يشهد قطاع التعليم في المملكة العربية السعودية تحولاً جذرياً نحو التخصص في مجالات المستقبل، مثل الذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة النووية. يأتي هذا التحول تماشياً مع رؤية المملكة 2030، بهدف تزويد القوى العاملة بمهارات تنافسية تؤهلها للعمل في القطاعات الواعدة.
الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي
وأطلقت المملكة العربية السعودية الاستراتيجية الوطنية للبيانات والذكاء الاصطناعي في عام 2020، التي تستهدف جذب استثمارات ضخمة تقدر بـ 20 مليار دولار بحلول عام 2030، وتطوير كوادر وطنية متخصصة في هذا المجال، حيث تستهدف تخريج 20 ألف متخصص في مجالات الذكاء الاصطناعي والبيانات.
ويتوقع تحليل لشركة برايس ووتر هاوس PWC أن يضيف الذكاء الاصطناعي أكثر من 320 مليار دولار إلى اقتصاد الشرق الأوسط، وأن تحقق المملكة العربية السعودية أكبر المكاسب من حيث القيمة المطلقة، بقيمة 135.2 مليار دولار، وستشهد الإمارات العربية المتحدة أكبر تأثير إجمالي بنسبة 14 في المائة من ناتجها المحلي الإجمالي المتوقع لعام 2030.
اقرأ أيضًا.. كيف يغير الذكاء الاصطناعي صناعة الأزياء بالسعودية؟
تحول نحو الذكاء الاصطناعي يخلق فرص عمل واعدة
أكد منصور أحمد، المدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة كوليرز، أن التحول الرقمي نحو الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتقدمة يساهم بشكل كبير في خلق فرص عمل جديدة وواعدة.
ونقلت صحيفة “عرب نيوز” عن أحمد: “سيشهد سوق العمل مستقبلاً طلباً متزايداً على الخريجين المتخصصين في هذه المجالات، مما سيساعد في الحد من مشكلة البطالة التي تواجه الشباب”.
وأكد أحمد أن وجود هذه الكوادر المتخصصة في مجال التكنولوجيا سيساهم بشكل كبير في جذب الاستثمارات الأجنبية إلى المملكة، مما يعزز مكانتها كوجهة جاذبة للشركات العالمية.
وقال أحمد، إن تطوير محطات الطاقة النووية ودمج الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات سيولد وظائف متخصصة في الهندسة وتحليل البيانات والتعلم الآلي، وهو ما يؤكد الحاجة إلى إعطاء الأولوية للتعليم في مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة النووية.
وشدد منصور أحمد على أن استثمارات المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي تشمل قطاعات حيوية متعددة مثل الرعاية الصحية والروبوتات والتصنيع، مما يخلق فرص عمل جديدة تتطلب مهارات تقنية وتحليلية متقدمة. وأضاف أن هذا التكامل بين القطاعات المختلفة سيؤدي إلى توسيع آفاق التوظيف للخريجين بشكل كبير.
اقرأ أيضًا.. OptimalPV.. طاقة شمسية ذكية للمنازل والشركات في السعودية
جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية
من جهة أخرى، تولي جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية اهتمامًا كبيرًا بمجال الذكاء الاصطناعي، حيث تركز مبادرتها البحثية على مستوى الدراسات العليا، بينما تعمل أكاديميتها على تطوير مواهب وطنية في هذا المجال من خلال برامج تعليمية مصممة خصيصًا للمتعلمين الخارجيين.
ويسعى برنامج الذكاء الاصطناعي في أكاديمية جامعة الملك عبد الله، بدعم من الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، إلى تطوير مهارات الطلاب في مجموعة واسعة من المجالات الحيوية، بما في ذلك التعلم العميق، والتحسين، ورؤية الكمبيوتر، وبرمجة بايثون. ويتم ذلك من خلال دروس نظرية مكثفة ومشاريع عملية تتيح للطلاب تطبيق معارفهم.
سد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل
من جهته، أكد سلطان البركاتي، مدير أكاديمية جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، أن الجامعة تسعى جاهدة لسد الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، وذلك من خلال تقديم برامج تدريبية متخصصة تساعد الطلاب على اكتساب المهارات المطلوبة في المجالات الناشئة.
في خطوة لدعم البحث العلمي في مجال الذكاء الاصطناعي بالمملكة، قدمت شركة جوجل خمس منح بحثية بقيمة إجمالية قدرها 100 ألف دولار لأعضاء هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. ستوجه هذه المنح لتمويل مشاريع مبتكرة في مجالات التعلم الآلي متعدد اللغات والوسائط، مع التركيز بشكل خاص على تطوير نماذج اللغات التوليدية والكبيرة.
اقرأ أيضًا: أكاديمية آبل للمطورين بالرياض.. بوابة للريادة في الذكاء الاصطناعي بالسعودية
أخيرًا يشهد عالم العمل تحولاً جذرياً بفعل الذكاء الاصطناعي. فوفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2023، من المتوقع أن تشهد حوالي 23% من الوظائف تغييرات جوهرية بحلول عام 2027، حيث ستنشأ 69 مليون وظيفة جديدة في المقابل سيتم إلغاء 83 مليون وظيفة أخرى.
وحرصاً على مواكبة التطورات المتسارعة في سوق العمل، بدأ برنامج تنمية القدرات البشرية في المملكة العربية السعودية بتحديث برامج الدراسات العليا، وذلك من خلال مراجعة المناهج الدراسية بما يتوافق مع احتياجات القطاعات المختلفة.