هل تشعر بالقلق من أن يستولي الذكاء الاصطناعي على وظيفتك؟ لا داعي للقلق، فأنت لست الوحيد الذي يشعر بذلك. في الواقع، قد يكون مديرك أكثر عرضة للخطر. وفقًا لدراسة حديثة، من المتوقع أن يستبدل الذكاء الاصطناعي الإدارات في الشركات بأتمتة المهام المتنوعة.
مع تطور برامج الذكاء الاصطناعي التي تحدث تحولات كبيرة في بيئة العمل، قد تصبح العديد من الوظائف غير ضرورية. وعلى الرغم من أن المديرين والمسؤولين قد يظنون أنهم بمأمن، إلا أن الخبراء يرون أنهم الأكثر عرضة لأن تحل محلهم الآلات.
في الوقت الذي يزداد فيه الحديث عن توسيع استخدام الذكاء الاصطناعي، يبرز دور الموظفين في المناصب العليا الذين يقومون بتحليل الأسواق وتحديد الاتجاهات، وهما مهمتان يمكن للحواسيب أداؤهما بفعالية أكبر.
كما يقضي معظم المديرين وقتًا طويلًا في التواصل مع فرقهم، وهو مهمة مرهقة يمكن أتمتتها بواسطة الذكاء الاصطناعي. وفي بعض الأحيان، يتوجب عليهم اتخاذ قرارات صعبة، وهنا يمكن للآلات أن تتفوق بقدرتها على اتخاذ قرارات موضوعية بدون تأثير العواطف.
وأخيرًا، نظرًا لأن هذه الوظائف تتمتع برواتب مرتفعة، فإن الاستغناء عنها يعني توفير كبير في التكاليف. لذا، قد يجد الرئيس التنفيذي نفسه معرضًا للخطر بشكل متزايد بسبب الذكاء الاصطناعي، تمامًا كما هو الحال مع كتّاب الأخبار وممثلي خدمة العملاء.
الذكاء الاصطناعي: القائد الجديد في عالم الأعمال
تتجاوز التوقعات حدود النظرية، وفق نيويورك تايمز، إذ تبنت شركات رائدة تطبيق مفهوم الذكاء الاصطناعي على قياداتها بشكل علني. ورغم أن هذه الخطوة قد تبدو حاليًا كجزء من استراتيجية العلامة التجارية، إلا أنها تم تسويقها على مدى 18 شهرًا كحل شامل لتحديات الشركات، مما يعد بزيادة الإنتاجية وخفض التكاليف بشكل ملحوظ.
منذ إطلاق تطبيق ChatGPT من OpenAI في نوفمبر 2022، شهدنا ثورة تكنولوجية وشعبية واسعة، حيث أظهر الذكاء الاصطناعي التوليدي قدرته على إنجاز مهام تستغرق أيامًا أو أسابيع أو حتى شهور في دقائق معدودة.
مع توسع استخدامه عبر مختلف القطاعات، استثمرت الشركات الكبرى في مجال التكنولوجيا مليارات الدولارات في تطوير الذكاء الاصطناعي، حيث بلغ الإنفاق في العام الماضي أكثر من 29 مليار دولار.
ومن الاستخدامات البارزة للذكاء الاصطناعي في العمل، تمكنت الشركات التي تواجه تحديات وتفتقر إلى القيادة القوية من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي لتولي القيادة وأتمتة المهام المتنوعة.
اقرأ أيضًا: هل سينتزع ChatGPT وظيفتك؟ تعرّف إلى الوظائف المهددة بالانقراض
الذكاء الاصطناعي ومستقبل الإدارة التنفيذية
أشار سول جيه بيرمان، الشريك الاستشاري الأول السابق في شركة آي بي أم، إلى أنه في الشركات التي تواجه صعوبات، من المتوقع أن تحل تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي محل الإدارة التشغيلية في المقام الأول. ومع ذلك، من المرجح أن تحتفظ الشركات بعدد محدود من الأفراد للتفكير في الأمور التي تتجاوز قدرات الآلات.
وفي حديثه لصحيفة نيويورك تايمز، أضاف بيرمان: «التأثير الذي يخلقه الذكاء الاصطناعي داخل الشركات من المتوقع أن يكون كبيرًا، إن لم يكن أكبر، على المستويات الاستراتيجية العليا للإدارة مقارنةً بالمستويات الأدنى».
ويبدو أن الرؤساء التنفيذيين يتطلعون بحماس إلى هذه الإمكانية، وفقًا لما ذكرته منصة EdX للتعلم عبر الإنترنت، التي أسسها مسؤولون من جامعة هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والتي أصبحت الآن جزءًا من شركة 2U Inc..
وقد أجرت منصة EdX استطلاعًا لآراء مئات الرؤساء التنفيذيين وغيرهم من المديرين التنفيذيين في الصيف الماضي حول هذا الموضوع، حيث تمت دعوتهم للمشاركة ومنحهم ما يعرف بـ«حافز مالي صغير» لذلك.
وكانت النتائج مثيرة للإعجاب، إذ أفاد ما يقرب من نصف المشاركين – بنسبة تقارب 47% – بأنهم يرون أن معظم أو كل دور الرئيس التنفيذي ينبغي أن يكون مؤتمتًا بالكامل أو يتم استبداله بالذكاء الاصطناعي، مما يشير إلى أن حتى المديرين التنفيذيين يرون أنفسهم غير ضروريين في العصر الرقمي المتقدم».
