عريضة التوقيعات التي تحذر من مخاطر الذكاء الاصطناعي، التي وقع عليها قادة التكنولوجيا في العالم، بالأمس، بينهم الملياردير إيلون ماسك، وبلغ عدد التوقيعات أكثر من ألف توقيع، تطالب بوقف التجارب بمختبرات الذكاء الاصطناعي مؤقتا، لـ 6 شهور على الأقل.
ليست هذه المبادرة الوحيدة في مواجهة ما يمكن إطلاق عليه مخاطر الذكاء الاصطناعي المحتملة على البشرية، فبالتوازي مع ذلك بدأت الحكومات والجهات التنظيمية في أغلب دول العالم التحرك لوقف الطوفان الهادر من تطور أدوات الذكاء الاصطناعي المذهل، وما تبعه من مخاطر، من خلال قواعد وإجراءات لحماية مستهلكي هذه الأدوات خاصة روبوتات الدردشة، لتبدأ هذه الإجراءات من الحظر الكامل إلى التخطيط للتشريعات المنظمة.
أصبح روبوت الدردشة تشات جي بي تي ChatGPT الذي أنتجته شركة Open AI بالفعل أحد تطبيقات المستهلكين الأسرع نموًا على الإطلاق، حيث جذب 100 مليون مستخدم نشط شهريًا اعتبارًا من فبراير، لكن الخبراء أثاروا مخاوف بشأن الآثار السلبية للتكنولوجيا ومخاطر الذكاء الاصطناعي، حيث يشعر علماء أخلاقيات الذكاء الاصطناعي بالقلق من التحيزات في البيانات التي تدرب نماذج الذكاء الاصطناعي، بعد أن ثبت أن الخوارزميات تميل إلى الانحراف لصالح الرجال، وخاصة الرجال البيض.
اقرأ أيضًا.. بينهم إيلون ماسك.. دعوات لوقف تجارب الذكاء الاصطناعي
مخاطر الذكاء الاصطناعي تصل إلى المدارس والبنوك الأمريكية
يواجه المسؤولون الفيدراليون والكونجرس في الولايات المتحدة انتقادات حادة على خلفية غياب التشريعات التي تواجه مخاطر الذكاء الاصطناعي، فبحسب ما نشرته صحيفة نيويورك تايمز، تحت عنوان: لماذا لا يعجل المشروعون الأمريكيون بقواعد أمن الذكاء الاصطناعي؟ ذكرت الصحيفة أن حكومات الولايات – خاصة واشنطن – لم تواكب اللوائح الخاصة بالتكنولوجيا، متهمة صانعي السياسة بتهيئة الظروف للسقوط بسرعة في فخ ممارسات الذكاء الاصطناعي غير المسؤول.
وفي غياب التشريعات المنظمة والتي تجابه مخاطر الذكاء الاصطناعي فقد لجأت مدارس مدينة نيويورك إلى حظر ChatGPT روبوت الدردشة للذكاء الاصطناعي الذي يولد كتابة شبيهة بالبشر بما في ذلك المقالات، وسط مخاوف من أن الطلاب قد يستخدمونها للغش، بحسب تقرير نشرته الجارديان البريطانية.
ووفقًا لإدارة التعليم في المدينة، فإنها في مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي تعتزم حظر الأداة عبر جميع الأجهزة والشبكات في المدارس العامة في نيويورك، ولكن الأمر لم يتوقف عند هذا الحد بل لجأت أيضا مؤسسات مالية إلى حظر تنزيل وتشغيل روبوتات الدردشة.
وقالت الجارديان إن الوكالات الفيدرالية، بما في ذلك مكتب حماية المستهلك المالي وهيئة الأغذية الأمريكية، يستخدمان القوانين الموجودة بالفعل في السجلات القديمة لمراقبة بعض أنواع الذكاء الاصطناعي للشركات، في إطار مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي.
لا تتوقعوا أن تتحرك واشنطن في أي وقت قريب لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي، قالها دون باير، النائب الديموقراطي عن ولاية فرجينيا، الذي فشل في حشد الدعم لمشروع قانون يتطلب عمليات تدقيق للذكاء الاصطناعي، قائلا إن هذه القضية لا تبدو ملحة بالنسبة للأعضاء.
وأضاف النائب جاي أوبيرنولت، وهو جمهوري من كاليفورنيا (والعضو الوحيد في الكونجرس الحاصل على درجة الماجستير في الذكاء الاصطناعي) أن المشرعين لا يفهمون حتى التكنولوجيا: ستندهش من مقدار الوقت الذي أمضيه في شرح لزملائي أن مخاطر الذكاء الاصطناعي الرئيسية لن تأتي من الروبوتات الشريرة مع الليزر الأحمر الذي يخرج من أعينهم.
