في الوقت الذي تتنافس فيه شركات التكنولوجيا على القيمة السوقية، ظهرت شركة إنفيديا (Nvidia)، المتخصصة في الرقائق الذكية لتصبح الأعلى قيمة في العالم بعدما تخطت قيمتها أكثر من 3 تريليونات دولار، لكن الأغرب أنها لن تتوقف وسترتفع أكثر ما يجعل جنسن هوانغ، المؤسس والرئيس التنفيذي للشركة ينافس على لقب أغنى رجل في العالم.
ويحتل جنسن هوانغ، المركز الـ12 ضمن قائمة أغنياء العالم الآن بثروة تقدر بحوالي 119 مليار دولار، بينما من المتوقع أن تستمر إنفيديا (Nvidia)، وربما ترتفع إلى أن تصل إلى 5 مليارات وهذا ما سوف يجعل هوانغ هو الأغنى على الإطلاق، فهل سيحدث ذلك؟ ومتى؟
هوس جنسن هوانغ بالإدارة في إنفيديا
في كل صيف، اعتاد الملياردير جنسن هوانغ، على استضافة أحدث مجموعة من المتدربين لدى شركة إنفيديا (Nvidia) في قصره في سان فرانسيسكو، وفتح منزله ومنطقة حمام السباحة، بالإضافة إلى مجموعته من السيارات الفخمة.
وعلى الرغم من وصف أحد الحاضرين لها بأنها «حفلة أخوية»؛ إلا أن التجمعات كانت مختلفة، حيث تعبر عن هوس هوانغ بالإدارة وهذا ما يحاول تعليمه إلى المتدربين.
وحتى على الرغم من أن النجاحات الكثيرة التي حققتها إنفيديا؛ إلا أن هوانغ مازال مهوسًا بالإدارة ويريد فعل أكثر، حتى على الرغم من أن شركة إنفيديا (Nvidia) تفوقت على شركتي أبل (Apple) ومايكروسوفت (Microsoft) لتصبح الشركة الأكثر قيمة في العالم، حيث تبلغ قيمتها في سوق الأوراق المالية أكثر من 3.3 تريليون دولار، وأصبح هوانغ أغنى شخص في العالم رقم 12 بثروة شخصية تبلغ 119 مليار دولار.
اقرأ أيضًا.. جنسن هوانغ يعلن ثورة صناعية جديدة على الأعتاب بقيادة إنفيديا
وأصبح الرجل البالغ من العمر 61 عامًا، الذي كان يرتدي دائمًا سترة جلدية ويصفه الموظفون السابقون بأنه مدير مهووس بالإدارة ولكن متواضع، حتى بعد أن تحولت شركته إلى نقطة ارتكاز لطفرة الذكاء الاصطناعي.
وتعتبر رقائقها الدقيقة، المعروفة باسم «GPUs»، أساسية لكيفية عمل أنظمة مثل تشات جي بي تي (ChatGPT) وأصبحت السلعة التي لا غنى عنها في عالم التكنولوجيا، وفقًا لصحيفة ذي تليغراف.
وصف مارك زوكربيرج رئيس شركة ميتا، الملياردير جنسن هوانغ بأنه «تايلور سويفت، ولكن في التكنولوجيا»، تعبيرًا عن أنه أصبح نجم كبير ولامع ويسعى إلى صداقته ليس الصغار وحتى قادة التكنولوجيا في العالم.
وحتى في بلده الذي ولد فيها تايوان، احتل هوانغ اهتمام وسائل الإعلام بشكل كبير، حتى أن غيسون هسو، المشرع السابق الذي يركز على التكنولوجيا في تايوان، قال: «لقد وصل الأمر إلى مرحلة تشعر فيها وكأن جنسن هو الذي يدير البلاد الآن».
كل هذه الانتصارات جعلت الجميع يسأل عن سر نجاح هوانغ وكيف قاد شركته لتصبح الأعلى قيمة في العالم.
