أطلق ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، على أن تنظم سنويًا في العاصمة السعودية الرياض، وتقام النسخة الأولى منها في صيف العام المقبل.
وأعلن ولي العهد، إنشاء مؤسسة كأس العالم للرياضات الإلكترونية، وهي منظمة غير ربحية، ستتولى تنظيم البطولة، وستكون المحرك الذي سينقل هذا القطاع إلى مرحلة جديدة من التعاون بين جميع الشركاء والجهات المعنية بمنظومة الألعاب والرياضات الإلكترونية للاستفادة من إمكاناتها الحقيقية وتعزيز نمو واستدامة القطاع.
وقال ولي العهد، إن «بطولة كأس العالم للرياضات الإلكترونية هي الخطوة الطبيعية التالية في رحلة السعودية لتصبح المركز العالمي الأول للألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث ستقدم تجربة لا مثيل لها، تفوق ما هو متعارف عليه في القطاع».
وقبل إعلان ولي العهد عن إطلاق البطولة فإن المملكة اتخذت الكثير من الخطوات الاستراتيجية في قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، فما هي هذه الخطوات؟
اقرأ أيضًا.. تمويل قطاع الألعاب الإلكترونية السعودي بـ300 مليون ريال
استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية
عملت المملكة العربية السعودية على إثبات أنها ليست أقل طموحًا عندما يتعلق الأمر بهواية عالمية – صناعة ألعاب الفيديو – التي يبلغ حجم الاستثمار فيها عالميًا نحو 180 مليار دولار فأطلق ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان استراتيجية قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية في سبتمبر الماضي.
تركز الاستراتيجية على عدة أهداف رئيسية تتمثل في: المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 50 مليار ريال بشكل مباشر وغير مباشر، واستحداث فرص عمل جديدة تصل إلى أكثر من 39 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة بحلول عام 2030، وتوفير البيئة التأسيسية لتطوير الكفاءات، والوصول إلى الريادة العالمية وتعزيز مكانة للمملكة على الساحة الدولية، من خلال إنتاج أكثر من 30 لعبة منافسة عالميًا في استوديوهات المملكة، والوصول إلى أفضل ثلاث دول في عدد اللاعبين المحترفين للرياضات الإلكترونية.
وتعتزم المملكة تنفيذ هذه الاستراتيجية من خلال 86 مبادرة تقوم بإطلاقها وإدارتها حوالي 20 جهة حكومية وخاصة، من إطلاق حاضنات أعمال واستضافة فعاليات كبرى للألعاب والرياضات الإلكترونية وتأسيس أكاديميات تعليمية وتطوير اللوائح التنظيمية المحفزة التي تضمن مواكبة وتيرة النمو المتسارعة في هذا القطاع، وتتوزع هذه المبادرات ضمن ثمانية محاور تشمل تطوير التقنية والأجهزة، وإنتاج الألعاب، والرياضات الإلكترونية، والخدمات الإضافية، ومحاور تمكينية أخرى تشمل البنية التحتية، واللوائح التنظيمية، والتعليم واستقطاب المواهب وكذلك التمويل والدعم المالي.
اقرأ أيضًا.. منصة الألعاب روبلوكس تنضم إلى ثورة الذكاء الاصطناعي.. ماذا تجهز للغايمرز؟
الاستثمارات السعودية في قطاع الرياضات الإلكترونية
تعد صناعة ألعاب الفيديو من الصناعات السريعة النمو، وعملت المملكة على اقتحام هذه الصناعة من خلال توجيه الاستثمارات في عمليات استحواذ وشراء حصص في شركات الألعاب في جميع أنحاء العالم.
في يناير 2022 أطلق صندوق الاستثمارات العامة السعودي مجموعة سافي للألعاب (Savvy Games Group). قادت المجموعة عددًا من الصفقات، شملت الاستحواذ على شركة سكوبلي (Scopely) الأميركية للألعاب، بقيمة 4.9 مليار دولار، وهي الشركة المصنعة لألعاب «Monopoly Go» و«Star Trek Fleet Command» و«Marvel Strike Force».
