على مدار 32 عامًا استمرت علاقة الصداقة بين الملياردير بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، والملياردير وارن بافيت، الرئيس التنفيذي لشركة، لكن بعد كل تلك السنوات كشف غيتس عن نصيحته التي تعلمها من بافيت، ويندم أنه لم يتعلمها سابقًا.
والملياردير بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، يحتل المركز السادس في قائمة أغنياء العالم بثروة تقدر بحوالي 156 مليار دولار، بينما يأتي المستثمر الشهير وارن بافيت، رئيس مجلس إدارة شركة بيركشاير هاثاواي.، في المركز العاشر في ذات القائمة بثروة حوالي 134 مليار دولار.
قصة صداقة بيل غيتس ووارن بافيت
في الثلاثين من أغسطس، احتفل وارن بافيت بعيد ميلاده الـ92، وشارك بيل غيتس، الذي بلغ 67 عامًا، صورًا لهما معًا تكريمًا لصداقتهما التي دامت 32 عامًا، وفقًا لموقع بيزنس إنسايدر.
وقال غيتس في تغريدة على تويتر: «الحياة تصبح أكثر متعة عندما يكون لديك صديق مثل وارن».
اقرأ أيضًا: هل يشعر وارن بافيت بالندم لتجنبه الاستثمار في إنفيديا؟
تعود جذور صداقتهما إلى الخامس من يوليو عام 1991، حين دعت ماري غيتس، والدة بيل، ميج جرينفيلد، محرر صحيفة واشنطن بوست، وصديقه وارن بافيت إلى منزلها. ورغم تردد بيل في أخذ إجازة من العمل، حيث قال لوالدته: «ما الذي كان من المفترض أن نتحدث عنه أنا وبافيت»، إلا أنه قرر الحضور لرغبته في لقاء كاثرين جراهام، ناشرة الصحيفة. وكان بافيت أيضًا غير متحمس للقاء، لكنهما سرعان ما وجدا أرضية مشتركة، إذ أن غيتس أعجب بالأسئلة التي طرحها عليها بافيت مثل: «إذا كنت تقوم ببناء شركة IBM من الصفر، فكيف ستبدو مختلفة؟»، وطلب غيتس من بافيت شراء أسهم في إنتل ومايكروسوفت، ومن هنا كانت بداية صداقة عميقة وإرشاد متبادل.
صداقة بيل غيتس ووارن بافيت على مدار سنوات طويلة
وارن بافيت، رغم مشاركته في العديد من الفعاليات التي نظمتها مايكروسوفت، اختار ألا يكون جزءًا من مجلس إدارتها أو يستثمر فيها، معتبرًا ذلك تضاربًا في المصالح نظرًا لصداقته العميقة مع بيل غيتس. من جانبه، انضم غيتس إلى مجلس إدارة بيركشاير هاثاواي بعد وفاة سوزان طومسون، زوجة بافيت الأولى.
بعد لقائهما الأول، أظهر غيتس اهتمامًا بكتاب بافيت المفضل في مجال الأعمال، فأعاره بافيت نسخته من
كتاب «مغامرات الأعمال» لجون بروكس، والذي أصبح فيما بعد الكتاب المفضل لغيتس أيضًا.
اجتمعت جهودهما في العديد من المبادرات السياسية والخيرية. ففي عام 2010، أطلق غيتس وبافيت، بالتعاون مع ميليندا فرينش غيتس، حملة «تعهد العطاء»، التزامًا من المليارديرات بالتبرع بجزء كبير من ثرواتهم للأعمال الخيرية. ويعتبر غيتس أن بافيت كان مصدر إلهام له لإنشاء مؤسسة بيل وميليندا جيتس في عام 2000.
وعبر غيتس عن امتنانه العميق لبافيت على دعمه المستمر لمؤسسة غيتس ولصداقتهما التي استمرت لسنوات طويلة، مشيرًا إلى أن قرار بافيت بالتبرع في عام 2006 كان لحظة مؤثرة بالنسبة له.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك ينتقد وارن بافيت: «طريقته في الاستثمار مملة جدا»
منذ عام 2006 وحتى عام 2022، قدم وارن بافيت مساهمات كبيرة لمؤسسة غيتس الخيرية بلغت قيمتها تقريبًا 45 مليار دولار، مع مراعاة زيادة قيمة أسهم بيركشاير على مدار السنين.
