واجهت بورصة بينانس، أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم، عامًا صعبًا في 2023، حيث تعرضت للضغوط من قبل الجهات التنظيمية والشركاء في عدة دول، وانتهى بها الأمر بتسوية مع وزارة العدل الأمريكية واستقالة مؤسسها ورئيسها التنفيذي تشانغبينغ تشاو، الملقب بـ«CZ». في هذا التقرير، سنستعرض أبرز الأزمات التي مرت بها الشركة قبل تنحي «CZ».
اتهامات بانتهاك قوانين الأوراق المالية في الولايات المتحدة
في 5 يونيو 2023، رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، دعوى قضائية ضد بورصة تداول العملات المشفرة بينانس، ومؤسسها ورئيسها التنفيذي «شانغبينج تشاو» المعروف باسم «CZ» في اتهامات بانتهاك قوانين الأوراق المالية الفيدرالية.
وشملت قائمة الاتهامات، بحسب «كوين ديسك»: عرض أوراق مالية غير مسجلة أمام المستثمرين في شكل عملات مشفرة، وتقديم خدمة الـ Staking، والسماح لأشخاص أمريكيين، بمعنى مواطنين أمريكيين أو أشخاص يعيشون في الولايات المتحدة، بالتداول على منصتها، ودمج مليارات الدولارات في أموال العملاء سرا وإرسالها إلى شركة منفصلة يسيطر عليها «C.Z»، وتضليل الجهات التنظيمية والمستثمرين بشأن مدى كفاءة أنظمتها لتتبع ومراقبة التلاعب في التداولات، وهي التهم التي تمثل جميعها انتهاكا لقوانين الأوراق المالية.
اقرأ أيضًا.. «لقد أخطأت وأتحمل المسؤولية».. رئيس بورصة بينانس يتنحى عن منصبه
إلغاء التراخيص وانسحاب شركاء في أوروبا
في 16 يونيو 2023، بدأت سلطات مكافحة الجرائم المالية في فرنسا تحقيقًا في اتهام بينانس بتقديم خدمات الأصول الرقمية بشكل غير شرعي، وارتكاب جرائم غسيل الأموال وإخفاء الأموال وتحويل العائدات غير المشروعة. وأكد ديفيد برينكاي، رئيس بينانس فرنسا، أن الشركة تتعاون بشكل كامل مع الجهات التنظيمية وتفي بالتزاماتها، مشيرًا إلى استمرار العمل عن كثب مع الهيئات التنظيمية ووكالات إنفاذ القانون بشأن جميع متطلبات الامتثال المستمرة للحفاظ على المعايير العالمية.
في 21 يونيو 2023، ألغت هيئة السلوك المالي في المملكة المتحدة التراخيص الممنوحة سابقًا لفرع بينانس في البلاد، وصرحت بأن بينانس يو كاي لم يعد مصرحًا لها بالعمل، وحذرت من أن بعض الأنشطة التي تقوم بها الشركة قد لا تكون محمية. وفي 30 يونيو 2023، أعلنت شركة الدفع الأوروبية باي سايف PaySAFE أنها ستسحب دعم تبادل العملات المشفرة. وعلى مدار شهري يوليو وأغسطس، انسحبت بينانس من عدة دول أوروبية، مثل بلجيكا وهولندا وقبرص والنمسا وألمانيا، بعد الفشل في الحصول على التراخيص اللازمة.
وفي 25 أغسطس أعلنت شركتا الدفع العملاقتين ماستر كارد Mastercard وفيزا Visa، إنهاء شراكتهما مع منصة بينانس Binance، أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم من حيث القيمة السوقية، في الوقت الذي كشفت تقارير عن تراجع حصة منصة بينانس في السوق من 56 في المائة إلى ما يزيد قليلاً عن 40 في المائة.
اقرأ أيضًا.. بينانس: خروج من هولندا وتحقيق في فرنسا وتسريح موظفين بأميركا
موجة استقالات تضرب بورصة بينانس
وعلى خلفية الصراع مع الجهات التنظيمية، ضربت البورصة موجة من الاستقالات شملت كبار المسؤولين. في شهر يونيو، استقال عدد من كبار المسؤولين في بورصة العملات المشفرة كان أبرزهم: هونج نغ، المستشار العام للشركة، وباتريك هيلمان، كبير مسؤولي الاستراتيجية، وستيفن كريستي، نائب الرئيس الأول للامتثال، وفي 5 سبتمبر 2023 غادر مايور كامات، رئيس المنتجات العالمية في بورصة العملات المشفرة، لتزداد قائمة الشخصيات المهمة التي غادرت الشركة. وفي 15 من نفس الشهر واصل كبار المسؤولين في بورصة بينانس الأميركية تقديم استقالاتهم. حيث استقال رئيس بورصة العملات المشفرة الأميركية، بريان شرود، كما غادر المنصة كلًا من: كريشنا جوفادي، رئيس القسم القانوني، وسيدني ماجاليا، كبير مسؤولي المخاطر.