سر نجاح جنسن هوانغ
عمل جنسن هوانغ في شركة الرقائق الدقيقة «AMD» قبل أن يشارك في تأسيس إنفيديا (Nvidia) في عام 1991، في مطعم «Denny’s» للوجبات السريعة حيث كان يغسل الأطباق ذات مرة وجاءت إليه الفكرة.
وفي أيامها الأولى، ركزت الشركة على ألعاب الفيديو، وتطوير المكونات التي سمحت لوحدات تحكم الألعاب وأجهزة الكمبيوتر الشخصية بتقديم رسومات ثلاثية الأبعاد عن طريق تكديس عدد لا يحصى من المثلثات المجهرية فوق بعضها البعض. لقد تم طرحها للاكتتاب العام خلال فقاعة الدوت كوم بتقييم 625 مليون دولار.
اقرأ أيضًا: الشركة الأكثر قيمة في العالم.. سر تفوق إنفيديا على مايكروسوفت وأبل
وبينما أصبحت الشركة لاعبًا رئيسيًا في صناعة الألعاب، فقد مر عقد آخر قبل أن تُزرع بذور نجاحها الحالي، وفي عام 2012، قام علماء في جامعة تورنتو، بقيادة عالم الكمبيوتر البريطاني جيف هينتون، بتطوير برنامج للتعرف على الصور يستخدم شرائح الرسوميات من شركة إنفيديا، بدلا من وحدات المعالجة المركزية التي تعتمد عليها معظم أجهزة الكمبيوتر.
ووصفها هينتون لاحقًا بأنها «لحظة الانفجار الكبير» لحركة الذكاء الاصطناعي اليوم، حيث أصبح فيما بعد هذا البرنامج هو النواة من أجل تطوير الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
لكن سر النجاح في هوانغ هو إيمانه بمستقبله ورؤيته، لأنه في حين أن الذكاء الاصطناعي كان لا يزال مسعى أكاديميًا بسيطًا مقارنة بأعمال ألعاب الفيديو المربحة، أخبر هوانغ المديرين أن إنفيديا ستصبح شركة ذكاء اصطناعي وخصصت الموارد لتطوير رقائق متقدمة يمكنها تشغيل الذكاء الاصطناعي.
وقال مسؤول تنفيذي سابق في شركة إنفيديا (Nvidia): «لقد تبين أنه مفيد حقًا لأشياء لم نكن نعلم أنها ستكون مفيدة لها، ولكن حتى ذلك الحين يمكنك أن ترى أن هوانغ وافق على فكرة استخدام وحدة معالجة الرسومات خارج نطاق الرسومات والألعاب وبالتحديد في الذكاء الاصطناعي».
وتابع: «كانت لديه رؤية في تلك المرحلة مفادها أنه سيفعل شيئًا ما، ربما لم يكن يعرف ما هو، لكنه كان يرى أن هناك فرصة لم يرها الكثير منا، حيث كان يكادح لهذه الرؤية على مدار سنوات».
الآن يحصد هوانغ المكافآت، حيث قالت نفيديا الشهر الماضي، إن الإيرادات ارتفعت بنسبة 262% في الربع الأخير، لتصل إلى 26 مليار دولار، وتضاعفت الأرباح أكثر من سبعة أضعاف، من 2 مليار دولار إلى 15 مليار دولار، ومن المتوقع أن ترتفع الإيرادات أكثر حتى العام المقبل.
وأمضى هوانغ سنوات في تعزيز العلاقات مع كبار العملاء والموردين، وقام بتسليم الطلبات الأولية يدويًا، وفي الوقت نفسه، قام بربط المستخدمين بنظام برمجي أعطى الشركة قيادة لا يمكن تعويضها، على الرغم من سعي المنافسين للحصول على قطعة من ثروتها.
على الرغم من شخصية هوانغ الودودة؛ إلا أنه معروف داخل إنفيديا (Nvidia) بأنه رئيس متطلب، حيث يحرص هوانغ على سؤال الموظفين المبتدئين عن عملهم، ويمكنه إرسال مئات رسائل البريد الإلكتروني إلى المديرين التنفيذيين في يوم واحد.
