مع إعلان قائمة فوربس لأغنياء العالم، ظهر اسم الملياردير إدواردو سافرين (Eduardo Saverin)، ضمن قائمة أغنى الأثرياء في العالم، وهو صاحب قصة درامية حيث كان المؤسس المشارك لشركة فيسبوك مع مارك زوكربيرغ، قبل أن يطرده الأخير في النهاية.
ووفقًا لمجلة فوربس، فإن إدواردو سافرين، يمتلك ثروة حوالي 28.7 مليار دولار، حيث مازال يمتلك نسبة من أسهم شركة ميتا، كما استثمر أيضًا في الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة مثل «Jumio»، ويحتل المرتبة 60 في قائمة أغنى الأشخاص في العالم.
مسيرة إدواردو سافرين
إدواردو سافرين، المولود في 19 مارس 1982، يعد أحد رموز النجاح في عالم الأعمال والاستثمار. يُعرف بكونه أحد العقول المؤسسة لموقع فيسبوك، الشبكة الاجتماعية التي غيرت ملامح التواصل العالمي. في عام 2012، كانت حصته في فيسبوك تُقدر بـ53 مليون سهم، أي ما يعادل 2% من إجمالي الأسهم، بقيمة تقريبية 2 مليار دولار.
نشأ سافرين في ساو باولو في أحضان عائلة برازيلية ذات ثروة كبيرة، قبل أن تنتقل العائلة إلى ريو دي جانيرو. والده روبرتو سافرين، كان يدير أعمالًا في قطاعات الملابس والشحن والطاقة والعقارات، بينما كانت والدته ساندرا تمارس مهنة الطب النفسي. ولإدواردو شقيقان، يشاركانه رحلة الحياة.
اقرأ أيضًا: في ذكرى إطلاق فيسبوك الـ20.. هل ينتهي عصر وسائل التواصل الاجتماعي قريبًا؟
بدأ سافرين مسيرته التعليمية في مدرسة جاليفر الإعدادية بميامي، ثم انتقل للدراسة في جامعة هارفارد، حيث عاش في إليوت هاوس. خلال فترة دراسته بجامعة هارفارد، استخدم سافرين شغفه بعلم الأرصاد الجوية لتوقع الأعاصير، مما أدى إلى كسبه 300 ألف دولار من استثمارات في العقود الآجلة للنفط.
تخرج سافرين من جامعة هارفارد في عام 2006 بدرجة الشرف الأولى في الاقتصاد. ومع ذلك، في عام 2003، وخلال السنة الأولى له في هارفارد، التقى سافرين بزميله مارك زوكربيرغ. لاحظ الاثنان أنه لا يوجد موقع ويب للتواصل الاجتماعي خاص بطلاب هارفارد، فقررا العمل معًا وأطلقا موقع فيسبوك في 2004، حيث استثمر كل منهما 1000 دولار.
أثار موقع فيسبوك للتواصل الاجتماعي ضجة كبيرة في جامعة هارفارد، وسرعان ما طلب الطلاب من جامعات أخرى توسيع نطاق الموقع، واستجاب زوكربيرغ وسافرين لهذا الطلب.
وفي شهر أبريل، نجح الموقع بشكل ملحوظ، مما دفع زوكربيرغ وسافرين وطالب آخر يُدعى داستن موسكوفيتز، لتأسيس فيسبوك كشركة ذات مسؤولية محدودة في فلوريدا.
تأسيس فيسبوك
لإنشاء موقع فيسبوك، طلب مارك زوكربيرغمن شريكه أدواردو سافرين تقديم 15 ألف دولار لحساب مشترك يتمكن كلاهما من الوصول إليه. كان زوكربيرغ يشغل منصب الرئيس التنفيذي، بينما كان سافرين يتولى دور المدير المالي ومدير الأعمال.
بعد مرور ستة أشهر على إطلاق فيسبوك، انتقل زوكربيرغ وموسكوفيتز إلى بالو ألتو بكاليفورنيا لتأسيس مقر للموقع، في حين توجه سافرين إلى نيويورك للانضمام إلى برنامج تدريبي في بنك ليمان براذرز.
وفقًا للمراسلات، كانت هناك ثلاث مهام رئيسية طلبها زوكربيرغ من سافرين قبل مغادرته: تأسيس الشركة، تأمين التمويل، وتطوير نموذج العمل. بعد هذه المرحلة، بدأت العلاقة بين المؤسسين تتوتر.
