«هذا الموقع يستخدم ملفات تعريف الارتباط» لطالما طالعتنا هذه الرسالة، التي تنتهي بخيار ما بين القبول أو الرفض، عند تصفح أحد المواقع من بين عشرات المواقع التي نتصفحها يوميًا. هذه الرسالة التي يصفها بعض المستخدمين بـ«المزعجة» لن تظهر مرة أخرى بنهاية العام الجاري 2024، وعلى الرغم من الترحيب الذي استقبل به مستخدمون هذا الخبر، إلا أنه يُعد خبرًا سيئًا بالنسبة للمعلنين. فما هي ملفات تعريف الارتباط، ولماذا ستُقدِّم غوغل على إيقافها؟ وكيف ستؤثر على المعلنين؟
ما ملفات تعريف الارتباط؟
ملفات تعريف الارتباط، المعروفة أيضًا بالكوكيز، هي ملفات نصية صغيرة تُخزن على جهاز الكمبيوتر عند تصفح الإنترنت. تستخدمها المواقع لتسهيل وصولك إليها مرة أخرى، مثل تذكر تفاصيل تسجيل الدخول أو تفضيلاتك على الموقع. كما تُستخدم لتخزين بيانات تتعلق بسلوكك وتفضيلاتك على الإنترنت، مما يساعد في تقديم محتوى وإعلانات مُخصصة لك. ومع ذلك، يمكن أن تُستخدم أيضًا لتتبع نشاطك على الإنترنت، مما يثير قضايا تتعلق بالخصوصية.
اقرأ أيضًا.. غوغل ترد على OpenAI بتقنية VLOGGER
ما الذي تخطط له غوغل؟
وفق تقرير لموقع «ياهو فايننس»، تخطط غوغل لإيقاف استخدام ملفات تعريف الارتباط من متصفح كروم (Chrome) خلال هذا العام. تقول غوغل في مدونتها عبر الإنترنت إنها «تريد حماية خصوصية المستخدمين».
يُعتبر متصفح كروم، الذي يستحوذ على 60% من سوق الإنترنت العالمية، المتصفح الرئيسي الأخير الذي يدعم ملفات تعريف الارتباط. لسنوات، قام متصفحا سفاري (Safari) من شركة أبل، وفايرفوكس (Firefox) من موزيلا (Mozilla) بمنع هذه الملفات بشكل افتراضي. ومع أن حصتهما في السوق أقل مقارنة بحصة غوغل، إلا أن تدفق الإعلانات إلى كروم زاد بعد أن وفر متصفحا سفاري، وموزيلا، حماية أكبر للخصوصية. ومع ذلك، لن يكون هناك بديل للمعلنين للاعتماد عليه بمجرد أن يتخلى كروم عن دعم ملفات تعريف الارتباط هذه.
كيف يؤثر وقف ملفات تعريف الارتباط على صناعة الإعلان والناشرين؟
يمثل غياب ملفات تعريف الارتباط ضربة للمعلنين، إذ تقل معرفة الشركات بجمهورها، وهو ما قد يقلل من فعالية إعلاناتهم، فبالنسبة للمسوقين والشركات، القدرة على التنبؤ برغبات المستخدمين تخلق قيمة. وكلما ارتفعت دقة التوجيه، أصبح الإعلان أكثر تناسبًا مع الجمهور، كما يوجه غياب ملفات تعريف الارتباط ضربة أخرى لمواقع الويب الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد على الإعلانات كمصدر للإيرادات.
أنتوني كاتسور، رئيس شركة IAB Tech Lab، وهي شركة لصناعة الإعلانات الرقمية، يقول: «الإنترنت المفتوح سيواجه تحديات»، مضيفًا: «المواقع الصغيرة والمتوسطة الحجم ستتأثر أيضًا».
وبهذه النتيجة، تواجه مواقع الويب التي تعتمد على الإعلان على الإنترنت المفتوح صعوبة في البقاء. وقد يواجه المستخدمون المزيد من الإعلانات التي لا يهتمون بها كثيرًا حيث تحاول المواقع تعويض الخسارة في القيمة عن طريق إنتاج المزيد من الإعلانات على طريقة الاستهداف العشوائي للمستخدمين.
وقال كارستن وايد، كبير المحللين في شركة دبليو ميديا ريسيرش (W Media Research)، إن بعض الناشرين قد يعانون من خسائر في الإيرادات تتراوح بين 20% إلى 40% لأن إيقاف ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية يقلل من فعالية الإعلانات. وأضاف: «بشكل عام، سيتم إغلاق جميع أنواع المواقع أو تقليص ما يمكنها تقديمه».
اقرأ أيضًا.. سباق الذكاء الاصطناعي.. هل توجه غوغل القاضية إلى ChatGPT باتفاق أبل؟
تفاقم أزمة خصوصية المستهلكين
من جهة أخرى، يؤكد الخبراء أن نهاية ملفات تعريف الارتباط قد تؤدي إلى تفاقم خصوصية المستهلك في بعض النواحي، من خلال ابتكار طرق أخرى دقيقة لجمع البيانات. مع قيام المزيد من الشركات بتوجيه الأشخاص لتسجيل الدخول لاستبدال جمع البيانات الذي مكّنه ملف تعريف الارتباط، ستصبح ملفات تعريف المستخدمين أكثر تفصيلاً ودقة، حيث يتم استبدال نموذج المراقبة بآخر.
لكن في المقابل، جزء من التغيير، الذي تتوقع غوغل حدوثه في النصف الثاني من عام 2024، سيجلب تقنيات جديدة للحفاظ على الخصوصية لمنح مواقع الويب طرقًا بديلة لعرض الإعلانات بناء على رغبات وسلوك المستخدمين.
نقل موقع «ياهو فايننس» عن متحدث باسم غوغل، أن الشركة واثقة من أن أدواتها الجديدة ستمكن المطورين من استرداد جزء كبير من خسائرها التي قد تحدث بدون ملفات تعريف الارتباط التابعة لجهات خارجية. تقوم إحدى طرق الاستهداف الجديدة بتجميع الأشخاص في مجموعة أكبر بناءً على نشاط تصفح الويب الخاص بهم. لا تحدد التكنولوجيا المستخدمين بشكل فردي، ولكنها بدلاً من ذلك تضعهم في حشد من المستخدمين الذين من المحتمل أن يكون لديهم اهتمامات مماثلة.
اقرأ أيضًا.. غوغل توقف إنشاء الصور بـGemini AI وتسرّح مسؤول الخوارزميات.. ما القصة؟
ما موقف كبار اللاعبين؟
تأتي التغييرات في وقت سيكون العديد من أكبر اللاعبين على الويب مجهزين بشكل أفضل للتعامل مع الإصلاح الشامل. أقامت شركات التكنولوجيا العملاقة مثل ميتا، وأبل، وأمازون، ما يشبه الحدائق المسورة على مستخدميها، مما منحها رؤية عميقة لرغبات مستخدميها وسلوكياتهم. ويمكن لبعض شركات الإعلام الكبرى والناشرين الذين لديهم عدد كبير من المتابعين الاعتماد على الاشتراكات والنظام البيئي للتطبيقات. لقد أقاموا علاقات مباشرة مع مستخدميهم من خلال رسائل البريد الإلكتروني وتسجيلات الدخول، مما يسمح لهم بتحقيق إيرادات مباشرة من جماهيرهم ومراقبة تدفقات البيانات الأكثر ثراءً دون استخدام ملفات تعريف الارتباط.