في سباق الذكاء الاصطناعي هناك الكثير من القصص والحكايات المثيرة، من بينها ما تم الكشف عنه حول التحذير الذي وجهه كبير علماء الذكاء الاصطناعي يان ليكون (Yann LeCun)، في شركة ميتا (Meta)، الشركة الأم لتطبيقات فيس بوك، وإنستغرام، وواتسآب، إلى مارك زوكربيرغ من التأثير المتوقع لبرنامج الدردشة الآلية تشات جي بي تي (ChatGPT) الذي يمكنه إنشاء محادثات واقعية مع البشر، على تطبيقات ميتا.
في محادثة خاصة مع رئيس شركة ميتا، مارك زوكربيرغ، أبلغه يان ليكون (Yann LeCun)، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في الشركة، بأنهما بحاجة إلى الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي، لمواجهة المنافسة مع تشات جي بي تي (ChatGPT). وأضاف أن ميتا (Meta) تحتاج إلى تطوير مساعد الذكاء الاصطناعي الخاص بها، قبل أن تفقد السباق في سوق التواصل الاجتماعي.
وأحدث برنامج تشات جي بي تي، الذي تم إطلاقه في نوفمبر 2022، هزة في قطاع التكنولوجيا التكنولوجيا، حيث يستخدم الذكاء الاصطناعي لتوليد نصوص مقنعة وممتعة، ويمكنه الرد على أي سؤال أو طلب. وأشار يان ليكون، إلى أنه إذا لم تتحرك ميتا (Meta) بسرعة، فقد تخسر مستخدميها ومكانتها في هذا المجال، حيث يمكن لبرنامج تشات جي بي تي (ChatGPT)، أن يجذب الجمهور بمحتواه الجديد والمبتكر.
ميتا تطلق برنامج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر
وبحسب ما نقلته صحيفة نيويورك تايمز، فإن مارك زوكربيرغ لم يكن مهتمًا بما قاله كبير العلماء، ولم يعطه أي اهتمام. لكن بعد مرور بعض الوقت، أدرك زوكربيرغ، أن يان ليكون كان على حق، واعتذر له خلال حفل عشاء، وقال: «لقد فكرت في كلامك وأوافقك الرأي».
لكن زوكربيرغ لم يكتف بالاعتذار، بل قرر أن يجعل شركة ميتا (Meta) شركة رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي ، وقام بإطلاق برنامج ذكاء اصطناعي مفتوح المصدر، يسمى «LLaMA»، في فبراير 2023، بحسب موقع بيزنس إنسايدر.
وقال زوكربيرغ، إن برنامج «LLaMA»، هو نموذج لغة كبير، يمكنه توليد نصوص متنوعة ومفيدة، ويمكنه التفاعل مع المستخدمين عبر تطبيقات ميتا، مثل فيسبوك (Facebook) وإنستغرام (Instagram) وواتساب (WhatsApp).
وأضاف زوكربيرغ، أن برنامج «LLaMA»، هو بديل مجاني لبرنامج تشات جي بي تي (ChatGPT)، الذي يتطلب دفع رسوم للوصول إليه. وقال إنه يأمل أن يساهم برنامج «LLaMA»، في تطوير البحث العلمي والابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضًا: دروس مارك زوكربيرغ القيّمة في إدارة المال!
ميتا تواجه انتقادات ومخاوف أمنية
وبحلول شهر فبراير، أعادت شركة ميتا (Meta) إطلاق برنامج جينسيس (Genesis)، نموذج اللغة الكبير الذي بناه فريق ليكون (LeCun)، لكنه لم يمر دون مشكلات، فبعد أيام من توفيره للباحثين خارج الشركة، تم تسريب جزء من كود النموذج على موقع «4chan»، وهو موقع إلكتروني يشتهر بنشر محتوى مسيء ومثير للجدل. وقال مصدر داخلي لموقع بيزنس إنسايدر، إن التسريب أثار قلقًا كبيرًا في ميتا، حيث كان هناك خوف من أن يستخدم النموذج من قبل الجهات الفاعلة السيئة، لنشر الأخبار المزيفة أوالتحرش بالمستخدمين أوالتأثير على الرأي العام.
وقال المصدر، إن ميتا لم تقم بإجراء تقييم كافٍ للمخاطر، قبل إطلاق النموذج، وأنها تجاهلت التحذيرات من الفرق القانونية والسياسية في الشركة، التي كانت تشير إلى مخاطر السلامة والخصوصية، مشيرًا إلى أن زوكربيرغ كان مصرًا على إطلاق النموذج، حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بسمعة الشركة ومسؤوليتها الاجتماعية.
