في السيرة الذاتية لإيلون ماسك التي أعدها الكاتب الشهير والتر إيزاكسون، حمل اسم إيليا سوستيكفر، كبير علماء أوبن إيه آي (OpenAI) – الذي يقع في القلب من عملية الإطاحة بسام ألتمان من رئاسة أوبن إيه آي – الكثير من المفارقات، والمفارقات هنا تكمن في أن إيلون ماسك وسام ألتمان هما من سعيا لاستقطاب سوستيكفر إلى أوبن إيه آي أثناء عمله في مشروع غوغل براين بشركة غوغل، فما قصة انضمام إيليا إلى الشركة الأم لبرنامج الذكاء الاصطناعي الأشهر في العالم تشات جي بي تي (ChapGPT)؟
وعزل مجلس الإدارة، الجمعة، سام ألتمان، من منصب الرئيس التنفيذي لشركة أوبن إيه آي، دون سابق إنذار. وقال جريج بروكمان، رئيس مجلس إدارة الشركة المقال أيضًا، في مجموعة من التدوينات عبر حسابه على منصة إكس، إن إيليا سوستيكفر، الذي يشغل منصب عضو مجلس إدارة وكبير علماء الشركة، يقف وراء عملية الإطاحة بسام ألتمان.
كيف انضم إيليا سوستيكفر إلى أوبن إيه آي؟
في تقرير نشره موقع «بيزنس إنسايدر»، الشهر الماضي، أزاح كاتب السير الذاتية المعروف، والتر إيزاكسون، النقاب عن الطريقة التي انضم بها إيليا سوستيكفر إلى أوبن إيه آي، والذي كان يعمل ضمن مشروع «غوغل براين» (Google Brain). كان «سوتسكيفر» عضوًا في وحدة الذكاء الاصطناعي في غوغل، وفي عام 2013 كان يعمل جنبًا إلى جنب مع جيفري هينتون – المعروف أيضًا باسم «الأب الروحي للذكاء الاصطناعي».
وبحسب مجلة «فورتشن» الأميركية، عمل سوتسكيفر مع جيفري هينتون على تطوير شبكة عصبية ودرباها على التعرف على الأشياء في الصور. أظهر المشروع، الذي أُطلق عليه اسم AlexNet، أن الشبكات العصبية كانت أفضل بكثير في التعرف على الأنماط مما تم تحقيقه بشكل عام.
ولفت سوتسكيفر انتباه الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك، في الوقت الذي كان يشعر فيه بالقلق من تجاهل لاري بيغ، أحد مؤسسي غوغل، لسلامة الذكاء الاصطناعي، حسبما صرح لبرنامج ليكس فريدمان بودكاست الشهر الجاري، ومن تركيز مواهب الذكاء الاصطناعي في غوغل، خاصة بعد استحواذها على شركة ديب مايند في عام 2014.
اقرأ أيضًا.. صراع مواهب الذكاء الاصطناعي.. كيف استقطب ماسك علماء من غوغل؟
أصعب معارك التوظيف
قال ماسك، «كانت تلك واحدة من أصعب معارك التوظيف التي خضتها على الإطلاق، ولكن كان سوتسكيفر هو العمود الفقري لنجاح OpenAI». وبحسب كاتب السير الذاتية، فإنه «في عام 2015، أقنع كلًا من إيلون ماسك، وسام ألتمان، إيليا سوتسكيفر، بالقفز من السفينة – براتب قدره 1.9 مليون دولار – والانضمام إليهما في تأسيس شركة «أوبن إيه آي».
وبعد مرور عام، كان ماسك وألتمان يتطلعان إلى بدء مختبر الذكاء الاصطناعي التنافسي الخاص بهما «أوبن إيه آي»، وقاما بإقناع عالم غوغل إيليا سوتسكيفر ليصبح مؤسسًا مشاركًا وكبير العلماء في الشركة الجديدة. وصفت مجلة تايم الأميركية استقطاب «سوتسكيفر» بأول انقلاب لشركة «أوبن إيه آي»، فهو أحد العقول التقنية الأكثر شهرة في الصناعة. وقبل انضمامه إلى «أوبن إيه آي» كعضو مؤسس في عام 2015، كان «سوتسكيفر» مشهورًا بالفعل بقدراته التي عززت مجالات الترجمة الآلية.
