يبدو ان الذكاء الاصطناعي سيلعب دورًا حاسمًا في اكتشاف فئة جديدة من المضادات الحيوية، قادرة على قتل نوعين مختلفين من البكتيريا المقاومة للأدوية.
وذكرت صحيفة نيو ساينتست NewScientist، أنه من خلال استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي، تمكن الباحثون من فحص ملايين المركبات الكيميائية وتحديد تلك التي لها قدرة على قتل البكتيريا المسببة للعدوى الخطيرة، مثل MRSA والمكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين، والتي كانت مسؤولة عن مقتل أكثر من 1.2 مليون شخص في عام 2019 – وهو رقم من المتوقع أن يرتفع في السنوات المقبلة.
كيف يعمل الذكاء الاصطناعي؟
الذكاء الاصطناعي هو مجموعة من التقنيات التي تمكن الحواسيب من تعلم الأنماط والقواعد من البيانات الكبيرة. في هذه الحالة، استخدم الباحثون الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالتأثير البيولوجي للمركبات الكيميائية على البكتيريا والخلايا البشرية، ولفعل ذلك، قاموا بتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على بيانات تجريبية تتضمن تأثيرات أكثر من 39000 مركب على Staphylococcus aureus وثلاثة أنواع من الخلايا البشرية من الكبد والعضلات الهيكلية والرئتين ونشاطها المضاد للبكتيريا وسميتها المحتملة للخلايا البشرية، وبناءً على هذه البيانات، تعلمت النماذج كيفية التعرف على الأنماط الموجودة في الذرات والروابط الكيميائية لكل مركب، واستخدمتها للتنبؤ بخصائص مركبات جديدة لم يتم اختبارها من قبل، بحسب مجلة نيتشر (Nature).
ونقلت صحيفة نيوساينتست عن فيليكس وونغ، من معهد برود التابع لمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد في ماساتشوستس، «إن نماذج الذكاء الاصطناعي لدينا لا تخبرنا فقط عن المركبات التي لها نشاط مضاد حيوي انتقائي، ولكن تجيب أيضًا عن سؤال لماذا، من حيث تركيبها الكيميائي».
اقرأ أيضًا.. روبوتات الطلاء.. أحدث بدائل الذكاء الاصطناعي للبشر في قطاع البناء
ما هي النتائج؟
باستخدام الذكاء الاصطناعي، تمكن الباحثون من تحليل 12 مليون مركب من خلال عمليات المحاكاة الحاسوبية، واختيار 3646 مركبًا ذات خصائص تشبه الأدوية المثالية. ومن بين هذه المركبات، وجدوا مركبين غير سامين قادرين على قتل كل من MRSA والمكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين. وهذه المركبات تنتمي إلى فئة جديدة من المضادات الحيوية، تسمى الهالامينات، التي تعمل عن طريق تدمير جدار الخلية البكتيرية. وقد أظهرت التجارب على الفئران أن هذه المركبات فعالة في علاج التهابات الجلد والفخذ التي تسببها جرثومة MRSA.
ويمثل هذا الاكتشاف ثورة في عالم الأدوية يقودها الذكاء الاصطناعي، إذ أنه على مدار العقود الماضية لم يتم اكتشاف سوى عدد قليل من الفئات الجديدة من المضادات الحيوية، مثل أوكسازوليدينون والببتيدات الدهنية، التي تعمل بشكل جيد ضد كل من MRSA والمكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين، كما يقول جيمس كولينز من معهد برود، وهو مؤلف مشارك في الدراسة، الذي أشار إلى أن «المقاومة البكتيرية ضد هذه المركبات آخذة في التزايد»، وهو ما يعني أن هناك حاجة ماسة لإيجاد مركبات جديدة.
اقرأ أيضًا.. الروبوتات تتفوق على البشر في اختبارات CAPTCHA
يضيف كولينز، «يحدد عملنا فئة جديدة من المضادات الحيوية، وهي واحدة من القلائل التي يتم اكتشافها منذ 60 عامًا».
اقرأ أيضًا.. كيف ابتكر الذكاء الاصطناعي حلولًا جديدة لألغاز رياضية قديمة؟
ما هي الآفاق المستقبلية؟
هذا الاكتشاف يمثل خطوة هامة في مجال تطوير مضادات حيوية جديدة وفعالة ضد البكتيريا المقاومة للأدوية، التي تشكل تهديدًا كبيرًا للصحة العامة. ويظهر أيضًا قدرة الذكاء الاصطناعي على تسريع عملية اكتشاف الأدوية، وتوسيع نطاق البحث عن مركبات جديدة ذات تأثيرات بيولوجية مرغوبة.
يأتي ذلك في وقت يعمل فيه الباحثون حاليًا على استخدام هذا النهج لتصميم مضادات حيوية جديدة تمامًا، واكتشاف فئات دوائية جديدة أخرى، مثل المركبات التي تقتل الشيخوخة بشكل انتقائي، والخلايا التالفة المرتبطة بحالات مثل هشاشة العظام والسرطان. ويفتح هذا الباب لاستخدام الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات العلمية والتكنولوجية، وتحسين جودة حياة البشر.