يتواصل الصراع على مواهب الذكاء الاصطناعي بين عمالقة التكنولوجيا، إذ نجحت شركة آبل في إقناع أكثر من 36 من مواهب الذكاء الاصطناعي من موظفي غوغل للانضمام إليها، تاركين وراءهم الشركة صاحبة أكبر محركات البحث.
منذ العام 2018، وضعت شركة آبل استراتيجية لضم خبراء الذكاء الاصطناعي من الشركات التكنولوجية الرائدة، وبشكل خاص من غوغل، وذلك استنادًا إلى ما كشفته صحيفة الفايننشال تايمز في تقريرها الذي استند إلى تحليل السير الذاتية المنشورة على موقع لينكد إن.
أبل تستقطب مواهب غوغل ومايكروسوفت
تشهد ساحة الذكاء الاصطناعي منافسة محتدمة، حيث تبرز أبل كلاعب رئيسي من خلال استقطابها لمواهب الذكاء الاصطناعي من شركات تكنولوجية أخرى.
بحسب ما ورد في تقرير لصحيفة الفايننشال تايمز، فإن آبل قد بدأت بالفعل في تحدي شركات التكنولوجيا العملاقة في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك عبر استقدام موظفين ذوي خبرة من منافسيها.
اقرأ أيضًا: أبل تجري محادثات مع OpenAI لدمج الذكاء الاصطناعي في 16 iPhone
كما كشف التقرير أن الدراسة البحثية الأخيرة التي نشرتها آبل حول نماذج اللغات الكبيرة المتعددة الوسائط، والتي ظهرت في الشهر الماضي، تضمنت أسماء ستة باحثين سبق لهم العمل في غوغل، وقد انضموا إلى آبل خلال العامين المنصرمين.
وفيما يتعلق بالورقة البحثية التي تضم 31 مؤلفًا، فقد أشارت الملفات الشخصية لتسعة منهم على لينكد إن إلى أن غوغل كان آخر مكان عمل لهم، في حين انتقل اثنان من المؤلفين من مايكروسوفت، وفقًا لما ذكره موقع بيزنس إنسايدر.
هذه الأحداث تأتي في إطار صراع مواهب الذكاء الاصطناعي الذي يتسع نطاقه بين الشركات التكنولوجية الكبرى، والتي تسعى جاهدة لتحسين وتوسيع قدراتها في هذا المجال.
غوغل تضم رئيس المطورين في أوبن إيه آي
تتسارع وتيرة المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي، وفي ظل سعي آبل لضم خبراء من غوغل، قامت الأخيرة بدورها بجذب لوغان كيلباتريك، الذي شغل منصب رئيس علاقات المطورين في أوبن إيه آي (OpenAI)، للانضمام إلى فريقها.
أعلن كيلباتريك عن انتقاله إلى غوغل للمساهمة في تطوير «AI Studio» وتعزيز «Gemini API»، مما يؤكد على استمرارية الحركة النشطة في سوق مواهب الذكاء الاصطناعي بين الشركات الكبرى.
بروس موناكو، المؤسس المشارك لمعهد تحويل الذكاء الاصطناعي، أشاد بكيلباتريك في حديثه لموقع بيزنس إنسايدر، معتبرًا علاقاته الممتازة مع المطورين عاملاً مهمًا يعزز من مكانة غوغل، خاصةً أن هؤلاء المطورين يلعبون دورًا حيويًا في بناء الأنظمة والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
«Google AI Studio» يوفر للمطورين إمكانية دمج تقنية جيميني مع واجهات برمجة التطبيقات لابتكار تطبيقات ذكاء اصطناعي متقدمة، المعروفة بـ«المغلفات».
وفي تصريح لأحد الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي لموقع بيزنس إنسايدر، ذكر أن سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لأوبن إيه آي، قد اتصل به شخصيًا لإقناعه بالانضمام إلى الشركة المطورة لتشات جي بي تي قبل أن يتلقى عرضًا رسميًا.