ودفع التسريب جزئيًا عضوي مجلس الشيوخ الأميركي، جوش هاولي وريتشارد بلومنثال، إلى الكتابة إلى ميتا في الأشهر التالية، زاعمين أن الشركة فشلت في إجراء أي تقييم ذي معنى للمخاطر، قبل إطلاق نموذجها للذكاء الاصطناعي، وجعلت النموذج عرضة للجهات الفاعلة السيئة.
اقرأ أيضاً.. ميتا تنتظر المليارات من تطبيق ثريدز: هل تجني أرباحاً أكثر من تويتر؟
ميتا ليست وحدها في سباق الذكاء الاصطناعي
ولم تكن ميتا الشركة الوحيدة التي دخلت سباق الذكاء الاصطناعي. ففي الوقت نفسه، كانت شركات تكنولوجيا أخرى، مثل غوغل (Google) ومايكروسوفت (Microsoft)، تعمل على تطوير روبوتات الدردشة الخاصة بهم، لمنافسة أوبن إيه آي (OpenAI)، التي كانت تحقق نجاحات باهرة في هذا المجال.
وفي فبراير، وهو نفس الشهر الذي أصدرت فيه ميتا (Meta) تطبيق «LLaMA»، أصدرت مايكروسوفت (Microsoft) محرك بحث بينغ (Bing)، المدعوم بالذكاء الاصطناعي للمستخدمين الأوائل، والذي اتُهم لاحقًا بإصدار ردود مزعجة.
وفي نفس الأسبوع، كشفت غوغل عن نسختها التجريبية من برنامج الدردشة الآلي بارد (Bard) الخاص بها، والذي انتقده بعض الموظفين واعتبروه مهمة متسرعة وفاشلة، بعدما أظهر هذا الفشل في أخطاء في الاستجابة لبعض المطالبات خلال العرض التقديمي الأول.
ولم تؤجل ميتا خطواتها الحصول على أدوات جديدة للذكاء الاصطناعي بإصدارها، في يوليو الماضي، لبرنامج «Llama 2»، وهو الإصدار الأحدث لنموذجها الأولي.
وفي سبتمبر، كشفت أيضًا عن أحدث جيل من نظارات راي بان ميتا (Ray-Ban Meta) الذكية، وعشرات من روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تلعب أدوار المشاهير مثل باريس هيلتون (Paris Hilton) و(Snoop Dogg).
وبهذا، أصبح سباق الذكاء الاصطناعي أكثر حدة وتنافسًا، حيث تحاول كل شركة تكنولوجيا تقديم روبوت دردشة يتفوق على الآخرين، ويجذب اهتمام وولاء المستخدمين. ولكن هذا السباق يثير أيضًا تساؤلات ومخاوف حول الآثار الاجتماعية والأخلاقية والقانونية لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مجال التواصل البشري.
مارك زوكربيرغ لن يتخلى عن الميتافيرس من أجل الذكاء الاصطناعي
في ذات السياق أعلن مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، عن التزامه بالاستثمار في الميتافيرس، على الرغم من إنفاق المليارات على الذكاء الاصطناعي، وفقًا لما نقله موقع كوين ديسك.
وقال مارك، في مكالمة مع أعضاء الشركة حول الأرباح: «استثماراتنا في الذكاء الاصطناعي مستمرة، لكن نبقى ملتزمين تمامًا برؤية الميتافيرس (Metaverse)، لقد عملنا على هاتين الأوليتين الرئيسيتين لسنوات عديدة بالتوازي الآن ومن نواح كثيرة يتداخل المجالين ويكملان بعضهما البعض»
والتركيز على الميتافيرس (metaverse) لم مربحًا لشركة ميتا، حيث استمرت الشركة في نزف مليارات الدولارات بسبب هذه الإصرار على الاستثمار فيه، إذ أنه في خلال عام 2022، خسر قسم ميتا ليبرتي لابس Meta Reality Labs، التابع للشركة، والمسؤول عن ميتافيرس metaverse، حوالي 13.7 مليار دولار من الإيرادات البالغة 2.2 مليار دولار، مسجلة ارتفاعًا من خسارة قدرها 10.2 مليار دولار على إيرادات 2.3 مليار دولار في عام 2021.
ومع ذلك يصر الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، على الاستمرار في الاستثمار فيه، مؤكدًا أنه الرؤية المستقبلية التي ستحقق طفرة للشركة.