المعلومات الخاطئة، وغير الدقيقة، والمضللة، وغير المحدثة، تمثل أبرز تهديد من قبل الذكاء الاصطناعي لمستثمري العملات المشفرة، فإذا كنت من هؤلاء الذين يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي في الاستثمار في العملات المشفرة يجب عليك الحذر.
لماذا يجب الحذر؟.. الإجابة على هذا السؤال تقود إلى دراسة حديثة أجرتها منصة بيتجات Bitget لتبادل العملات المشفرة والأصول الرقمية التي خلصت إلى أن 80% من مستثمري العملات المشفرة الذين خضعوا للدراسة تحدثوا عن تجارب سلبية مع شات جي بي تي ChatGPT.
اقرأ أيضاً.. هل يستبدل جي بي مورغان المستشارين الماليين بالذكاء الاصطناعي؟.. إليك القصة
التدخل البشري يتفوق على الذكاء الاصطناعي
التجارب السلبية التي تحدث عنها مستثمرو العملات المشفرة اتضحت بعد أن لجأت العديد من الشركات المالية والتكنولوجية إلى تبني الذكاء الاصطناعي لضمان تجربة عملاء أفضل، واللحاق بعجلة التطور السريعة. لكن يبدو أن اللمسة البشرية والتدخل الفردي لا يزال يتفوق على قدرة ومهارة الآلة الذكية، خاصة في مجال الرد على استفسارات العملاء والتصميم، وصياغة الإعلانات والتشفير.
وللتأكد من صحة ذلك عمدت منصة بيتجات إلى استخدام شات جي بي تي لتلبية طلبات العملاء الروتينية. وللوهلة الأولى، تفاجئ القائمون من قدرة الروبوت الهائلة وفعاليته في استيعاب البيانات وتحليلها. ولكن مع التقدم في العملية وتعقد الأمور، بدأت العيوب تظهر على الأسطح. فقد لمس الفريق نوع من التضليل وعدم الدقة. أي بالرغم من تدريب وتغذية الآلة لاستيعاب قاعدة بيانات هائلة، قدم شات جي بي تي معلومات مضللة أو متحيزة أو غير كاملة، لتكون حالة من ضمن العديد من الحالات الأخرى غير المعلن عنها.
اقرأ أيضاً.. فالكون 40 بي.. كل ما تريد معرفته عن نموذج الذكاء الاصطناعي الإماراتي
الذكاء الاصطناعي يعتبر بورصة FTX المفلسة آمنة !
ورجع الفريق إلى شات جي بي تي للاستفسار عن عملة بديلة أقل شهرة من العملات الأخرى في الأسواق، ليقوم الروبوت عن طريق الخطأ بربط اسم العملة بميم شهير على الإنترنت وتزويد الفريق بمعلومات غير دقيقة وبل خارج نطاق البحث المعني. وللجديد في عالم العملات المشفرة، قد تبدو هذه المعلومات صحيحة بالنسبة إليه، نظرًا لمعرفته المتواضعة في هذا العالم الرائد، ليكتسب هذه المعلومات ويبني قراراته وأبحاثه على أساس خاطئ.
من الضروري الأخذ بعين الاعتبار أن نماذج اللغة مثل جي بي تي 4 (GPT-4) وجي بي تي 3 (GPT-3)، المستخدمة في شات جي بي تي، قادرة بشكل أو بآخر الوصول إلى قاعدة معلومات قديمة فحسب، وهو أمر يتعارض مع طبيعة سوق التداول المتبدلة والمبنية على السرعة والأهمية والتجدد. لذلك، الاعتماد على أجوبة الروبوت فيما يخص سوق التداول من شأنه أن يهدد مصير الفرد في عالم العملات المشفرة ويؤدي به إلى الهاوية. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لا يزال الـ شات جي بي تي يفيد بأن منصة تداول العملات المشفرة أف تي أكس-FTX والتي أعلنت إفلاسها في نوفمبر 2022، آمنة وسليمة للاستخدام. وهذا ما يؤكد أن قاعدة البيانات التي يستند إليها الروبوت قديمة ولم تواكب التحديث منذ سبتمبر 2021.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يحل بديلا عن 8 آلاف وظيفة في «آي بي إم»
الذكاء الاصطناعي يعزز التدخل البشري
وانطلاقًا من هذا المثل، يتعزز دور التدخل البشري في عالم المال والعملات المشفرة، حيث تتطلب هذه المساحة المحفوفة بالمخاطر رؤئا وحدسًا بشريًا حريصًا ودقيقًا لتفادي أي نتائج غير مرغوب فيها. وهذا ما تفتقر إليه الآلة المجردة من الأحاسيس والبصيرة.
تلعب الخبرة كما التجربة دورًا أساسيًا في تحديد مسار الفرد في عالم العملات المشفرة. ولذلك لا بد التحلي بالوعي والعلم والحذر والتفكير النقدي للوصول إلى الأهداف السامية التي يطمح إليها الفرد كما الشركات الصغيرة والكبيرة في عالم التكنولوجيا والتطور. ولكن هذا لا يعني إخراج أدوات الذكاء الاصطناعي من مجال العملات المشفرة، بل على العكس، تبنيها وبحذر في عمليات روتينية لتوفير الجهد والوقت والمال كالمعاملات البسيطة مثلًا. فالذكاء الاصطناعي ليس بديل الإنسان أو بديل المشورة المالية المهنية بل هي مكمل لها.
ولا بد من التأكيد على أن الذكاء الاصطناعي ليس كيانًا تم إنشاءه بشكل مستقل بل هو صنيعة الإنسان وليس إلا وسيلة لتحقيق غايات أكبر وأضخم. لذلك، فإن برامج هذه الظاهرة الثورية وخاصة ال شات جي بي تي تعمل ضمن القيود والقوانين التي فرضها الإنسان والتي رسمها المطورون ومصممو هذه التقنيات. فصحيح أنها وسائل خارقة السرعة والذكاء ولكنها تبقى صنع الصانع الأكبر والأذكى. ولا يزال العالم الخارجي في طور التعرف على هذه التكنولوجيا الجديدة والغوض شيئًا فشيئًا في عالمها المثير، ومن الصعب التنبؤ بمساوئها وحسناتها في هذه المرحلة الأولية، وخاصة فيما يتعلق بالعالم المادي والمالي.