شهدت شركة Peloton للمعدات الرياضية نجاحًا باهرًا خلال فترة الإغلاقات العالمية بسبب جائحة كورونا، حيث تحولت إلى رمز لللياقة البدنية المنزلية، حيث تتميز منتجات الشركة، مثل الدراجات الثابتة وأجهزة المشي، بشاشات تفاعلية تعرض دروساً مباشرة مع مدربين شخصيين.
ولكن مع عودة الحياة إلى طبيعتها، تراجع الطلب على هذه الدراجات، مما أدى إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة أدت إلى محو ثروة مؤسسها جون فولي الذي كان يحتفظ بلقب أصغر ملياردير في بريطانيا.
صعود وهبوط ثروة جون فولي
شارك فولي في تأسيس شركة Peloton في عام 2012 وأشرف على ارتفاعها الهائل إلى تقييم 50 مليار دولار في ذروتها خلال جائحة كورونا، حيث ارتفعت مبيعاتها بنسبة 250% وارتفعت أسهمها بأكثر من 400%. ونتيجة لهذا النجاح الصاروخي، تحول جون فولي إلى ملياردير في وقت قياسي لتبلغ ثروته 1.5 مليار دولار لكن الشركة تعرضت لانهيار بعد عودة الناس إلى عاداتهم الرياضية السابقة ومرت الشركة بسلسلة من العثرات، ما أدى خسارته لثروته.
اقرأ أيضًا.. أخطاء تتسبب في الإفلاس يحذر منها الملياردير راي داليو.. فما هي؟
في حديثه لصحيفة نيويورك بوست، كشف جون فولي، مؤسس شركة Peloton ورئيسها التنفيذي السابق، عن عودته إلى نقطة الصفر مرة أخرى حين خسر ثروته الهائلة التي اكتسبها خلال العقد الماضي. وقال فولي: “كنت أمتلك ثروة كبيرة على الورق، ولكن للأسف فقدت كل شيء تقريبًا واضطررت لبيع ممتلكاتي”.
تسبب التفاؤل الزائد لشركة Peloton في تقدير حجم الطلب على منتجاتها بشكل مبالغ فيه، خاصة بعد تخفيف إجراءات الإغلاق في نوفمبر 2021 . أدى هذا التقدير الخاطئ إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة وفقدان مؤسسها جون فولي لمليارات الدولارات.
وفي ضربة قاصمة أخرى للشركة، توفيت شخصية السيد بيج في الحلقة الأولى من مسلسل And Just Like That…، وهي السلسلة المشتقة من مسلسل Sex and the City، وذلك بعد إصابته بنوبة قلبية أثناء ركوب دراجة Peloton. كان هذا الحدث بمثابة صدمة للجمهور، وأدى إلى تدهور سمعة الشركة بشكل كبير. وعن ذلك يقول فولي: “كنا نخرج للتو من أزمة كوفيد، وتعرض سهمنا لضربة قوية. ثم جاء هذا الحدث المدمر، والذي كان بمثابة الضربة القاضية”.
شهدت الشركة التي تقع في نيويورك تراجعًا حادًا في قيمتها السوقية، من 50 مليار دولار إلى رقم أقل بكثير. تزامن هذا التراجع مع استقالة فولي من منصب الرئيس التنفيذي في فبراير 2022. وبالمثل، شهدت ثروة فولي الشخصية انخفاضًا ملحوظًا، حيث تقلصت من 1.9 مليار دولار إلى 225 مليون دولار.
منذ ذلك الحين، اتخذت الشركة إجراءات صارمة للتعامل مع تراجع الطلب، شملت تسريح الرئيس التنفيذي باري مكارثي وتسريح آلاف الموظفين ورفع الأسعار وإغلاق المتاجر. شهدت قيمة الشركة تراجعًا حادًا، حيث انخفضت من ذروتها إلى 1.8 مليار دولار حاليًا. لقد كانت هذه الخسائر فادحة، ليس فقط بالنسبة للشركة، بل أيضًا بالنسبة لفولي الذي فقد لقب الملياردير. لم يكن فولي الضحية الوحيدة لهذا التراجع الحاد في أسعار الأسهم، بل تأثر العديد من المساهمين والموظفين أيضًا.
القرارات الصعبة
بعد أن شهد ثروته تتبخر، اضطر فولي إلى اتخاذ قرارات صعبة للحفاظ على استقرار وضعه المالي. شمل ذلك بيع منزله الفخم على الواجهة البحرية في إيست هامبتون، وهو قرار أثر بشكل كبير على نمط حياة عائلته. ومع ذلك، أظهر فولي مرونة كبيرة، مؤكدًا أن عائلته تتكيف مع هذه التغييرات وأنهم يركزون على الأمور المهمة في الحياة.
اقرأ أيضًا.. أخطاء الاستثمار السبعة.. ما المخاطر التي تحتاج تجنبها عند بناء ثروتك؟
لم يثبط فشل مغامرته مع Peloton عزيمته. فبعد عام واحد فقط، أطلق فولي مشروعه الجديد، Ernesta، وهي شركة مبتكرة تهدف إلى تغيير الطريقة التي نشتري بها السجاد. بفضل رؤيته الثاقبة وقدرته على جذب الاستثمارات، تمكن فولي من جمع 25 مليون دولار لتمويل شركته الجديدة. ويطمح إلى أن تصبح إرنستا قوة رائدة في سوق السجاد، محققة إيرادات نقدية تصل إلى 500 مليون دولار بحلول عام 2030.
اختتم فولي حديثه معبراً عن عزمه على استعادة ما فقده، قائلاً: “أعمل بجد حالياً لإعادة بناء ثروتي، فلم يتبق لي الكثير. هذا الدافع يجعلني أكثر تواضعاً وعزيمة”.
“لا شيء من هذا حقيقي”
تُظهر تجربة فولي بوضوح أن لقب الملياردير قد يكون مضللاً. فالثروة المرتبطة بأصول غير سائلة، مثل الأسهم التي يصعب تداولها، قد تفقد قيمتها بسرعة، مما يجعل هذا اللقب زائفا وغير واقعي.
رغم حصوله على لقب أصغر ملياردير في بريطانيا، صرح بن فرانسيس، مؤسس شركة Gymshark، بأن هذه الثروة ليست سوى أرقام على الورق، مشيراً إلى أنها مرتبطة بأصول متقلبة القيمة وقد تتلاشى بسهولة.
اقرأ أيضًا.. 7 أخطاء استثمارية تهدد استمرار المشاريع
أضاف رجل الأعمال قائلًا: ‘الثروة متقلبة وغير مستقرة، فقد تتضاعف أو تتلاشى بين عشية وضحاها. لهذا السبب، لا يجب أن نربط قيمتنا الذاتية بأرقام في الحساب البنكي. فتعريف النجاح بمدى الثراء هو نهج محدود وغير مجدٍ.
في حديثه لصحيفة واشنطن بوست، أعرب فولي عن تفاؤله بمستقبله، قائلاً: “أعتقد أن أفضل ما لدي لم يأت بعد. أحب قصص العودة من الصفر وإثبات الذات.