استثمار القيمة هو استراتيجية تتضمن اختيار الأسهم التي يبدو أنها تتداول بأقل من القيمة الجوهرية أو الحقيقية لها.
ماذا يعني تداول سهم بأقل من قيمته الحقيقية؟ يعتقد من يُطلق عليهم صفة مستثمرو القيمة أن الأسهم قد تكون أعلى من قيمتها أو أقل من قيمتها لأسباب مختلفة. على سبيل المثال، قد يكون سعر السهم أقل من سعره الحقيقي لأن أداء الاقتصاد ضعيف وأن المستثمرون مذعورون ويبيعون (كما كان الحال خلال الركود الكبير). أو قد يكون سعر السهم مبالغًا فيه لأن المستثمرين أصبحوا متحمسين للغاية بشأن تقنية جديدة (كما كان الحال مع فقاعة الدوت كوم). كذلك يمكن للتحيزات النفسية أن تدفع سعر السهم لأعلى أو لأسفل بناءً على الأخبار، مثل إعلانات الأرباح المخيبة للآمال أو غير المتوقعة، أو سحب المنتجات، أو الدعاوى القضائية. قد تكون الأسهم أيضًا مقومة بأقل من قيمتها لأنها تتداول بعيدًا عن الاهتمام الإعلامي. وبهذه الطريقة يضمن مستثمرو القيمة تحقيق أرباح على المدى الطويل نتيجة شراء أسهم بأسعار منخفضة.. فمن هم أشهر مستثمري هذه الاستراتيجية، وكيف تعمل؟ وما الذي ينبغي مراعاته عند اتباعها، وما مخاطرها؟
اقرأ أيضًا.. هل يشعر وارن بافيت بالندم لتجنبه الاستثمار في إنفيديا؟
من أشهر مستثمري القيمة؟
يعد المستثمر الأسطوري وارن بافيت رئيس مجلس إدارة شركة بركشاير هاثاواي، وخامس أغنياء العالم، هو المستثمر الأكثر شهرة في العالم حاليًا الذين اتبعوا استراتيجية استثمار القيمة، ولكن في الوقت نفسه هناك العديد من الآخرين، بما في ذلك بنيامين غراهام، الذي ينظر إليه على أنه أستاذ بافيت ومعلمه، وديفيد دود، تشارلي مونغر، شريك وارن بافيت الراحل، وكريستوفر براون، أحد تلامذة غراهام، وأخيرًا سيث كلارمان، الذي يدير صندوق التحوط “باوبوست” بأصول تبلغ قيمتها نحو 27.4 مليار دولار اعتبارًا من مارس 2023.
كيف تعمل استراتيجية استثمار القيمة؟
كما ذكرنا من قبل فإن استثمار القيمة هو نهج استثماري يستند إلى اختيار الأسهم التي يعتقد المستثمرون أنها تُتداول بأقل من قيمتها الحقيقية، ولذلك يتطلب استثمار القيمة دراسة مؤشرات مالية ونوعية للشركات المستهدفة.
فكيف يتم معرفة أن السعر الذي يتداول به السهم أقل من قيمته الحقيقية؟
بحسب موقع “إنفستوبيديا” يستخدم مستثمرو القيمة معايير مختلفة لتقييم القيمة الجوهرية للسهم من بينها التحليل المالي، الذي يعني دراسة الأداء المالي للشركة والإيرادات والأرباح والتدفق النقدي، وقيمة العلامة التجارية، ونموذج الأعمال، والسوق المستهدف، والميزة التنافسية، ويظهر ذلك فيما يلي:
السعر إلى القيمة الدفترية (P/B)، والذي يقيس قيمة أصول الشركة ويقارنها بسعر السهم. إذا كان السعر أقل من قيمة الأصول، يتم تقييم السهم بأقل من قيمته الحقيقية، على افتراض أن الشركة لا تعاني من ضائقة مالية.
السعر إلى الأرباح (P / E)، والذي يوضح سجل الشركة للأرباح لتحديد ما إذا كان سعر السهم لا يعكس جميع الأرباح أو أنه مقيم بأقل من قيمته الحقيقية.
التدفق النقدي الحر، وهو النقد الناتج عن إيرادات الشركة أو عملياتها بعد طرح تكاليف النفقات.
وبطبيعة الحال، هناك العديد من المقاييس الأخرى المستخدمة في التحليل، بما في ذلك تحليل الديون والأسهم والمبيعات ونمو الإيرادات. بعد مراجعة هذه المقاييس، يمكن لمستثمر القيمة أن يقرر شراء الأسهم إذا كانت القيمة المقارنة – السعر الحالي للسهم مقابل القيمة الجوهرية للشركة – جذابة بما فيه الكفاية.