وفي 13 سبتمبر نقل موقع «كوين ديسك» بيان للشركة، حمّل الجهات التنظيمية مسؤولية هذه الاستقالات، قالت فيه إن «المحاولات العدوانية التي تقوم بها هيئة الأوراق المالية والبورصة لشل صناعتنا والتأثيرات الناتجة على أعمالنا لها عواقب حقيقية على الوظائف والابتكار الأمريكي، وهذا مثال مؤسف على ذلك»، في الوقت الذي أكدت فيه أن «الإجراءات التي نتخذها اليوم تمكن منصة بينانس الأميركية الاستمرار في خدمة عملائنا بينما نعمل كبورصة للعملات المشفرة فقط». كان ذلك بعد أسبوع من ظهور تشانغبينغ تشاو عبر تويتر سبيس، منتقدًا محاولة تصوير بينانس على أنها بورصة FTX أخرى. وقال تشاو: «أعتقد أننا شركة أقوى بكثير اليوم مما كنا عليه قبل عامين».
اقرأ أيضًا.. ريتشارد تينغ.. الخبير التنظيمي يقود بورصة بينانس خلفًا لـ«CZ»
تراجع ثروة رئيس بورصة بينانس
في 30 أكتوبر 2023، كشف تقرير لوكالة بلومبرغ عن تراجع ثروة رئيس بورصة بينانس حيث كان يمتلك حوالي 29 مليار دولار في بداية العام، ولكن بعد تراجع سوق العملات المشفرة، وانخفاض أحجام التداول، هبطت ثروته إلى 17 مليار دولار فقط، ليفقد معها نحو 12 مليار دولار من ثروته الشخصية.
وبحسب مؤشر بلومبرغ للثروة، انخفضت قيمة منصة بينانس في أمريكا بشكل كبير من 4.7 مليار دولار في مارس 2022، إلى مليار دولار فقط في نهاية الربع الثالث من 2023. وهذا يعني أن المنصة فقدت نحو 80% من قيمتها في عام واحد. جاء ذلك بعد إعلان منصة بينانس التحول إلى منصة لتداول العملات المشفرة فقط في أميركا، وإلغاء خدماتها بالدولار الأميركي، تجنبًا للوقوع في مشكلات تنظيمية تسبب هذا القرار في التأثير السلبي على أحجام التداول والحصة السوقية للذراع الأميركية للمنصة.
وأثرت جميع هذه العوامل سلبًا على إيرادات منصة بينانس، التي انخفضت بنسبة 38% على أساس سنوي. وفقًا لبيانات من شركات تتبع العملات المشفرة مثل Coingecko وCoinpaprika، كان حجم التداول على المنصة في الربع الأول من هذا العام 62% من إجمالي تداولات العملات المشفرة في البورصات. ولكن في نهاية الربع الثالث، انخفضت حصتها إلى 51% فقط.
استقالة رئيس بورصة بينانس
وبعد كل هذه الأزمات أعلن رئيس بورصة بينانس استقالته من منصبه كرئيس تنفيذي، بعد أن اعترف بالذنب في تهم غسل الأموال وانتهاك العقوبات، في إطار تسوية مع وزارة العدل الأمريكية.
ووافقت باينانس على دفع غرامة قدرها 4.3 مليار دولار، فيما تمثل التسوية واحدة من أكبر العقوبات المفروضة ضد أحد اللاعبين الرئيسين في صناعة العملات المشفرة، التي تواجه تدقيقا شديدا من قبل وزارة العدل والوكالات الحكومية الأخرى وأعضاء الكونغرس.
وقال ممثلو الادعاء إن الشركة ستدفع 1.81 مليار دولار في غضون 15 شهرًا، بالإضافة إلى مصادرة 2.51 مليار دولار أخرى كجزء من الصفقة مع وزارة العدل، وسيدفع تشاو شخصيًا 50 مليون دولار، وبمقتضى التسوية سيحتفظ «CZ» بحصة الأغلبية في الشركة، وفقا لمصادر مطلعة، وسيمنع تشاو من الاستمرار في تولي أي دور تنفيذي.