كانت البداية مجرد خلافات ثقافية، حيث كان سافرين يعتقد أن الفريق يضيع الكثير من الوقت في الحفلات ولا يركز على العمل، بينما وجه زوكربيرغ والآخرون انتقادات لسافرين بأنه يبتعد عن الفريق ويعمل لمصلحته الشخصية، مما أدى إلى قيام سافرين بتصرف أثار غضب زوكربيرغ.
اقرأ أيضًا: مارك زوكربيرغ يدفع غرامة 752 مليون دولار لمستخدمي فيسبوك
قام سافرين بوضع إعلانات على فيسبوك دون إخطار زوكربيرغ، وكانت هذه الإعلانات تروج لمشروعه الخاص، وهو موقع التوظيف «Joboozle» الذي كان يديره بنفسه.
زوكربيرغ عبر عن استيائه من هذا التصرف، وأوضح في رسالة بريد إلكتروني أوردها موقع بيزنس إنسايدر قائلاً: «أنت أطلقت Joboozle على الرغم من علمك بأن فيسبوك قد يخطط للدخول في مجال الوظائف في المستقبل. هذا الأمر كان صادمًا لنا، لأنك بذلك أنشأت منافسًا محتملاً لفيسبوك، وهذا سيء بحد ذاته. لكن الأسوأ من ذلك، نشر الإعلانات على فيسبوك للترويج له، وبالأخص دون مقابل، يعتبر تصرفًا غير مقبول».
الانقسام بين مارك زوكربيرع وأدواردو سافرين
مع مرور الصيف الأول وازدياد شعبية موقع فيسبوك أكثر مما يتصور أي شخص، كانت الشركة بحاجة إلى المال لمواصلة العمل، ولم يكن العثور على المستثمرين أمرًا صعبًا، حيث كان كبار الشخصيات في وادي السيليكون، مثل مارك بينكوس، وريد هوفمان، وبيتر ثيل، يريدون منح مارك الأموال، حتى أنه في النهاية قرر عدم العودة إلى جامعة هارفارد في سنته الأولى من أجل التركيز على الشركة التي بدأت تنطلق بشكل كبير.
ومع ذلك، كان الأمر الصعب هو جذب انتباه أدواردو سافرين، المؤسس المشارك لفيسبوك، والتركيز عليها بدون أي شئ آخر، حيث طلب منه زوكربيرغ إعادة تشكيل فيسبوك كشركة بموجب قانون ولاية ديلاوير، وهي خطوة حاسمة قبل إتمام أي صفقات تمويل.
اقرأ أيضًا: الروتين اليومي لمارك زوكربيرغ: كيف يحافظ على صحته وإنتاجيته؟
لكن سافرين رفض فكرة أن يترك حياته المهنية ويركز على فيسبوك وسرعان ما أصبح الوضع حرجًا، لأنه بدون التمويل، سينتهي الأمر بموقع التواصل الاجتماعي بالحاجة إلى القروض، وفي نهاية المطاف، قرر زوكربيرغ حل المشكلة عن طريق إخراج سافرين من الشركة.
وفي رسالة فورية مع المؤسس الثالث موسكوفيتز، قال زوكربيرغ: «كان من المفترض أن يعمل سافرين على تأسيس الشركة، ويحصل على التمويل، ويصنع نموذجًا للأعمال، لقد فشل على الإطلاق في الثلاثة، والآن بما أنني لن أعود إلى جامعة هارفارد، فلا داعي للقلق بشأن ذلك».
وفي ذلك الوقت التقى زوكربيرغ وموسكوفيتز، بشون باركر، وهو شاب ناشئ على الإنترنت اشتهر بالمشاركة في تأسيس نابستر، وسرعان ما انضم باركر إلى فيسبوك، وكانت مهمته الأولى هي القيام بأحد الأشياء التي كان من المفترض أن يقوم بها سافرين، وكان باركر قد جمع الأموال لصالح شركة نابستر وكان يعرف طريقه في وادي السيليكون.
وبالفعل سرعان ما أثبت قدرته. بالنسبة لزوكربيرغ، وعزز للأخير فكرته بأن قرار طرد أدواردو سافرين من فيسبوك كان صحيحًا.
طرد أدواردو سافرين من فيسبوك
مارك زوكربيرغ، كان مقتنعًا بصواب قراره، فكر في طرد أدواردو سافرين من فيسبوك لكن التحدي هو كيفية إخراج أحد المؤسسين المشاركين وثالث أكبر مساهم من الشركة.