اقرأ أيضًا: إيلون ماسك ينتقد وارن بافيت: «طريقته في الاستثمار مملة جدا»
ما الذي ينبغي مراعاته عند اتباع استراتيجية استثمار القيمة؟
البحث الشامل: إن مفتاح شراء أسهم مقومة بأقل من قيمتها هو إجراء بحث شامل عن الشركة لاتخاذ قرارات منطقية. يوصي مستثمر القيمة الشهير كريستوفر براون بالسؤال عما إذا كان من المحتمل أن تزيد الشركة إيراداتها من خلال الطرق التالية:
- رفع الأسعار على المنتجات
- زيادة أرقام المبيعات
- انخفاض النفقات
- بيع أو إغلاق الأقسام غير المربحة
كما يقترح براون أيضًا دراسة منافسي الشركة لتقييم آفاق نموها المستقبلي. لكن الإجابات على كل هذه الأسئلة تميل إلى التخمين، دون أي بيانات رقمية داعمة حقيقية. ببساطة، لا توجد برامج كمية متاحة حتى الآن للمساعدة في تحقيق هذه الإجابات، مما يجعل الاستثمار في أسهم القيمة بمثابة لعبة تخمين كبيرة إلى حد ما. لهذا السبب، يوصي وارن بافيت بالاستثمار فقط في الصناعات التي عملت فيها شخصيًا أو التي تعرف سلعها الاستهلاكية، مثل السيارات والملابس والأجهزة والمواد الغذائية.
الشيء الوحيد الذي يمكن للمستثمرين فعله هو اختيار أسهم الشركات التي تبيع المنتجات والخدمات عالية الطلب. في حين أنه من الصعب التنبؤ بالوقت الذي ستستحوذ فيه المنتجات الجديدة المبتكرة على حصة في السوق، فمن السهل قياس المدة التي قضتها الشركة في مجال الأعمال ودراسة كيفية تكيفها مع التحديات بمرور الوقت.
هامش الأمان: يضع مستثمرو القيمة ما يطلقون عليه اسم “هامش الأمان” في الاعتبار. يعتمد مبدأ هامش الأمان، وهو أحد مفاتيح الاستثمار الناجح في القيمة، على فرضية مفادها أن شراء الأسهم بأسعار منافسة يمنحك فرصة أفضل لكسب الربح لاحقًا عند بيعها. كما أن هامش الأمان يجعلك أقل عرضة لخسارة الأموال إذا لم يكن أداء السهم كما توقعت.
لذلك، إذا كنت تعتقد أن سعر السهم يساوي 100 دولار أمريكي وقمت بشرائه مقابل 66 دولارًا أمريكيًا، فسوف تحقق ربحًا قدره 34 دولارًا أمريكيًا بمجرد انتظار ارتفاع سعر السهم إلى القيمة الحقيقية البالغة 100 دولار أمريكي.
علاوة على ذلك، قد تنمو الشركة وتصبح أكثر قيمة، مما يتيح لك فرصة لكسب المزيد من المال. إذا ارتفع سعر السهم إلى 110 دولارات، فستجني 44 دولارًا منذ أن اشتريت السهم حتى وقت بيعه. إذا كنت قد اشتريته بسعره الكامل وهو 100 دولار، فستحقق ربحًا قدره 10 دولارات فقط.
اقرأ أيضًا: لماذا لا يستثمر وارن بافيت في تسلا؟
ما سمات مستثمري القيمة؟
لا يتبع مستثمرو القيمة سلوك القطيع، فعندما يشتري الجميع، فإنهم في كثير من الأحيان يبيعون أو يتراجعون، أما عندما يبيع الجميع، فإنهم يشترون أو يحتفظون. لا يشتري مستثمرو القيمة الأسهم التكنولوجية لأنهم يعتقدون أن أسعارها مبالغ فيها عادة. وبدلاً من ذلك، فإنهم يستثمرون في شركات ليست ذات أسماء مألوفة بعد التحقق من البيانات المالية. كما أنهم يلقون نظرة ثانية على الأسهم التي تعتبر أسماء مألوفة عندما تنخفض أسعار تلك الأسهم، معتقدين أن هذه الشركات يمكن أن تتعافى من النكسات إذا ظلت أساسياتها قوية وما زالت منتجاتها وخدماتها تتمتع بالجودة.
مخاطر استثمار القيمة
كما هو الحال مع أي استراتيجية استثمار، فإن خطر الخسارة قائم مع استثمار القيمة على الرغم من كونها استراتيجية منخفضة إلى متوسطة المخاطر. وفيما يلي نسلط الضوء على عدد قليل من تلك المخاطر ولماذا يمكن أن تحدث الخسائر؟
البيانات غير المحدثة: يستخدم العديد من المستثمرين البيانات المالية عندما يتخذون قرارات استثمارية ذات قيمة. لذا، إذا كنت تعتمد على التحليل الخاص بك، فتأكد من حصولك على أحدث المعلومات وأن حساباتك دقيقة. إذا لم يكن الأمر كذلك، فقد ينتهي بك الأمر إلى إجراء استثمار سيئ أو تفويت استثمار رائع. إذا لم تكن واثقًا بعد من قدرتك على قراءة وتحليل البيانات والتقارير المالية، فاستمر في دراسة هذه المواضيع ولا تقم بأي صفقات حتى تصبح مستعدًا حقًا.
الاستماع إلى عواطفك: من الصعب تجاهل عواطفك عند اتخاذ قرارات الاستثمار. حتى لو كان بإمكانك اتخاذ وجهة نظر نقدية منفصلة عند تقييم الأرقام، فقد يتسلل الخوف إليك عندما يحين الوقت لاستخدام جزء من مدخراتك التي اكتسبتها بشق الأنفس لشراء سهم. والأهم من ذلك، أنه بمجرد شراء السهم، قد تميل إلى بيعه إذا انخفض السعر.
ضع في اعتبارك أن الهدف من استثمار القيمة هو مقاومة إغراء الذعر والذهاب مع القطيع. لذلك لا تقع في فخ الشراء عندما ترتفع أسعار الأسهم والبيع عندما تنخفض.