يواجه جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، وعدد من المديرين التنفيذيين في الشركة تحقيقات من قبل لجنة التجارة الفيدرالية (FTC)، في اتهامات باستخدام تطبيق المراسلة المشفّّر سيغنال (Signal) مع تفعيل خاصية الحذف التلقائي للرسائل في محاولة منهم لتدمير الأدلة المحتملة التي يمكن استخدامها في دعوى مكافحة الاحتكار ضد الشركة.
في العام الماضي، رفعت لجنة التجارة الفيدرالية دعوى قضائية ضد شركة أمازون بدعوى استخدام موقعها المهيمن في السوق لزيادة الأسعار وتقليل المنافسة. وذكرت اللجنة أن شركة البيع بالتجزئة عبر الإنترنت تمارس بشكل غير قانوني «قوة احتكارية تبقي الأسعار مرتفعة بشكل مصطنع، وتحبس البائعين في منصتها وتضر بمنافسيها».
وسيغنال هو تطبيق مراسلة مشفر معروف يأتي مع خيار الحذف التلقائي للرسائل نهائيًا. وشجع بيزوس المديرين التنفيذيين الآخرين في أمازون على التواصل معه عبر التطبيق، حسبما كتبت لجنة التجارة الفيدرالية في ملفها الأسبوع الماضي.
بحسب تقرير بيزنس إنسايدر أبلغت أمازون لجنة التجارة الفيدرالية طواعية عن استخدام الموظفين المحدود لتطبيق سيغنال منذ سنوات، وقامت بجمع محادثات سيغنال بدقة من أجهزة الموظفين، وسمحت لموظفي اللجنة بمراجعة تلك المحادثات حتى تلك التي لا تتعلق بالتحقيق.
اقرأ أيضًا: جيف بيزوس.. 4 صفات استثنائية وراء ثاني أغنى رجل بالعالم
جيف بيزوس يقر باستخدام تطبيق سيغنال
خضع جيف بيزوس، مؤسس شركة أمازون، لسلسلة من التحقيقات من قبل لجنة التجارة الفيدرالية حول استعماله لتطبيق المراسلة المشفر سيغنال وخاصية الحذف الذاتي، وذلك وفقًا لمحتوى شهادته التي صدرت حديثًا.
تضمنت الشهادة، التي لم يُكشف عنها من قبل، جزءًا من دعوى قضائية جديدة رفعتها لجنة التجارة الفيدرالية الأسبوع الماضي، متهمةً بيزوس وآخرين من القيادات العليا في أمازون بإزالة رسائل سيغنال عمدًا لإتلاف أدلة محتملة قابلة للاستخدام في القضية القائمة ضد الشركة بتهمة الاحتكار.
أثناء شهادته أمام لجنة التجارة الفيدرالية في أكتوبر 2022، نفى بيزوس بشكل عام أو امتنع عن الإجابة على استفسارات الوكالة. ومع ذلك، ألمح أيضًا إلى استمراره في استخدام سيغنال وميزة الحذف الذاتي حتى عام 2022 لمعالجة مسائل الشركة الحساسة غير المرتبطة بالدعوى القضائية. كما أظهر النص أنه قدم إجابات مبهمة عند سؤاله عما إذا كان قد استلم توجيهات قانونية واضحة بشأن ضرورة الحفاظ على كل المعلومات ذات الصلة.
بيزوس، أكد جهوده للالتزام بالقواعد، مشيرًا إلى أنه لا يتذكر متى توقف عن استخدام سيغنال. «لقد بذلت قصارى جهدي للتأكد من عدم استخدامه بطريقة قد تتعارض مع طلبات الحفاظ على المستندات، واستخدمت ميزة الرسائل المختفية فقط للمواضيع التي لا تتطلب الاحتفاظ بها». كما قال.
لكن وفقًا لادعاءات لجنة التجارة الفيدرالية، استمر المسؤولون التنفيذيون في أمازون بحذف رسائل سيغنال المتعلقة بالقضية، حتى بعد طلب الوكالة في 2019 الاحتفاظ بكافة الوثائق والمراسلات ذات الصلة. وتطالب اللجنة شركة أمازون بتقديم وثائق إضافية تتعلق باستخدامها لتطبيقات المراسلة المؤقتة، بما في ذلك سيغنال.
اقرأ أيضًا: جيف بيزوس.. قصة موظف وول ستريت الذي تحول إلى ملك التجارة الإلكترونية
«قضايا حساسة»
بيزوس، وخلال التحقيقات، كشف عن تحوله لاستخدام تطبيق سيغنال للتواصل بعد تعرض هاتفه للخطر في 2019، مؤكدًا الأمان الذي يوفره التطبيق بفضل التشفير من طرف إلى طرف.
