قررت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم منح جائزة نوبل في الفيزياء 2024 لجون جيه. هوبفيلد، وزميله جيفري إي. هينتون، الملقب بالأب الروحي للذكاء الاصطناعي، تقديراً لدورهما في وضع الأسس النظرية للتعلم الآلي بما مهد لتطوير الذكاء الاصطناعي.
استخدم العالمان الحائزان على جائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام، جون هوبفيلد وجيفري هينتون، أدوات الفيزياء لتطوير أسس التعلم الآلي. فقام هوبفيلد ببناء نموذج قادر على تخزين واسترجاع المعلومات، بينما ابتكر هينتون تقنية تمكن الشبكات العصبية الاصطناعية من اكتشاف الأنماط المعقدة في البيانات بشكل ذاتي، مما مهد الطريق لتطور الذكاء الاصطناعي.
على الرغم من أن أجهزة الكمبيوتر لا تستطيع التفكير، يمكن للآلات الآن محاكاة وظائف مثل الذاكرة والتعلم. ساعد الحائزان على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2024 في جعل ذلك ممكناً، فباستخدام المفاهيم والأساليب الأساسية من الفيزياء، طورا تقنيات تستخدم الهياكل في الشبكات لمعالجة المعلومات.
وعلى الرغم من فوزه بالجائزة، إلا أن جيفري هينتون ظل الفترة الأخيرة يحذر من التطوير المتسارع للذكاء الاصطناعي الذي قد يتسبب في «فناء البشرية» على حد تعبيره، فمن هو؟
قبل 40 عاما كان جيفري هينتون، الملقب بالأب الروحي للذكاء الاصطناعي، يجري أبحاثا تستهدف تطويع التكنولوجيا لتقترب وتحاكي الدماغ البشرية. تستطيع أن تكتشف الأشياء وتطور مهاراتها بنفسها. كان يُنظر إليه على أنه يقوم بعمل «سخيف»، أما اليوم فلا يمكن بأي حال من الأحوال في عصر روبوتات الدردشة -أحد مظاهر الذكاء الاصطناعي- تكرار إطلاق نفس هذه الأوصاف على الرجل.
«كنت غريبًا لأني فعلت هذه الأشياء التي كان يعتقد الجميع بأنها سخيفة، قبل 40 عاما، كان الأمر كشيء من قصص الخيال العلمي»، يقول الأب الروحي للذكاء الاصطناعي الذي عمل مع Google وأشرف على نجوم الذكاء الاصطناعي الصاعدة، في مقابلة مع شبكة CBS الأمريكية، نشرت العام الماضي.
كيف نشأت الفكرة لدى الأب الروحي للذكاء الاصطناعي؟
يشرح هينتون في المقابلة كيف نشأت الفكرة التي بدأها في تورنتو بكندا التي مولت أبحاثه، فيقول إنه «بدلاً من برمجة المنطق والمهارات العقلية في الحاسوب، كما كان يحاول بعض المبدعين، اعتقدت أنه من الأفضل تقليد الدماغ عبر منح الحواسيب القدرة على اكتشاف هذه المهارات بنفسها، والسماح للتكنولوجيا بأن تصبح شبكة عصبية افتراضية».
لكن هذه الفكرة واجهت تحديات كبيرة، لأنه حتى في اعتقاد من يعملون في مجال الذكاء الاصطناعي كان من غير المتصور أن يحدث ذلك، «المشكلة الكبيرة هي هل يمكنك أن تتوقع من شبكة عصبية كبيرة أن تتعلم من خلال قوة الاتصالات فقط؟ هل يمكنك أن تتوقع منها أن تنظر إلى البيانات وتتعلم كيفية القيام بالأشياء بدون أي معرفة مسبقة؟» يقول هينتون، مضيفا «كان الناس في الذكاء الاصطناعي المعتاد يعتقدون أن ذلك أمرًا سخيفًا تمامًا».
اقرأ أيضًا.. أزمة ثقة.. هل روبوتات الدردشة منحازة؟
البشرية والذكاء الاصطناعي
يعتبر هينتون أن تقدم هذه التكنولوجيا يمكن أن يُقارن بالثورة الصناعية، أو اكتشاف الكهرباء أو ربما اختراع العجلة، لكن كان له رأيٌ صادم، عندما سأله محاور شبكة CBS عن إمكانية أن يقوم الذكاء الاصطناعي بمحو البشرية، حيث رد: «ليس أمرًا مستحيلاً، هذا كل ما سأقوله».
ويضيف «المشكلة الأكبر هي أن الناس يحتاجون إلى تعلم كيفية إدارة التكنولوجيا» مشيرا إلى أنها يمكن أن تمنح عددًا قليلاً من الشركات أو الحكومات كميات هائلة من السلطة».
وبحسب CBS فإن الذكاء الاصطناعي أصبح أكثر شيوعًا من أي وقت مضى، حيث تقدم شركات مثل OpenAI وMicrosoft وGoogle أدوات ذكاء اصطناعي سهلة الاستخدام. يمكن أن تغير هذه التكنولوجيا العالم.
فبعض روبوتات الدردشة حتى تمكنت من فهم وإنشاء لغة طبيعية، استنادًا إلى المحتوى عبر الإنترنت الذي يتم تدريبها عليه. وقد اجتازت بعض روبوتات الدردشة اختبارات متقدمة، مثل امتحان المحاماة، وحصلت على درجات عالية. ويمكن للنماذج أيضًا كتابة رموز الحاسوب وخلق الفن والكثير من الأشياء الأخرى.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي.. كيف يحد العالم من مخاطره؟
مخاوف الذكاء الاصطناعي
يشعر بعض الأشخاص بالقلق الشديد من أن التكنولوجيا قد تؤدي إلى فقدان الوظائف، لكن نيك فروست، الذي دربه الأب الروحي للذكاء الاصطناعي، وهو شريك مؤسس لشركة Cohere، قال إنها لن تحل محل العمال، بل ستغير أيام عملهم.
وأضاف فروست: أعتقد أنه سيجعل العديد من الوظائف أسهل وأسرع بكثير، ونحن نبذل قصارى جهدنا للتفكير في الأثر الحقيقي لهذه التكنولوجيا.
سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي OpenAI وآخرون يشعرون بالقلق من أن احتمالية وجود ذكاء اصطناعي عام بنمط «تيرميناتور»، في إشارة إلى الفيلم الأمريكي الشهير. قد تتجاوز التكنولوجيا الذكاء البشري وتتصرف بمبادراتها الخاصة، هي احتمالية قائمة، لكن فروست وآخرين يقولون إن هذا قلق مبالغ فيه.
وقال فروست: لا أعتقد أن التكنولوجيا التي نقوم ببنائها اليوم تؤدي بشكل طبيعي إلى ظهور الذكاء الاصطناعي العام، ولا أعتقد أننا قريبون من ذلك، وكان الأب الروحي للذكاء الاصطناعي يتفق مع هذا الرأي في السابق، لكنه الآن أكثر حذرًا، وقال: حتى مؤخرًا، ظننت أنه سيكون هناك ذكاء اصطناعي عام، قادر على التعامل مع مختلف الأغراض، بعد 20 إلى 50 عامًا، والآن أعتقد أنه هو سيكون موجودا خلال 20 عاما أو أقل.