في عام 1999، كان تشارلي آيرز جونيور يعمل كطاهٍ لدى عائلة من أثرياء وادي السيليكون. ومع ذلك، قرر أن يخطو خطوة جريئة ويتقدم بطلب للحصول على وظيفة رئيس الطهاة التنفيذي في شركة غوغل التي كانت لا تزال في بداياتها. وعندما لم يحصل على رد، لم يستسلم آيرز بل قرر أن يأخذ زمام المبادرة، فبدأ في إرسال هدايا شهية من مخبوزاته التي يصنعها بيديه إلى الشركة.
نجحت خطة آيرز ببراعة، فسرعان ما تلقى مكالمة من عملاق البحث، غوغل لدعوته لإجراء مقابلة شخصية مع المؤسسين المشاركين للشركة، لاري بيغ وسيرغي برين. في تلك اللحظة، لم يكن آيرز يعلم أنه سيواجه مؤسسي إحدى أكبر شركات التكنولوجيا في العالم. وفي مقابلة سابقة، قال آيرز مازحًا: “خرج بيج من المصعد وكأنه طفل صغير يقفز على كرة، ولم أكن أتخيل أنه هو!” وبحسب ما ورد، كان برين يبحث عن طاهٍ يمكنه أن يكون جزءًا من فريق غوغل النابض بالحياة، حتى لا يضطر الموظفون للخروج لتناول الطعام.
مهمة شاقة
في أول يوم له في جوجل، وجد نفسه أمام مهمة شاقة: طهي وجبة غداء لحوالي 50 موظفًا في المقر الرئيسي الجديد للشركة، والذي كان قد افتتح مؤخرًا بعد الانتقال من المرآب الشهير. يشبه الأمر أن تكون هومر سيمبسون في وسط مجموعة من العباقرة الذين اخترعوا الإنترنت. يصف آيرز تلك اللحظة بقوله: “كنت هناك، وأنا فقط أطهو!”. كانت تلك الفترة هي الفترة التي سبقت طرح أسهم غوغل للاكتتاب العام مباشرة.
شهدت الشركة نموًا هائلاً في السنوات التالية، سواء من حيث الأرباح أو عدد الموظفين. لكن هذا النمو المتسارع جاء على حساب صحة آيرز. يذكر آيرز أنه كان عليه في بعض الأحيان إعداد ما يصل إلى 10,000 وجبة في يوم واحد، مما تسبب له في إرهاق شديد وتدهور في صحته. يقول: “كنت أقود عربة الغولف في الحرم الجامعي وأنا أشعر بالضيق من زيادة وزني”.
مخاطرة
مع ازدهار الشركة وتضخم أرباحها، ازداد عدد الموظفين بشكل كبير. هذا النمو الهائل وضع آيرز، الذي كان معتادًا على طهي وجبات فاخرة لمجموعات صغيرة، تحت ضغط هائل. يذكر آيرز أنه في ذلك الوقت، قال له أحد المحللين الماليين: “ستشهد الشركة انفجارًا غير مسبوق”. ونصحه بالاستفادة من أسهم الموظفين. ولكن في الوقت نفسه، كان آيرز يعاني من الضغط المتزايد للمحافظة على جودة الطعام مع زيادة حجم الطلبات.
في ذلك الوقت، كان سعر سهم غوغل لا يتجاوز السنتين. قرر آيرز أن يخاطر بكل شيء، فطلب من والده قرضًا قدره 14,000 دولار مقابل 700,000 سهم. وافق الأب، قائلاً: “غوغل مجرد خدعة، لكنني سأساعدك. إذا نجحت، فهذا خير للجميع، وإذا فشلت، فستتعلم الدرس”. ولكن القدر كان له شأن آخر، فقد كانت هذه الخطوة الاستثمارية واحدة من أنجح الاستثمارات في التاريخ.
بعد أن أمضى سنوات في قلب وادي السيليكون، قرر آيرز أن يتبع شغفه الحقيقي وهو الطهي. في عام 2006، ترك جوجل حاملًا ثروة تقدر بـ 40 مليون دولار، وبدأ في كتابة كتاب طبخ يجمع بين وصفاته المبتكرة وتجاربه في المطبخ. ثم تحول إلى عالم المطاعم، وافتتح مطعم كالافيا في سان فرانسيسكو، والذي اشتهر بأطباقه الفريدة التي تجمع بين النكهات العالمية. وعلى الرغم من إغلاق المطعم العام الماضي، إلا أن تجربة آيرز في عالم الطهي تركت بصمة واضحة في عالم المأكولات.