أوصى بيزوس القيادات العليا في أمازون باستخدام سيغنال لتعزيز الأمان، مع الإشارة إلى أنه لم يكن طلبًا إلزاميًا. وأفاد بأنه نصح مايك هوبكنز، رئيس قسم الفيديو بأمازون، بأن سيغنال يُعد وسيلة تواصل أكثر فعالية معه.
في شهادته لعام 2022، ذكر بيزوس أنه ما زال يستخدم سيغنال للمسائل العملية بين الحين والآخر، لكنه قد أوقف خاصية الرسائل المختفية «منذ بضعة أشهر». وأوضح أن استخدامه للتطبيق يقتصر على القضايا الحساسة التي لا تتعلق بتحقيقات لجنة التجارة الفيدرالية، مشيرًا إلى أنه كان يضبط الرسائل للحذف بعد أسبوع.
وأضاف: «أستخدمه للموضوعات الشديدة الحساسية مثل أمن البيانات، وبعض القضايا الخاصة بالموظفين، والمسائل العامة الدقيقة، حيث أقوم بتفعيلها وإلغائها لهذه الأغراض فقط».
على الرغم من تأكيده على تلقيه إشعارًا بالحفاظ على المستندات من لجنة التجارة الفيدرالية، إلا أنه لم يُجب على سؤال حول شمولية الإشعار لرسائل سيغنال. وأشار إلى أنه لا يتذكر بدقة متى تلقى الإشعار أو التوجيهات القانونية بخصوص استخدام التطبيق من محامي أمازون.
وعندما سُئل من قبل محامي لجنة التجارة الفيدرالية عما إذا كان قد استمر في استخدام خاصية الرسائل المختفية حتى عام 2021، أي بعد نحو عامين من طلب الوكالة الحفاظ على المستندات، أفاد بيزوس بأنه غير متأكد لكنه ربما فعل ذلك.
الرسائل المتبادلة بين بيزوس وجاسي
بيزوس أوضح في شهادته أنه بدأ باستخدام تطبيق Signal للمراسلة مع تفعيل خاصية الرسائل المختفية، وكانت هناك محادثات بينه وبين أندي جاسي، الرئيس التنفيذي الحالي لأمازون، من أكتوبر 2019 إلى مارس 2022.
أكد بيزوس أن هذه المحادثات لم تتضمن موضوعات حساسة تخص الموظفين ولم تكن مرتبطة بترقية جاسي لمنصب الرئيس التنفيذي لأمازون في 2021.
بخصوص إبلاغ جاسي بتوليه منصب الرئيس التنفيذي، قال بيزوس: «إذا كنت تقصد المرة الأولى التي نوقشت فيها الفكرة معه، فقد تم ذلك عبر مكالمة هاتفية، وليس عبر سيغنال. من الأفضل معالجة هذه الأمور وجهًا لوجه. وقد تسبب الوباء في الاعتماد على المكالمات الهاتفية لمثل هذه المناقشات».
وأضاف بيزوس أنه من المحتمل أن يكون قد ناقش مع جاسي موضوع عقد JEDI للحوسبة السحابية مع وزارة الدفاع في 2019 عبر Signal.
اقرأ أيضًا: كيف تنجح على طريقة جيف بيزوس ثاني أغنى رجل بالعالم؟
شيفرة بيزوس
لجنة التجارة الفيدرالية تحقق في استخدام بيزوس لأسلوبه المعروف بإرسال علامة استفهام عبر البريد الإلكتروني، وهو ما يُعد جزءًا من طريقته في التواصل في أمازون. يُعرف بيزوس بإرسال رسائل بريد إلكتروني تحمل علامة استفهام واحدة لمديريه التنفيذيين كإشارة للتعبير عن قلقه بشأن شكاوى العملاء أو مشكلات أخرى، مما يتطلب من المتلقين الرد بسرعة وبشكل مفصل.
تُعتبر هذه الرسائل بمثابة بداية لمناقشات عمل أكثر جدية، حيث يتم تحضير الردود بعناية. إذا كان بيزوس يستخدم هذه الطريقة في التواصل عبر سيغنال، فهذا يدل على أهمية التطبيق في التعامل مع الأمور الأساسية للشركة.
وفقًا للنص، نفى بيزوس أنه قد أرسل رسالة بريد إلكتروني تحتوي على علامة استفهام واحدة عبر سيغنال. وأبدى شكوكه حول موضوعية الرسائل ذات الحرف الواحد، مع الإشارة إلى أن الردود عليها قد تكون موضوعية إذا تطورت إلى اجتماعات مع تقارير مفصلة. وعندما أشار محامي لجنة التجارة الفيدرالية إلى وجود بروتوكولات محددة في أمازون للرد على هذه الرسائل، بدا بيزوس متحيرًا.