اقرأ أيضًا: ميتا وOpenAI يتجهان إلى ذكاء اصطناعي فائق.. فهل تصدق توقعات ماسك؟
قامت شركة أوبن إيه آي بضم أكثر من اثني عشر خبيرًا في الذكاء الاصطناعي من غوغل، وشارك خمسة من الباحثين السابقين في غوغل في تطوير تشات جي بي تي (ChatGPT) قبل طرحه للجمهور.
مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، أيضًا دخل في المنافسة على خبراء الذكاء الاصطناعي، حيث بدأ مفاوضات مع خبراء الذكاء الاصطناعي في غوغل من خلال مراسلات بريدية شخصية، وفقًا لما أوردته صحيفة ذي إنفورميشن في الشهر الماضي.
وانتقل بعض القادة البارزين في مايكروسوفت إلى شركات أخرى لشغل مناصب تتعلق بالذكاء الاصطناعي، كما ذكرت مجلة فورتشن، بما في ذلك جورديب سينغ بال، الذي كان مديرًا تنفيذيًا في مايكروسوفت وأصبح مؤخرًا رئيسًا للذكاء الاصطناعي في شركة إدارة البرمجيات Qualtrics.
ازدياد حدة المنافسة الفترة المقبلة
من المتوقع أن تزداد حدة المنافسة على خبراء الذكاء الاصطناعي بين الشركات التقنية العملاقة في الفترة القادمة. فقد أعلنت مايكروسوفت عن نيتها لإقامة مركز ضخم للذكاء الاصطناعي في لندن، والذي سيقع بالقرب من مقر غوغل ديب مايند (Google Deep Mind).
تأتي هذه الخطوة لتشعل المنافسة بين الشركتين، مع تطلع مايكروسوفت لجذب مواهب استثنائية للعمل في هذا المركز الجديد. وتأكيدًا على هذا التوجه، قامت مايكروسوفت بتعيين مصطفى سليمان، المؤسس المشارك لديب مايند، لقيادة قسم الذكاء الاصطناعي الجديد، والذي سيتولى إدارته جوردان هوفمان، الباحث السابق في ديب مايند.
اقرأ أيضُا: شركات التكنولوجيا تنفق المليارات.. من يتصدر سباق الذكاء الاصطناعي؟
تمتلك مايكروسوفت بالفعل مقرات في العاصمة البريطانية وقد التزمت بضخ استثمارات تقدر بـ 2.5 مليار جنيه إسترليني في مراكز البيانات البريطانية خلال الأعوام الثلاثة القادمة. ومع ذلك، يتميز المركز الجديد بتركيزه الكامل على مجال الذكاء الاصطناعي.
تعتبر الهيمنة في لندن خطوة استراتيجية لمايكروسوفت في سباقها لجذب أبرز المواهب في الذكاء الاصطناعي. ويقول سليمان: «تزخر المملكة المتحدة بمواهب وخبرات متميزة في الذكاء الاصطناعي، وتعتزم مايكروسوفت القيام بتوظيف المزيد حيث نسعى لضم أفضل العلماء والمهندسين لمركز الذكاء الاصطناعي الجديد».
وتتجاوز المنافسة على المواهب في الذكاء الاصطناعي الشركات الكبرى لتشمل الشركات الناشئة التي تسعى لتأمين الخبرات اللازمة لتوسعها في هذا القطاع.
ويضيف مصطفى سليمان، الرئيس التنفيذي الجديد لقسم الذكاء الاصطناعي في مايكروسوفت: «المنافسة في مجال الذكاء الاصطناعي قوية، وتبرز الشركات الناشئة بإبداعها، بينما تتنافس الشركات الكبرى أيضًا على هذا الصعيد. نحن نعيش في عصر المنافسة الشديدة في قطاع التكنولوجيا».
وتقدم الشركات حاليًا مزايا متنوعة وحزم رواتب جذابة تصل إلى مليون دولار لاستقطاب الموظفين المتخصصين في الذكاء الاصطناعي.