لم تخلق الشعبية الواسعة لتطبيق تيك توك (TikTok)، جيلًا جديدًا من نجوم وسائل التواصل الاجتماعي فحسب؛ بل خلقت أيضًا مليارديرًا هو تشانغ يي مين (Zhang Yiming)، مهندس البرمجيات الذي يبلغ من العمر 41 عامًا، والذي يرجع إليه تأسيس التطبيق.
ووفقًا لقائمة فوربس للمليارديرات، فإن تشانغ يي مين، يعد أحد أبرز المليارديرات في العالم، ويمتلك ثروة تقدر بحوالي 43.4 مليار دولار يحتل بها المرتبة رقم 27 في قائمة فوربس لأغنياء العالم.
وعلى الرغم من أن تشانغ استقال من منصبه كرئيس تنفيذي للشركة الأم للتطبيق، بايت دانس (ByteDance)، في عام 2021؛ إلا أنه يعد من أبرز قادة الأعمال، فما هي قصته؟ وكيف تحول من مهندس برمجيات إلى أحد أثرياء العالم؟
بداية تشانغ يي مين في الحياة المهنية
ولد تشانغ يي مين، مؤسس تطبيق تيك توك، في عام 1983 في مقاطعة فوجيان الصينية، وذكرت وكالة بلومبرغ أن والدا تشانغ كانا يعملان كموظفين حكوميين، ويستند اسمه إلى المثل الصيني وهو «مفاجأة الجميع بالمحاولة الأولى».
وذكرت صحيفة «ساوث تشاينا مورنينج بوست»، أن تشانغ تخرج من جامعة نانكاي في عام 2005، حيث بدأ دراسة الإلكترونيات الدقيقة قبل أن يحول تخصصه إلى هندسة البرمجيات.
وكانت أول وظيفة له بعد تخرجه من الكلية في شركة ناشئة تدير تطبيقًا لحجوزات السفر تسمى «Kuxun»، وعن هذه الوظيفة قال: «كنت من أوائل الموظفين، لقد كنت مهندسًا عاديًا في البداية، ولكن في السنة الثانية، كنت مسؤولاً عن حوالي 40 إلى 50 شخصًا مسؤولين عن إدارة التطبيق من الناحية التكنولوجية».
ينسب تشانغ يي مين إلى هذه الشركة الفضل في تعلمه مهارات المبيعات من جهة وأساسيات التوظيف من جهة أخرى، التي استخدمها لاحقًا في تطوير شركة بايت دانس (ByteDance).
بدأية تأسيس شركته الأكبر
لم يتوقف شغف تشانغ يي مين في التعلم عند ذلك الحد. قرر أن يترك الشركة التي كان يعمل بها، على الرغم من نجاحه فيها، من أجل الانضمام إلى شركة مايكروسوفت. هدفه كان تكوين خبرات أكثر، حيث يطمح لتأسيس شركة تكنولوجية عملاقة تناظر الشركات الكبرى. وفي عام 2012، قرر تأسيس شركة بايت دانس (ByteDance) في بكين، الصين.
كان تشانغ مهووسًا بشبكات التواصل الاجتماعي، ولكنه أراد إنشاء شيء جديد لم يتم إنتاجه بين شركات التكنولوجيا. أول منتج لشركته كان تطبيقًا لتجميع الأخبار يُدعى تويتياو (Toutiao). أراد تشانغ إنشاء منصة إخبارية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مستقلة عن محرك البحث الصيني بايدو، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
اقرأ أيضًا: نصائح جاك ما مؤسس علي بابا الملهمة للنجاح
وفي تصريحاته لوكالة بلومبرغ، قال تشانغ: «نحن نقدم المعلومات، وليس عبر الاستفسارات، من خلال التوصيات الإخبارية». على الرغم من تركيزها على الأخبار، أكد تشانغ أن شركته بايت دانس (ByteDance) ليس لديها أي صحفيين بين موظفيها، على عكس العديد من الشبكات الاجتماعية الأخرى. وأضاف: «الشيء الأكثر أهمية هو أننا لسنا شركة إخبارية، نحن أشبه بشركة بحث أو منصة تواصل اجتماعي، نقوم بعمل مبتكر للغاية، ولسنا مقلدين لشركة أميركية، سواء في المنتج أو في التكنولوجيا».
إطلاق تيك توك
بمرور الوقت، أدرك تشانغ يي مين أن منصته للأخبار لن تصلح لتكون مجرد شبكة اجتماعية. فالناس يبحثون عن الترفيه أكثر من أي شيء آخر. ومن هذا المنطلق، أطلق تطبيقًا يحمل اسم دوني (Douyin) في عام 2016.
وفي عام 2020، أصبح هذا التطبيق رقم واحد بين تطبيقات الألعاب في الولايات المتحدة. ولم يقتصر نجاحه على ذلك، بل أصبح أحد أكثر الشبكات الاجتماعية شعبيةً بين المراهقين الأمريكيين، حيث تم تنزيله أكثر من مليار مرة. ومع انتشار الوباء وتواجد الناس في منازلهم، حقق تطبيق دوني طفرة كبيرة، ومن هنا جاء تغيير اسمه إلى تيك توك (TikTok).