في ديسمبر 2022، عبر بيل غيتس عن شعوره بالدهشة والامتنان تجاه هذه الهدية الضخمة، مؤكدًا على شعوره بالمسؤولية لاستخدامها بأفضل طريقة ممكنة. ووصف كرم بافيت بأنه «سلاحهم السري» الذي يجب ألا يظل سرًا.
خلال أزمة كوفيد-19، أطلق بافيت على غيتس لقب «مستشاره العلمي». وفي فبراير من عام 2020، تعهدت مؤسسة بيل وميليندا غيتس بتقديم 100 مليون دولار لمكافحة الجائحة.
في ذلك العام أيضًا، تنحى غيتس عن مناصبه في بيركشاير هاثاواي ومايكروسوفت ليتفرغ للعمل الخيري، بينما استقال بافيت من مجلس إدارة المؤسسة الخيرية، مشيرًا إلى أن مشاركته الفعلية ليست ضرورية لتحقيق أهداف المؤسسة التي يتشارك معها في القيم والأهداف.
نصيحة وارن بافيت التي تعلمها بيل غيتس
على مدى ثلاثة عقود من الصداقة، شارك بيل غيتس النصيحة القيمة التي حصل عليها من وارن بافيت والتي كان يتمنى لو عرفها مبكرًا «لا تحاول القيام بكل شيء». يعتبر غيتس هذه النصيحة بمثابة سر النجاح لأي رائد أعمال.
اقرأ أيضًا: «أسبوع التفكير».. كيف يمكنك تطبيق سر نجاح بيل غيتس؟
يقول غيتس إنه عانى لسنوات من جدول أعمال مزدحم، لكن نصيحة بافيت أتاحت له الشعور بالسعادة وزادت من إنتاجيته. يعترف: «استغرقت وقتًا طويلًا لأدرك أن النجاح لا يتطلب ملء كل ثانية في جدول أعمالك».
يتذكر غيتس كيف أن بافيت أظهر له جدوله الخاص، الذي كان يحتوي على أيام فارغة عمدًا، ما علمه أن التحكم في الوقت هو السر، وليس مجرد ملء جدول الأعمال. يختتم غيتس بقوله: «يمكنني شراء أي شيء، لكن لا يمكنني شراء الوقت. وهكذا، يعمل بافيت بذكاء، وليس بمجرد العمل الشاق».
دراسة تؤكد نصيحة وارن بافيت
كشفت دراسة من جامعة ستانفورد في عام 2014، والتي تتوافق مع النصيحة التي قدمها وارن بافيت لبيل غيتس، أن الأداء الوظيفي يتراجع بشكل ملحوظ عندما يتجاوز عدد ساعات العمل الأسبوعية 50 ساعة.
وأظهرت الدراسة أن العمال الذين يعملون حتى 70 ساعة في الأسبوع لا ينجزون أكثر من أولئك الذين يعملون 55 ساعة فقط.
اقرأ أيضًا.. نصائح بناء الثروة من مفلس أصبح يمتلك 200 مليون دولار.. ماذا قال؟
وفي دراسة أخرى أُجريت في عام 2021، تبين أن الوقت المثالي للراحة اليومية في جدول الفرد يبلغ حوالي 9.5 ساعات. ورغم أن هذا الرقم قد يبدو بعيد المنال للكثير من العاملين، إلا أن تخصيص وقت أكبر للراحة يمكن أن يقلل من التوتر ويعود بفوائد صحية على المدى الطويل.
وأفاد بيل غيتس أنه استغرق وقتًا طويلًا ليجد التوازن الصحيح بين العمل والحياة الشخصية، قائلًا: “في شبابي، كنت لا أؤمن بأخذ إجازات أو الاستراحة في عطلات نهاية الأسبوع، وكنت أعتقد أن الأشخاص الذين يعملون معي يجب أن يتبعوا نفس النهج”.
وأضاف: «لا تنتظروا أن تمروا بكل ما مررت به لتتعلموا هذا الدرس. خصصوا وقتًا لتقوية علاقاتكم، ولاحتفال بإنجازاتكم، وللتعافي من الإخفاقات. امنحوا أنفسكم الراحة عند الحاجة، وكونوا بسطاء مع من حولكم عندما يحتاجون إلى ذلك».