سويسرا.. دفع انهيار البنوك الثلاثة الصديقة للعملات المشفرة في الولايات المتحدة، سيجنتشر بنك signature، وسيلكون فالي بنك SVB، وسيلفرجيت Silvergate، أسراب شركات صناعة التشفير الأمريكية لتحط في مدينة كانتون تسوج السويسرية أو ما يطلق عليه السكان المحليون اسم وادي الكريبتو Crypto Valley.

فإذا كانت هونج كونج تعتبر نفسها قبلة شركات التشفير والمصارف القادمة من الصين، البلد الذي حظر أنشطة صناعة العملات المشفرة، فإن سويسرا بما تمتلكه من إجراءات تنظيمية قوية وتيسيرات ضريبية باتت وجهة شركات التشفير المغادرة من الولايات المتحدة.

بتعبير مسؤولين مصرفيين في سويسرا البلد الصديق للعملات المشفرة، باتت البنوك السويسرية غارقة في الطلبات القادمة من شركات العملات الرقمية.

سويسرا تسوق نفسها كمركز للعملات المشفرة

خارج سويسرا وجدت صناعة العملات المشفرة صعوبة في الوصول إلى الخدمات المصرفية من المقرضين التقليديين، الذين لا يريدون حتى لمس أي شيء ليس له إطار تنظيمي واضح، وشمل ذلك شركات بلوكتشين وكريبتو، التي اضطرت بدلاً من ذلك إلى اللجوء إلى البنوك المتخصصة، فبحسب مسؤولين مصرفيين تحدثوا إلى CNBC تحولت بعض شركات العملات الرقمية إلى بنوك سويسرا الصديقة للعملات المشفرة، مما أدى إلى إغراقها بطلبات الخدمات المصرفية.

في مقابل ذلك أبدت بنوك سويسرا استعدادا لذلك، سعت سويسرا إلى تسويق نفسها كمركز للعملات المشفرة مع تنظيم قوي، مستغلة غياب المقرضين الثلاثة الكبار سيلكون فالي بنك وسيجنتشر وسيلفرجيت.

وتتركز صناعة التشفير في سويسرا في مدينة كانتون تسوج التي يطلق عليها وادي الكريبتو، وتضم أكثر من 1000 شركة ناشئة للعملات المشفرة و بلوكتشين.

يقول موقع cryptonomist المتخصص في متابعة أسواق العملات المشفرة، إن وادي الكريبتو في سويسرا يجري إصلاحات لموقعه، ليس هذا فقط، فهذه الشركات مدفوعة بشكل أساسي بالمناخ الاستثماري الملائم في المنطقة، والتي أبرزها معدلات الضرائب المواتية، والبيئة السياسية المواتية والبنية التحتية القانونية المواتية.

تتضح هذه الجوانب جيدًا من خلال الدعم القوي لوادي التشفير في سويسرا، من خلال حتى قبول مدفوعات الضرائب عبر عملات بيتكوين أو إيثريوم.

وقال مستشار في بنك سويسري خاص، فضل عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة للمسألة: لقد تلقينا الكثير من الطلبات، مضيفا بعد إغلاق سيلفرجيت وبنك سيجنتشر هذا الشهر، تلقى البنك طلبات أكثر في يوم واحد، أكثر من أي وقت مضى، إنه جنون، بحسب تصريحاته التي نقلتها CNBC .

وأضاف المستشار أن المشكلة لا تزال قائمة فيما يتعلق بشركات التشفير التي لا تزال بحاجة إلى خدمات مصرفية، مضيفًا أن الناس يرون حادثة كريدي سويس Credit Suisse في سويسرا على أنها مخاطرة فردية مؤسفة مع بنك فرديّ.

الشركات تتطلع إلى سويسرا

قال دومينيك كاستلي، كبير مسؤولي التسويق في سيجنوم Sygnum، أحد أكبر بنوك سويسرا التي تركز على خدمة شركات الأصول الرقمية، إن البنك يشهد تدفقًا من الاستفسارات.

وأضاف كاستلي: على مدار الأسابيع الماضية مع تطور أحداث الصناعة المصرفية الحالية، شهدنا زيادة كبيرة في الاستفسارات الداخلية من مختلف المواقع الدولية، مضيفًا أن موقع سيجنوم في كل من سويسرا وسنغافورة يجذب الشركات.

وتابع كاستلي أن الاهتمام يأتي بشكل أساسي من المستثمرين ومديري الأصول ومشاريع بلوكتشين الذين يتطلعون إلى تنويع استثماراتهم في التشفير مع شريك من سويسرا موثوق به مثل سيجنوم.

وتمتلك سيجنوم ترخيصًا مصرفيًا سويسريًا، ورخصة خدمات أسواق رأس المال في سنغافورة، مما يجعلها تحت إشراف المنظمين.

وقال أحد المستشارين المقيمين في سويسرا لـ شركات التكنولوجيا المالية، والذي فضل أيضًا عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية منصبه، نشهد تدفقا من العملاء الأمريكيين إلى البنوك السويسرية.

في غضون ذلك، قال مسؤول تنفيذي في شركة تجارية أوروبية، رغب في عدم الكشف عن هويته بسبب الطبيعة الحساسة للموضوع، إن شركته كانت ترى كيانات خارج أوروبا تقوم باستفسارات بشأن علاقات مصرفية جديدة في بنوك سويسرا، وأضاف أن هذه الشركات تشمل صناديق التحوط التي تركز على التشفير.

موقف سويسرا الملائم للعملات المشفرة

جزء من سبب بحث الشركات عن بنوك سويسرا هو لوائح الدولة التي ترحب بشركات العملات المشفرة التي تحتاج إلى بيئة تشغيل مستقرة.

أنشأت الدولة ما يطلق عليه السكان المحليون وادي التشفير في منطقة تسوج، خارج مدينة زيورخ في سويسرا مباشرةً، حيث أقامت الشركات الناشئة وشركات العملات الرقمية الأكثر رسوخًا متجرًا لها.

في عام 2021، قدمت الحكومة لائحة بشأن الشركات في سويسرا التي تستخدم ما يسمى بتقنية التسجيل الإلكتروني الموزع أو بلوكتشين، والتي نشأت مع عملة البيتكوين المشفرة ولكنها تطورت منذ ذلك الحين.

قال تييري أريس رويز، الرئيس التنفيذي لشركة AgAu.io التي تتخذ من سويسرا مقراً لها، إن سويسرا أكثر استقراراً وهناك يقين أكبر بشأن القواعد.

وبحسب ما نشره موقع كريبتو نوميست فإنه تبين أن فشل صناعة التشفير لا ينبع من مشاكل تكنولوجية، موضحا أن الأحداث كشفت نقاط الضعف في معظم المؤسسات العاملة في قطاع العملات المشفرة وهي على وجه التحديد الشركات التي لم تمتثل بعد للعمليات التنظيمية، بالإضافة إلى الممارسات الإدارية السيئة من قبل المؤسسات المالية المركزية.