وبعد انضمامه إلى «أوبن إيه آي» تم إدراج اسم «سوتسكيفر» في الأوراق البحثية التي أدت إلى إنشاء «تشات جي بي تي»، ومولد الصور (دايلي – إي) «DALL-E»، بالإضافة إلى العشرات من الأبحاث الأخرى، كما لعب دورًا رئيسيًا في تطوير النماذج اللغوية الكبيرة.
اقرأ أيضًا.. ميرا موراتي.. القوة الخفية وراء ChatGPT بديلًا لسام ألتمان في قيادة OpenAI
إيليا سوستيكفر وعزل ألتمان
وفي مجموعة من التدوينات عبر منصة إكس، اتهم جريج بروكمان، بالوقوف وراء الإطاحة بسام ألتمان من رئاسة أوبن إيه آي. قال جريج بروكمان، إن إيليا طلب من ألتمان الانضمام إلى اجتماع عبر Google Meet، ظهر الجمعة، وحين انضم ألتمان كان مجلس الإدارة بأكمله موجودًا، باستثناء جريج، وقال إيليا لسام إنه طُرد. وفي أعقاب التغيير الفوضوي، حاول إيليا سوتسكيفر، كبير العلماء، طمأنة الموظفين.
وفي اجتماع شامل مع الموظفين عُقد بعد رحيل ألتمان، أجاب سوتسكيفر على أسئلة الموظفين حول ما إذا كانت عملية الفصل بمثابة انقلاب، وفقًا لنص الاجتماع الذي نشره موقع ذي إنفورميشن (The Information)، قال سوتسكيفر للموظفين، إن الأمر لم يكن انقلابًا؛ بل كان بمثابة قيام مجلس الإدارة بواجبه تجاه مهمة المنظمة غير الربحية، وهي التأكد من أن أوبن إيه آي تبني الذكاء الاصطناعي العام الذي يفيد البشرية جمعاء.
صراع بين جانبي البحث والإنتاج
يتألف مجلس إدارة OpenAI الحالي من كبير العلماء إيليا سوتسكيفر، والرئيس التنفيذي لشركة Quora آدم دانجيلو، والرئيس التنفيذي السابق لأنظمة GeoSim تاشا ماكولي، وهيلين تونر، مديرة الاستراتيجية في مركز جورج تاون للأمن والتكنولوجيا الناشئة. على عكس الشركات التقليدية، فإن مجلس الإدارة غير مكلف بتعظيم قيمة المساهمين، ولا يمتلك أي منهم أسهمًا في OpenAI. وبدلاً من ذلك، فإن مهمتهم المعلنة هي ضمان إنشاء ذكاء اصطناعي عام ‘مفيد على نطاق واسع’، أو AGI.
وبحسب موقع ذي فيرج (The Verge) كان لسوتسكيفر، الذي شارك أيضًا في تأسيس شركة OpenAI ويقود باحثيها، دورًا فعالًا في الإطاحة بألتمان هذا الأسبوع، وفقًا لمصادر متعددة. وتقول المصادر إن دوره في الانقلاب يشير إلى وجود صراع على السلطة بين جانبي البحث والإنتاج في الشركة.
اقرأ أيضًا.. سام ألتمان: ماذا جرى في الساعات الأخيرة من فصل رجل ChatGPT؟
في الشهر الماضي، أجرى سوتسكيفر، الذي يتجنب عمومًا أضواء وسائل الإعلام، مقابلة طويلة مع مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو. وقال إن تركيزه الجديد كان على كيفية منع الذكاء الاصطناعي الفائق – الذي يمكن أن يتفوق على البشر ويصبح مارقًا.
ويبدو أن هذا هو لب الصراع بين ألتمان وسوتسكيفر، إذ أنه في الآونة الأخيرة، انصب تركيز سوتسكيفر على المخاطر المحتملة للذكاء الاصطناعي، لا سيما بمجرد وصول الذكاء الاصطناعي الفائق الذي يمكن أن يتفوق على البشر، بينما كان لسام ألتمان رأي آخر.
بحسب مجلة فورتشن الأميركية، كانت مسألة سلامة الذكاء الاصطناعي من الأمور الأساسية في تغيير القيادة في OpenAI يوم الجمعة، وفقًا لمصادر مطلعة، حيث اختلف سوتسكيفر مع ألتمان حول مدى سرعة تسويق منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية والخطوات اللازمة لتقليل الضرر العام المحتمل.