اقرأ أيضًا.. الذكاء الاصطناعي قد يُسرِّح 300 مليون موظف
مخاطر الذكاء الاصطناعي تخضع للتقييم في الاتحاد الأوروبي
ويبدو أن الاتحاد الأوروبي على وشك تمرير مشروع قانون يجابه مخاطر الذكاء الاصطناعي، عبر تنظيم أدواته بما في ذلك أداة التعرف على الوجه، وهو الأمر الذي سيتطلب تشريعًا يجعل شركات الذكاء الاصطناعي تقوم بإجراء تقييمات مخاطر لتقنياتها، ويمكن تغريم المخالفين بنسبة تصل إلى 6 في المائة من عائداتهم العالمية.
ويكثف منظمو الخصوصية الأوروبيون تدقيقهم في استخدام الشركات للذكاء الاصطناعي، ويوظفون خبراء ويفتحون وحدات جديدة للقضاء على انتهاكات البيانات و مخاطر الذكاء الاصطناعي.
يدفع استحواذ الشركات المتزايد على الذكاء الاصطناعي إلى مجموعة متنوعة من التطبيقات، بدءًا من عمليات الموارد البشرية الآلية إلى روبوتات الدردشة وتقنيات منع الاحتيال، لتعزيز قدراتهم على التحقيق في الانتهاكات المحتملة للائحة حماية البيانات العامة للاتحاد الأوروبي، في سياق مجابهة مخاطر الذكاء الاصطناعي.
قالت مارجريت فيستاجر، نائبة الرئيس التنفيذي للمفوضية الأوروبية، لدى مشروع قانون الذكاء الاصطناعي الجديد، لمجابهة مخاطر الذكاء الاصطناعي ، مضيفة أن القواعد الأوروبية القادمة ستساهم في تطوير معايير عالمية جديدة للتأكد من إمكانية الوثوق بالذكاء الاصطناعي.
وفي فرنسا، قال المشرف على الجهة المنظمة للخصوصية، الشهر الماضي، إنه بصدد إنشاء وحدة ذكاء اصطناعي تضم خمسة موظفين؛ للتحقيق في إساءة استخدام التكنولوجيا المحتملة.
وفي إسبانيا، قال وزير الدولة الإسباني للرقمنة، إن الحكومة ستفتح وكالة جديدة للإشراف على الذكاء الاصطناعي هذا العام، في خطوة للحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي.
وافتتحت هيئة تنظيم حماية البيانات الهولندية قسمًا جديدًا للإشراف على خوارزميات الذكاء الاصطناعي الشهر الماضي، والذي سيتعاون مع المنظمين الحكوميين الآخرين في التحقيقات، وقد رصدت ميزانية له قدرها مليون يورو، أي ما يعادل 1.07 مليون دولار، هذا العام، والتي سترتفع إلى 3.6 مليون يورو بحلول عام 2026.
وفي بريطانيا ومع دوامة الضجيج التي أحدثها ChatGPT، حثت حكومة المملكة المتحدة المنظمين على وضع قواعد للذكاء الاصطناعي، وفق Cnbc .
,نشرت حكومة المملكة المتحدة يوم الأربعاء توصيات لصناعة الذكاء الاصطناعي، تحدد نهجًا شاملاً للتنظيم.
وفي الكتاب الأبيض الذي سيتم تقديمه إلى البرلمان، ستحدد وزارة العلوم والابتكار والتكنولوجيا (DSIT) عددا من المبادئ تريد من الشركات اتباعها: تتمثل في السلامة، والأمن، والمتانة، والشفافية، وقابلية التفسير. الإنصاف، والمسائلة والحوكمة؛ والمنافسة والتعويض.
اقرأ أيضًا.. أزمة ثقة.. هل روبوتات الدردشة منحازة؟
مخاطر الذكاء الاصطناعي ليس لها وجود في رأي الشركات المنتجة
وتحاول الشركات طمأنة الجهات التنظيمية والحكومات والمستهلكين بأنها لا تسعى إلى التضليل.
على سبيل المثال حاولت شركة OpenAI طمأنة المعلمين في نيويورك، وأخبرت الشركة صحيفة واشنطن بوست أنها لا تريد استخدام ChatGPT لأغراض مضللة في المدارس أو في أي مكان آخر، لذلك نحن بالفعل نطور وسائل لمساعدة أي شخص على تحديد النص الذي تم إنشاؤه بواسطة هذا النظام.
وأضافت: نتطلع إلى العمل مع المعلمين لإيجاد حلول مفيدة وطرق أخرى لمساعدة المعلمين والطلاب على الاستفادة من الذكاء الاصطناعي.
ChatGPT is incredibly limited, but good enough at some things to create a misleading impression of greatness.
it's a mistake to be relying on it for anything important right now. it’s a preview of progress; we have lots of work to do on robustness and truthfulness.
— Sam Altman (@sama) December 11, 2022
وفي الشهر الماضي، غرد الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام التمان أن ChatGPT محدودة بشكل لا يصدق، لكنها جيدة بما يكفي في بعض الأشياء لخلق انطباع مضلل بالعظمة.
وأضاف، من الخطأ الاعتماد عليها في أي شيء مهم في الوقت الحالي، الشكل الحالي تجريبي لما سيكون عليه الوضع القادم، ولدينا الكثير من العمل الذي يتعين القيام به بشأن المتانة والمصداقية.