموا بها من خلال الرموز وبالتالي السماح للأفراد بشرائها وتمويل المشاريع. يمكن إذًا للعالم أن ينشئ رمزًا على البلوكتشين وبيعه لأفراد من المجتمع المهتم، واستخدام الأموال المحصلة في تمويل المشروع والعمل على تحقيقه. ونتيجة لهذه العملية، يتم إضفاء الطابع الديمقراطي على عالم البحث الأكاديمي وخلق طبقة من العلماء المدينين بالفضل للجمهور فحسب، بعيدًا عن السياسية والمصالح. من المترقب أن يغير البلوكتشين ملامح العالم الأكاديمي وتجارب المؤسسات كما الموظفين وحتى الطلاب.
اقرأ أيضًا..هل يمكن اختراق شبكات البلوكتشين؟ وما هي قرصنة 51%؟