ريادة الأعمال الاجتماعية.. وسيلة لتطوير المجتمع

ريادة الأعمال الإجتماعية أو ما يسمى بال(social entrepreneurship)، هو السعي لتحقيق تغيير اجتماعي ملموس من خلال خلق حلول جديدة ومبتكرة ومستدامة لمشكلات يعاني منها المجتمع عن طريق مشاريع وأعمال مستحدثة.

وقد عرّف كل من شعراني وريمي في بحثهم المنشور عام 2022 (El-chaarani and Raimi, 2022) ، ريادة الأعمال الإجتماعية بالنهج الريادي والمستدام الذي يعمل على توفير حلولاً اجتماعية أو بيئية أو ثقافية.

تبدأ الريادة الاجتماعية باجراء بحث على أرض الواقع وذلك بهدف لايجاد مشكلة اجتماعية معينة يليها انشاء وادارة مشروع تجاري يهدف الى القضاء التام على هذه المشكلة عن طريق حلها أو على الأقل التخفيف من حدتها قدر الامكان على المجتمع.

الفرق بين ريادة الأعمال التجارية والاجتماعية

تنقسم ريادة الأعمال الى نوعين ريادة الأعمال التجارية التقليدية وريادة الأعمال الاجتماعية. تهدف ريادة الأعمال التجارية لتحقيق مكاسب مالية عن طريق تلبية حاجات السوق بينما تهدف ريادة الأعمال الاجتماعية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية عن طريق إبتكار مشاريع جديدة ومستحدثة. فيما يلي عناصر الاختلاف الاساسية بين ريادة الأعمال التجارية والاجتماعية:

أسباب الاستثمار

ان الهدف الأساسي من ريادة الأعمال التجارية هو تحقيق الأرباح المالية لأصحابها، أما ريادة الأعمال الاجتماعية تسعى لتحقيق هدف المشروع أولاً وهو محاولة حل المشاكل الاجتماعية.

كيفية استخدام الأرباح

تستعمل جميع أرباح ريادة الأعمال التجارية بشكل عام لتحقيق ثروة شخصية لصاحب المشروع التجاري، من الناحية الأخرى تستخدم ارباح ريادة الأعمال الاجتماعية لتمويل الأعمال الخيرية الاجتماعية.

معيار النجاح

يقاس معيار نجاح ريادة الأعمال التجارية بمقدار المكاسب المادية التي ينتجها المشروع التجاري، فتحقيق المكاسب المالية هو الهدف الأساسي وكلما زادت الأرباح زاد نجاح المشروع التجاري. ويقاس معيار نجاح لريادة الأعمال الاجتماعية عن طريق احداث تغيير أو ايجاد حل لمشكلة إجتماعية.

معيار نجاح ريادة الأعمال الاجتماعية

يشير كل شعراني وريمي أن نجاح مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية ترتكز على:

1-خدمة المجتمع

يجب أن يعمل أي مشروع ريادي إجتماعي على تحقيق هدفه الاجتماعي أو البيئي أو الثقافي.

2-إستدامة المشروع

إستدامة المشروع وتحقيق الربح هما عنصريين اساسيين لكي يحقق المشروع الريادي هدفه الاجتماعي ويستمر في خدمة المجتمع.

3-الابتكار

لا يمكن النجاح في المشروع الريادي الاجتماعي إلا من خلال ابتكار مشاريع جديده تعمل على إيجاد حلول إجتماعية ومستدامة.

4-التسويق

يحتاج كل مشروع ريادي إجتماعي إلى التسويق والترويج لتأمين استمراريته من خلال تعريف المجتمع عليه.

5-المراقبة والمتابعة

بعد البدء بتنفيذ المشاريع الريادية الاجتماعية يجب على رواد الأعمال متابعة ومراقبة مراحل تقدم المشروع لمعرفة مدى تقبل السوق له.

6-الأداء النفسي لرائد الأعمال

يعتبر الدافع النفسي لرائد الأعمال عنصر أساسي لإنجاح المشروع الريادي الاجتماعي. لذلك يجب على رائد الأعمال أن يمتلك القدرة على تحمل مسؤولية ومخاطر مشروعة.

دور المنظمات التي لا تبغى الربح في تفعيل الرياده الإجتماعية

برز دور المنظمات التي لا تبغى الربح (NGOs) في العديد من الدول العربية مثل لبنان في ظل التدهور الاقتصادي وغياب دور الدولة في تحريك العجلة الاقتصادية وتفعيل ريادة الأعمال التجارية والاجتماعية. وخصصت المنظمات التي لا تبغى الربح، مدعومة من المنظمات الدولية مثل الامم المتحدة، مبالغ ضخمة لتفعيل ريادة الأعمال الاجتماعية من خلال إقامة الدورات التدريبية والدراسات وإنشاء حاضنات الأعمال.

في المقابل لبروز هذه المنظمات شكك العديد من الباحثين والخبراء بدورها الريادي واعتبرها البعض أداة غير مباشرة لتمكن الدول الكبرى من التحكم بالدول النامية. أما على أرض الواقع أثبتت دراسة كل من شعراني وريمي في عام 2022 أنه يجب إعادة النظر في أداء المنظمات التي لا تبغى الربح في العالم وخاصة في الدول العربية مثل لبنان. وأكدت الدراسة التي تناولت أكثر من 120 مشروع ريادي إجتماعي أن المنظمات التي لا تبغى الربح لعبت دور إيجابي في تأمين الدعم النفسي والتشجيع المعنوي وتأمين بيئة حاضنة لرواد الأعمال.

كما أشارت الدراسة أن نجاح أي مشروع ريادي جديد يهدف إلى تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب عدة عناصر تأتي في مقدمتها توفر البيئة الحاضنة والخبرة لرائد الأعمال في المجال الريادي. وشجع كل من شعراني وريمي في بحثهم الحكومات في الدول النامية لدعم مشاريع ريادة الأعمال الاجتماعية نظرًا لإيجابيتها الإقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال تقديم برامج الدعم المادي والفني.