وقال موظف سابق: «الأشخاص الذين يمكنهم العمل في عالم جنسن ليس لديهم القلق حول النجاح أو الفشل، لأنه سوف يسعى دائما لجعلهم ناجحين، لكن الأشخاص الذين يعاني معهم هم الأشخاص الذين لا يستجيبون بالطريقة الصحيحة تجاه الأخطاء أو يعترفون بها».
ومع ذلك فأن هوانغ مثل كل البشر يخطئ أيضا، وإحدى الأخطاء التي ارتكبها جاءت في عام 2020 عندما وافق على دفع 40 مليار دولار لشركة الرقائق الدقيقة البريطانية آرم، وبعد ما يقرب من عامين، أوقف المنظمون الصفقة، وهي حقيقة لا يزال هوانغ يأسف عليها.
ويمكن أن تكون مطابقة معاييره أمرًا مرهقًا، حيث من المعروف أن هوانغ يستيقظ في وقت مبكر من الساعة الرابعة صباحاً، معلقا: ‘كرئيس تنفيذي، عدم النوم هو خيار جيد’، مشيرا إلى أن العمل كل حياته حتى أنه ليس لديه وقت لممارسة الرياضة.
متى سيصبح أغنى رجل في العالم؟
يرى جنسن هوانغ، أن النجاح يأتي من المعناة، حيث قال للطلاب في جامعة ستانفورد في وقت سابق من هذا العام: ‘الشخصية لا تتشكل من الأشخاص الأذكياء، بل من الأشخاص الذين عانوا’، مشيرا إلى أنه كان دائم القلق والمعاناة على الشركة.
وانتهت معاناة هوانغ، بحصوله على وشم لشعار شركة إنفيديا Nvidia عندما وصل سعر سهم الشركة إلى 100 دولار في عام 2014، الأمر الذي جعله يبكي.
واليوم يردد معظم موظفي إنفيديا (Nvidia)، أن أي معاناة كانت تستحق، خاصة في ظل ارتفاع سعر سهم الشركة بنسبة 3500% في السنوات الخمس الماضية يعني أنه حتى الموظفين ذوي الحياة المهنية القصيرة نسبياً في الشركة لديهم ما يكفي من الثروة الورقية للتقاعد، إذ أن أحد الموظفين من المستوى المتوسط الذي عمل في الشركة لمدة 18 عاماً غادر مؤخراً ومعه ثروة بقيمة 62 مليون دولار.
لكن الأكثر استفادة من هذا النجاح هو جنسن هوانغ، الذي لن يتوقف به الأمر عند أنه أصبح من أصحاب المليارات في مجال التكنولوجيا، أو من أغنياء العالم الذين ينفقون الملايين مثل امتلاكه العقارات في منحه هاواي وامتلاكه مجموعة من السيارات الفاخرة مثل فيراري وتسلا، لكنه سيصبح الأغنى في العالم.
ويرى خبراء الأسواق المالية، وفقا لموقع، أن تجاوز إنفيديا (Nvidia) لكلا من مايكروسوفت (Microsoft) وآبل Apple)، من حيث القيمة التي كان يُنظر إليه على أنه قمة فقاعة الدوت كوم الجديدة.
وفي ظل أن أرباحها تنمو بقوة، فإنه يعتقد معظم العاملين في وول ستريت أن الشركة سوف تستمر في الصعود أكثر من ذلك، خاصة أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي OpenAI، اقترح أن بناء ذكاء اصطناعي فائق يمكنه التفوق على البشر سيكلف حوالي 7 تريليونات دولار، ومن المرجح أن ينتهي جزء كبير من ذلك مع إنفيديا (Nvidia).
وتوقع المحللين تقييمًا بقيمة 5 تريليونات دولار في غضون عام للشركة وهو المستوى الذي سيشهد تجاوز صافي ثروة جنسن هوانغ للكثير من قادة التكنولوجيا مثل مارك زوكربيرغ وبيل غيتس وربما سيصبح أغنى رجل في العالم.