بعد محادثات مع شون باركر واجتماع مع بيتر ثيل، الذي كان على وشك أن يصبح أول مستثمر خارجي في فيسبوك، تم طرح مشكلة سافرين. اقترح ثيل حلًا يتمثل في تقليص حصة سافرين عن طريق تأسيس شركة ديلاوير جديدة للاستحواذ على الشركة القديمة وإصدار أسهم جديدة للجميع باستثناء سافرين.
على الرغم من رفض سافرين التوقيع على حقوق الملكية الفكرية للشركة الجديدة ورفعه دعوى قضائية ضد زوكربيرغ، إلا أن زوكربيرغ قرر في النهاية فصله.
اقرأ أيضًا: إمبراطور ميتا.. كيف بنى مارك زوكربيرغ ثروته؟
تم تأسيس فيسبوك كشركة في ولاية ديلاوير، فقامت بالاستحواذ على الشركة السابقة. حصل بيتر ثيل على نسبة 9% من الشركة مقابل استثمار بقيمة 500 ألف دولار. تم توزيع ملكية فيسبوك بين مارك زوكربيرغ بنسبة 65%، وأدواردو سافرين بنسبة 30%، وداستن موسكوفيتز بنسبة 5%.
بعد الصفقة، تغيرت نسب الملكية لتصبح 40% لزوكربيرغ، 24% لسافرين، 16% لموسكوفيتز، و9% لثيل، مع تخصيص حوالي 20% لخيارات الأسهم للموظفين المستقبليين، مما أدى إلى تخصيص جزء كبير من الأسهم لشون باركر، مدير العمليات الجديد.
في 31 أكتوبر 2004، وقع سافرين على اتفاقية المساهمين التي منحته 3 ملايين سهم في الشركة الجديدة، وبموجب الاتفاقية، نقل جميع حقوق الملكية الفكرية ذات الصلة وحقوق التصويت إلى مارك زوكربيرغ، الذي أصبح المدير الوحيد لفيسبوك.
وفي 7 يناير 2005، أصدرت فيسبوك 9 ملايين سهم جديد، حيث حصل زوكربيرغ على 3.3 مليون سهم، وشون باركر على 2 مليون، وداستن موسكوفيتز على 2 مليون، مما أدى إلى تقليل حصة سافرين من حوالي 24% إلى أقل من 10%.
وفي عام 2009، تم التوصل إلى تسوية خارج المحكمة بين الطرفين، حيث وقع سافرين على اتفاقية عدم إفشاء بعد التسوية، مما أدى إلى خروجه من إدارة فيسبوك واحتفاظه بحصة صغيرة من الأسهم.
إدواردو سافرين يتجه إلى الاستثمار
بعد مغادرته فيسبوك، لم يتخلى إدواردو سافرين عن عالم الاستثمار. ففي عام 2010، وبعد مرور عام واحد فقط، شارك في تأسيس «أبورتا»، وهي منصة إلكترونية مخصصة للمبادرات الخيرية.
تلا ذلك، في عام 2015، إطلاق سافرين لشركته الخاصة برأس المال الاستثماري، بي كابيتال (B Capital)، التي تركز استثماراتها في منطقة جنوب شرق آسيا والهند. وبحلول عام 2016، كان صندوق سافرين قد أبرم صفقات بقيمة تتجاوز 140 مليون دولار في آسيا، شملت استثمارات في «نينجا فان»، وهي شركة لوجستية في سنغافورة متخصصة في خدمات توصيل الطرود للمسافة الأخيرة في المنطقة.
وفي السياق ذاته، مارك زوكربيرغ يعيد العمل من المكتب وينهي سياسة «العمل عن بُعد»،.
اقرأ أيضًا.. مارك زوكربيرغ يعيد موظفيه إلى المكتب وينهي «العمل عن بٌعد»
إضافة إلى ذلك، وفي مطلع عام 2020، قام سافرين بالاستثمار في أنتلر (Antler)، وهو صندوق استثماري مغامر في مراحله الأولى ومسرع للشركات الناشئة، أسسه صديقه وزميله السابق في جامعة هارفارد، ماجينس جرييملاند.
وقد حقق سافرين نجاحًا كبيرًا في استثماراته مع صندوق بي كابيتال، حيث بلغت الأصول التي يديرها الصندوق أكثر من 5.5 مليار دولار في عام 2023، مما جعله واحدًا من أثرياء العالم حسب تصنيف مجلة فوربس.