اقرأ أيضاً.. نصائح إيلون ماسك أغنى رجل في العالم للاستثمار
وعلى الرغم من ذلك، لا يزال يحمل اسمدوني في الصين حتى الآن وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
وقال تشانغ: «لفترة طويلة جدًا، كنت أشاهد مقاطع فيديو على تيك توك، دون أن أقوم بإنشاء أي منها بنفسي. ولكن في وقت لاحق، أصبح من الضروري أن يقوم جميع أعضاء فريق الإدارة بإنشاء مقاطع فيديو خاصة بهم على تيك توك، ويجب عليهم الفوز بعدد معين من الإعجابات. لقد كانت خطوة كبيرة بالنسبة لي».
فلسفة تشانغ يي مين في القيادة
يمتلك تشانغ يي مين، أسلوبًا فريدًا في القيادة يساعد موظفيه على التفوق والإبداع، إذ يحفزهم دائمًا ويقنعهم برؤيته، مما يجعلهم يتحركون بسهولة وبشغف.
وفي تصريح لمجلة تايم، قال أحد الموظفين في الشركة، كاي فو لي: «تشانغ يي مين يجمع بين اللباقة والجاذبية، العقلانية والعاطفة، الشباب والحكمة».
تطمح أحلام تشانغ لتطبيق تيك توك إلى النمو اللامحدود. في وقت سابق، أعرب عن رغبته في أن يصبح تطبيقه مثل غوغل، حيث يستمر في النجاح على الصعيدين المحلي والعالمي.
وأضاف: «يجب أن نعمل بجدية أكبر ونسعى للتفوق. كما كان هناك تقسيم دولي للعمل في العصر الصناعي، هناك أيضًا تقسيم دولي للعمل في عصر المعلومات اليوم. يجب على رجال الأعمال الصينيين تطوير قدراتهم والسعي نحو العالمية».
اقرأ أيضًا: كيف تستثمر على طريقة المليارديرات؟
مع انطلاق تطبيق تيك توك إلى العالمية، أثار نفوذه في الولايات المتحدة تساؤلات من الجهات التنظيمية الأميركية. وصلت هذه التساؤلات إلى حد النزاعات القضائية والتهديد بالحجب في الولايات المتحدة.
في فبراير 2019، وافق تيك توك على دفع غرامة قدرها 5.7 مليون دولار للجنة التجارة الفيدرالية بسبب مزاعم بأن التطبيق قام بجمع معلومات شخصية بشكل غير قانوني من الأطفال دون سن 13 عامًا وبدون موافقة الوالدين، مما يشكل انتهاكًا لقانون حماية خصوصية الأطفال عبر الإنترنت.
في يوليو 2020، هدد الرئيس الأميركي الأسبق ترامب بحظر التطبيق في الولايات المتحدة بسبب مخاوف أمنية مزعومة. هذا الأمر دفع شركة بايت دانس (ByteDance) إلى استكشاف صفقات لبيع تيك توك في الولايات المتحدة، بما في ذلك محادثات مع شركتي أوراكل ومايكروسوفت.
الصفقات المقترحة أثارت هجماتٍ شرسة على تشانغ يي مين على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. وقد وُصف بأنه خائن وجبان.
ثروة تشانغ يي مين
يُعزى نجاح الملياردير تشانغ يي مين إلى أخلاقيات عمله. أكد أنه تعلم قيمة السعي إلى التميز أثناء فترة عمله الأولى في شركة “Kuxun”. وعندما واجه المنتج مشاكل، كان يشارك بنشاط في مناقشة خطط المنتج. يعتقد الكثيرون أن هذا ليس من واجبه كمسؤول تكنولوجي، ولكنه يؤكد أن الشعور بالمسؤولية والرغبة في القيام بالأشياء بشكل جيد يدفعه للتعلم واكتساب المزيد من الخبرة.
في عام 2018، أصبح تشانغ من المليارديرات، حيث قدرت ثروته آنذاك بحوالي 4 مليارات دولار. غالبية ثروته تأتي من حصته البالغة 24% في شركة بايت دانس.
اقرأ أيضًا: الروتين اليومي لرئيس أبل.. سر نجاح رجل يدير شركة بـ«3 تريليونات دولار»
على الرغم من تنحيه عن منصب الرئيس التنفيذي للشركة في عام 2021، استمرت الشركة في النمو بفضل تطبيق التواصل الاجتماعي تيك تو وانتشاره في مختلف أنحاء العالم. وبالتالي، ارتفعت ثروة تشانغ يي مين، وأعلنته مجلة فوربس في عام 2024 في المرتبة رقم 27 بين أغنياء العالم بثروة تقدر بحوالي 43.4 مليار دولار.