كما اشترت المجموعة حصة في «VSPO» الصينية التي تروج وتدير ألعاب مثل « League of Legends »، و«بابجي». وفي شهر فبراير من العام الجاري أصبح صندوق الاستثمارات العامة السعودي، أكبر مستثمر خارجي في شركة نينتندو (Nintendo Co., Ltd)، العملاق الياباني لألعاب الفيديو.
وقام الصندوق بشراء حصص في أكتيفيجن بليزارد (Activision Blizzard Inc)، وإلكترونيك آرتس (Electronic Arts Inc)، وإمبريسر غروب، (Embracer Group AB)، كما استحوذ على قسم الرياضة الإلكترونية في موديرن تايمز غروب (Modern Times Group) بقيمة 1.05 مليار دولار.
وفي إبريل من العام الجاري، أعلنت مجموعة سافي أنها ستنفق 50 مليار ريال لشراء وتطوير ناشر للألعاب الإلكترونية، فضلاً عن 70 مليار ريال للاستحواذ على حصص أقلية في شركات الألعاب. كما ستستثمر 20 مليار ريال في شركات رائدة في صناعة الألعاب، وملياري ريال أخرى في شركات ناشئة متخصصة في الألعاب والرياضات الإلكترونية.
وتأمل المملكة أن تتمكن بحلول 2030 من تأسيس 250 شركة ألعاب بوسعها خلق 39 ألف فرصة عمل محلية، وهو ما يُتوقع أن يرفد الاقتصاد المحلي بأكثر من 13 مليار دولار، بحسب تقرير لـ«سي إن إن».
اقرأ أيضًا.. الألعاب الإلكترونية في السعودية.. استثمار بمليون دولار في الذكاء الاصطناعي
صناعة ضخمة وسريعة النمو
بالنسبة لغير المهتمين بألعاب الفيديو، قد تبدو احتمالية مشاهدة أشخاص آخرين يلعبون ألعاب فيديو غير جذابة، ولكنها تجارة ضخمة تضم ملايين المعجبين واللاعبين المشاهير والشركات الراعية. اجتذبت بطولة الرياضات الإلكترونية لعام 2021 في سنغافورة 5.4 مليون مشاهد، بحسب تقرير لصحيفة «فاينانشيال تايمز».
ونقلت الصحيفة عن شركة أبحاث السوق نيوزو (Newzoo)، أن ما يقدر بنحو 3.2 مليار شخص يمارسون الألعاب على أجهزة الكمبيوتر الشخصية أو وحدات التحكم أو الأجهزة المحمولة أو خدمات الألعاب السحابية، مع تحقيق الصناعة إيرادات بقيمة 184.4 مليار دولار في عام 2022.
وقال كريستوفر ديفيدسون، الخبير في شؤون الخليج في مؤسسة الإمارات للأبحاث، لـ«فاينانشيال تايمز»، «عندما تستثمر في الرياضات الإلكترونية، فإنك تحصل على فرص إعلانية ممتازة، وبالطبع، فإنك تروج للعلامة التجارية لبلدك باعتبارها مكانًا رائعًا ومتطلعًا إلى المستقبل ومثيرًا للاهتمام لقضاء العطلة».
وقال فنسنت وانغ، المدير العام للنشر العالمي والرياضات الإلكترونية العالمية في شركة تينسنت غيمز (Tencent Games): «تضع المملكة العربية السعودية بصمتها على صناعة الألعاب ونمو هذه الصناعة العالمية ككل».
تحظى الألعاب بشعبية كبيرة في المملكة العربية السعودية، حيث أن 70 في المائة من سكانها البالغ عددهم 36 مليون نسمة هم تحت سن 35 عاما. وهناك نسبة مماثلة من مواطنيها يعتبرون من لاعبي الرياضات الإلكترونية.
وقال داني تانغ، المدير المالي لشركة VSPO ورئيس الاستراتيجية العالمية: «إنها سوق وشريك مهم للغاية بالنسبة لنا»، مضيفًا «المملكة العربية السعودية دولة شابة للغاية ولديها مجتمع منخرط بشكل كبير في عالم الألعاب».