أعلن قصر باكنجهام في 8 سبتمبر، وفاة الملكة إليزابيث الثانية، عن عمر 96 عامًا، بعد 70 عامًا من اعتلائها عشر المملكة المتحدة. التزمت البلاد في عهد إليزابيث الحياد في الأزمات السياسية، والاقتصادية، بصورة كبيرة، حفاظا على دستور البلاد الذي يحظر على الملك التدخل في عمل السلطة التنفيذية.
طوال 7 عقود سعت الملكة إليزابيث للحفاظ على استقرار بلادها وسمعة التاج البريطاني، ونجحت إلى حد كبير في هذه المهمة، وعبرت ببلادها الكثير من الأزمات بأمان، واشتهرت بالتدخل غير المباشر في أزمات البلاد عبر خطاباتها، أو اجتماعتها الأسبوعية مع رؤساء الحكومة.
التضخم الاقتصادي في عهد إليزابيث
قدرت دراسة لشركة الاستشارات براند فاينانس (Brandfinance) أن النظام الملكي البريطاني أضاف سنويًا نحو 1.8 مليار جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني، لكن هذا لا يعني أن بريطانيا لم تشهد أزمات في عهد إليزابيث، بل إن الملكة ترحل اليوم تاركة البلاد على حافة الركود الاقتصادي، حيث تعاني من ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوياته في 40 عاما عند 10.1% وتباطؤ النمو الاقتصادي، وفق نيويورك تايمز ورويترز.
اقرأ أيضًا: ما مصير ثروة الملكة إليزابيث الثانية؟
ونما اقتصاد المملكة المتحدة في عهد إليزابيث (1952 -2022) بنحو 410%، ويعد حاليا سادس أكبر اقتصاد في العالم، كما نما متوسط الدخل في البلاد بنحو 6%، وتحولت بريطانيا من بلد صناعي، إلى الإسهام في قطاع الخدمات عالميا والذي يشكل حوالي 80% من ناتجها المحلي، وضمن التركيز على هذا القطاع برزت مكانة لندن كمركز مالي عالمي.
خطر البريكست
واجهت حكومة رئيسة الوزراء السابقة تريزا ماي، تهديدات بسحب الثقة أو إسقاط صفقة البريكست في 2019، وقتها قررت الملكة إليزابيث الثانية الخروج عن صمتها، وألقت خطابا يدعو لاحترام وجهات النظر المختلفة، والوصول إلى أرضية مشتركة، وبالفعل نجحت في استعادة الرأي العام، وإنقاذ موقف الحكومة.
رهان الأزمة المالية
خلال الأزمة المالية العالمية 2007-2008 تأثر الاقتصاد البريطاني كغيره من اقتصادات العالم، إلا أنه لم يتأثر بقوة وانكمش مطلع 2009 بنحو 2% فقط، بفضل النمو القوي الذي كان يتمتع به لأكثر من 15 عاما متتالية.
توجهت الملكة إليزابيث وقت الأزمة إلى أساتذة الجامعة والخبراء، للسؤال عن أسباب الأزمة وعدم التحذير منها مبكرا، فيما قدمت حكومتها الدعم الكامل للبنوك المتعثرة جراء أزمة الرهن العقاري، وقامت بتأميم بعضها لأول مرة منذ السبيعنيات، ما ساهم في الحفاظ على استقرار النظام المصرفي البريطاني.
الملكة إليزابيث وأوراق الجنة
تركت الملكة إليزابيث وراءها ثروة بأكثر من 420 مليون دولار من الأصول الخاصة، لكن الرقم الحقيقي قد يكون أعلى بكثير، ففي 2017 كشفت وثائق مسربة يطلق عليها أوراق الجنة نشرتها صحيفة سودويتش تسايتونج الألمانية أن الملكة إليزابيث استثمرت نحو 10 مليون جنيه استرليني من مالها الخاص خارج بريطانيا تحديدا في ملاذات ضريبية مثل جزر كايمان وبرمودا.
وأوضحت الوثائق وقتها أن هذه الأموال استثمرها الصندوق المسؤول عن إدارة أموال الملكة وعائداتها وأن جزء منها تم استثماره في متاجر تجزئة متهمة باستغلال الفقراء وانتهاك حقوق العمالة، فضلا عن استثمار مبالغ طائلة في شركات غير مرخصة مدانة بـ 17.5 مليون جنيه إسترليني لصالح مصلحة الضرائب البريطانية، وفق الجارديان.
هذه الأنباء وقتها أثارت جدلا واسعا في الشارع البريطاني، لكن التاج البريطاني وقتها أخلى مسؤوليته وقال على لسان مدير الشؤون المالية لثروة الملكة كريس أدكوك إن الوثائق المسربة لا تشتمل على أي إشارة إلى أن الملكة كانت على دراية بالاستثمارات المذكورة التي نفذها الصندوق الخاص بإدارة أموالها نيابة عنها.