رغم التطور الهائل الذي نشهده في عالم التكنولوجيا والذي يأتي لمصلحة البشر واستمرارهم وتقدمهم، تظهر بعض المشكلات في بعض أدوات وهيكلة الإنترنت والتي تتعارض مع الأفكار الثورية والتيارات الجديدة المسيطرة على المجتمعات في العالم أجمع.
اقرأ أيضًا.. ما هي ألعاب Web3.. وكيف تعمل؟
مسألة خوارزميات الإنترنت
وتلعب خوارزميات الإنترنت اليوم دورًا أساسيًا ومهمًا في النشاط الإلكتروني والتكنولوجي. غالبًا ما يتم استخدامها أكثر فأكثر لاتخاذ قرارات منح القروض أو قبول الطلبات وغيرها المزيد من النشاطات البشرية. ومع تطور الذكاء الاصطناعي شيئًا فشيئًا وتغير الصورة النمطية للعالم أجمع لا بد من مراجعة أداء هذه الخوارزميات والتحقق من مصداقيتها لتجنب أي نوع من التمييز غير المرغوب فيه، خاصة في عصرنا الحالي. فهذه التحيزات الناجمة عن الخوارزميات قد تشعل نيران المسائل المجتمعية الكبيرة كمسألة استبعاد عرق معين من عملية صنع القرار، أو تميز شخص على شخص آخر بسبب لون بشرته.
وبعد عدد كبير من الدراسات، ظهرت بعض أدوات التوظيف التي تفضل قبول الموظفين الذكور على المتقدمين من الإناث وهذا ما يثير إذًا مسألة التمييز بين البشر. ففي الحقيقة، تم التوصل إلى أن جميع الخوارزميات المدروسة صنفت الرجال ذوي البشرة البيضاء كالأفضل بين الفئات البشرية المختلفة.
هذا وقد وجد الباحثون أن خوارزميات الإنترنت اعتمدت معتقدات خاطئة بشأن السمات الجسدية التي تحدد الشخص كعرقه أو ثقافته رابطةً بالتالي الرجال بالعلوم والنساء بالفنون، وهي تلك الصورة النمطية التقليدية التي لا تمت بأي صلة للحقيقة والواقع الفعلي.
وبسبب هذه العقلية المشبعة بمبدأ التمييز بين الناس، اتضح أن الكاميرات القائمة على الذكاء الاصطناعي قادرة وبسهولة أكبر على اكتشاف ورصد وجوه الأشخاص ذوي البشرة البيضاء في حين واجهت أدوات تحليل الأصوات مشاكل مع الأصوات ذات الطبقة العالية ما يؤثر بالتالي على فئة النساء كونهن يتمتعن بطبقة صوتية أعلى من الرجال.
ولكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه الخوارزميات ليست إلا أدوات تحليل لبيانات ومعلومات يطرحها الإنسان. وبكلمات أخرى، إن الإنسان وحده هو الذي يغذي هذه الخوارزميات بأفكار ومعايير خاطئة وغير حيادية. وما أن يتم تزويد هذه الخوارزميات ببيانات متحيزة، كالتمثيل غير المتوازن وغير العادل بين الذكر والأنثى، ستظهر منتجات الذكاء الاصطناعي بتصميمها وتطويرها وخدماتها هذه التحيزات وخاصة التحيزات بين الجنسين، وستتزايد تلقائيًا مع الوقت.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي والكوارث الطبيعية.. أدوار جديدة للآلة
والحل؟
إنّ معالجة هذه المشكلة المسيطرة على خوارزميات الإنترنت أمرًا صعبًا جدًا ولكن ليس بالمستحيل. فلا بد إذًا من إعلام المصممين والمعنيين بإمكانية وجود تحيزات متعلقة ومرتبطة بمنطق الخوارزميات. كما يتصف هذا العمل بالمبتكر إذا أنه وليد تعاون ضخم ومثمر بين المختصين من المجالات المختلفة بما في ذلك علماء النفس والأنثروبولوجيا وخبراء في الجنس البشري والإحصاء. وهذا ما يؤكد أن خوارزميات الإنترنت ليست فقط أدوات رياضية مستقلة بل أنظمة اجتماعية وتقنية معقدة من شأنها إما أن ترفع نسبة التوتر الاجتماعي أو تخفضه تجنبًا لمشاكل اجتماعية أعمق وأكبر.