اقرأ أيضًا.. هل يقضي «ChatGPT» على وظائف الفريلانسر؟
الذكاء الاصطناعي: هل يعيد تشكيل دور الرئيس التنفيذي؟
صرح أنانت أغاروال، مؤسس منصة EdX والمدير السابق لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في مجال علوم الكمبيوتر والذكاء الاصطناعي، قائلاً: «لقد أثارت نسبة الـ 47% التي شاهدتها للمرة الأولى تساؤلات عميقة. كنت أتوقع أن يقول المديرون التنفيذيون إنه يجب استبدال جميع الموظفين باستثناءهم، ولكن بعد التفكير العميق، أدركت أن حوالي 80% من مهام الرئيس التنفيذي يمكن أن تؤتمت بواسطة الذكاء الاصطناعي».
وأضاف: «هذا يشمل الكتابة والتحليل وتحفيز الموظفين، وهي مهارات يمكن للتكنولوجيا توليها. في الماضي، كانت المهارات العددية تميز الأفراد، لكن مع ظهور الآلة الحاسبة، تم مساواة الفرص بين الجميع؛ وأعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيحقق التوازن نفسه في الأدوار القيادية، مما يتيح لأي شخص أن يتولى منصب الرئيس التنفيذي».
ووفقًا لاستطلاع أجري في عام 2017 على ألف عامل بريطاني من قبل شركة محاسبة عبر الإنترنت، أفاد 42% منهم بأنهم سيشعرون بالراحة إذا تلقوا تعليمات من جهاز كمبيوتر.
اقرأ أيضًا.. وظائف الذكاء الاصطناعي: هذه المهارات الأكثر طلبًا في سوق العمل
الذكاء الاصطناعي: القيادة الجديدة في عالم الأعمال
في توقعات مبكرة لمستقبل الذكاء الاصطناعي، رجح جاك ما، الرئيس التنفيذي السابق لشركة علي بابا، أن الروبوتات قد تتصدر غلاف مجلة تايم كأفضل الرؤساء التنفيذيين خلال ثلاثين عامًا، مشيرًا إلى سرعتها وعقلانيتها المتفوقة على البشر، وخلوها من العواطف مثل الغضب. وبعد مرور وقت أقل بكثير من ثلاثين عامًا، بدأت الشركات فعليًا بتوظيف الذكاء الاصطناعي في مناصب قيادية.
فقد قامت شركة NetDragon Websoft الصينية للألعاب الإلكترونية، والتي تضم 5000 موظف، بتعيين ما يُعرف بـ «الرئيس التنفيذي المتناوب الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي»، والذي أُطلق عليه اسم تانغ يو في عام 2022. وأعرب مؤسس الشركة، ديجيان ليو، عن اعتقاده بأن الذكاء الاصطناعي هو مستقبل إدارة الشركات، مشيرًا إلى أن هذا يمثل جزءًا من تحول NetDragon نحو مجتمع العمل القائم على الميتافيرس.
وعلى الرغم من أن تانغ يو، التي تُصور كامرأة، لا تظهر في الهيكل التنظيمي الإلكتروني لفريق إدارة NetDragon، إلا أن الشركة أعلنت مؤخرًا أنها حصلت على لقب أفضل موظف افتراضي في الصين لهذا العام في مسابقة الصين ومنتدى الصناعة البشرية الرقمية، مسؤولة عن تقييمات الأداء والتوجيه، بالإضافة إلى واجبات أخرى.
وفي جزء آخر من العالم، أعلنت شركة ديكتادور البولندية لمشروب الروم الفاخر عن تعيين الروبوت ميكا كرئيس تنفيذي للشركة، والذي يعمل بالذكاء الاصطناعي. وأكدت الشركة عبر موقع LinkedIn أن ميكا خالية من التحيز الشخصي، وتضمن اتخاذ قرارات غير متحيزة واستراتيجيات تصب في مصلحة المنظمة.
الذكاء الاصطناعي والحاجة المستمرة للقيادة البشرية
أشار الخبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي، على الرغم من توقعاته المستقبلية الواعدة في تولي المناصب القيادية، لا يزال في مراحله الأولى من التطور. ومع ذلك، سيظل العنصر البشري ضروريًا.
فيناي مينون، رائد في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي، يؤكد أنه بالرغم من انخفاض الحاجة إلى القادة التقليديين في الشركات، ستبقى القيادة البشرية عنصرًا أساسيًا.
يوضح مينون أن القادة البشر يتمتعون بقدرة على المساءلة بطرق لا تستطيع الآلات تقديمها، مما يجعل دورهم لا يمكن الاستغناء عنه حتى مع تقدم الذكاء الاصطناعي.
شون إيرلي، المدير الإداري لشركة تينيو للاستشارات التنفيذية، يعتقد أن الذكاء الاصطناعي قد يُستخدم كوسيلة لتجنيب الأفراد تحمل المسؤولية، متسائلًا عن المسؤول عن الأخطاء في هذه الحالة.
في حادثة ملفتة، رفع عميل دعوى قضائية ضد شركة طيران كندا بعد رفضها تقديم خصم وعده به برنامج الدردشة الآلي للشركة.
قدم العميل شكواه إلى محكمة المطالبات الصغيرة، ودافعت شركة الطيران بأنها لا تتحمل المسؤولية عن المعلومات التي يقدمها برنامج الدردشة. ومع ذلك، حكم القاضي لصالح العميل في فبراير الماضي، مما يثير تساؤلات حول موثوقية الذكاء الاصطناعي وقدرته على قيادة الفرق الإدارية.
اقرأ أيضًا.. من بينها مهندس الذكاء الاصطناعي.. ما أفضل الوظائف لعام 2024؟