احتيال سحب البساط.. يضج عالم العملات المشفرة والاقتصاد بالمصطلحات والتعبيرات لوصف حالة أو مسألة ذات صلة. فعرفت الأوساط مؤخرًا ما يسمى بعمليات احتيال سحب البساط وهو نوع من عمليات الاحتيال والسرقة المشفرة القائمة على ضخ عملة مشفرة لمشروع معين واستقطاب المستثمرين، الذين تتبخر أموالهم في مشروعات تشفير وهمية، ففي الحقيقة، يعمد المطورون المحتالون إلى إنشاء رمز مشفر جديد وطرحه في الأسواق، وضخ السعر ثم سحب أكبر قدر ممكن من القيمة منه قبل التخلي عنه لينخفض سعره إلى الصفر.
أنواع عمليات احتيال سحب البساط
تختلف أنواع عمليات احتيال سحب البساط في العملات المشفرة لتشمل سرقة السيولة، والحد من طلبات البيع والإغراق.
1- سرقة السيولة: خلالها يسحب منشئو الرموز جميع العملات من تجمع السيولة ما يؤدي إلى سحب كل القيمة التي يتم ضخها في العملة من قبل المستثمرين وانخفاض سعرها إلى الصفر. وغالبًا ما يتجلى هذا النوع من السرقة في بيئات ومجتمعات التمويل اللامركزي.
2- الحد من طلبات البيع: وهو طريقة خفية يعتمدها المطور للاحتيال على المستثمر إذ يقوم بتشفير الرموز بحيث يكون المطور نفسه الطرف الوحيد القادر على بيعها. وبعيد هذه الخطوة، ينتظر المطورون إقبال مستثمري التجزئة على شراء هذه العملات المشفرة الجديدة المطروحة في الأسواق باستخدام العملات المقترنة. تتصف العملات المقترنة بعملتان تم إقرانهما للتداول، إحداهما مقابل الأخرى.
3- الإغراق: وهو عملية تحدث عندما يبيع المطورون بسرعة إمداداتهم الكبيرة من الرموز ما يؤدي بالتالي إلى انخفاض سعر العملة وبقاء المستثمر وبحوزته رموز لا قيمة لها. وغالبًا ما تقع هذه العملية بعيد حملات ترويج وتسويق مكثفين على مواقع التواصل الاجتماعي. يُعرف الارتفاع الناتج وعمليات البيع باسم مخطط الضخ والتفريغ. والجدير ذكره أن هذه العملية الأقل حدية من الأنواع الأخرى إذ تبقى في المنطقة الرمادية الأخلاقية. وبمعنى آخر، إن عملية الإغراق عملية شرعية تسمح لمطوري العملات المشفرة بشراء عملتهم الخاصة وببيعها. تندرج هذه الأخيرة ضمن عمليات احتيال سحب البساط وفقًا لسرعة استحواذ وبيع هذه العملات في الأسواق.
اقرأ أيضاً.. بنك جي بي مورغان يطلق مدفوعات اليورو بلوكشين.. كيف ستعمل؟
عمليات احتيال سحب البساط الصلب مقابل السحب اللين
يعرف عالم الاقتصاد سحب بساط «صلب» و «لين». فمن جهة، يطلق اسم السحب الصلب على عملية الاحتيال التي يعمد خلالها مطور المشروع إلى تشفير أبواب خلفية ضارة في رمزه. وتعد الأبواب الخلفية الخبيثة مآثر مخفية تم ترميزها وتشفيرها في العقد الذكي للمشروع لتحقيق نية ارتكاب الاحتيال. ومن جهة أخرى، تحدث عمليات سحب البساط اللينة عندما يلجأ مطور الرموز إلى طرح أصوله المشفرة بسرعة ما يؤدي إلى انخفاض شديد في قيمة الأصل.
شرعية سحب البساط في عالم العملات المشفرة
يعتبر سحب البساط في عالم العملات المشفرة قانونيًا في بعض الأحيان إلا أنه يبقى عملية غير أخلاقية مهما اختلفت الظروف. وبالعودة إلى فئتي سحب البساط الصلب واللين، يعتبر الأول غير قانوني في حين تختلف المواقف حينما يتعلق الأمر بالسحب اللين. ففي بعض الأحيان يندرج هذا النوع ضمن الأعمال القانونية والمشروعة في عالم المال والتداول. ومع ذلك، تبقى هذه الأنشطة الاحتيالية صعبة التتبع والمقاضاة.
يعد انهيار منصة تداول العملات المشفرة التركية ثوديكس Thodex مثالًا يجسد بكل ما للكلمة من معنى ظاهرة احتيال سحب البساط في عالم العملات المشفرة. فبلغت قيمة الأموال المسروقة حوالي ملياري دولار لتكون هذه السرقة من أكبر عمليات احتيال سحب البساط في عام 2021. استطاعت الشرطة التركية من اعتقال 62 شخصًا بعيد التحقيق المكثف إلا أن مكان الجاني المزعوم لا يزال مجهولاً.
اقرأ أيضاً.. لماذا ارتفع سعر البيتكوين إلى مستوى الـ28 ألف دولار؟
الخطوات الأساسية لتجنب احتيال سحب البساط في عالم العملات المشفرة
تتعدد الدلائل التي تؤكد للمستثمر شبهة عملية التداول وتنبهم بالتالي من عمليات الاحتيال المنتشرة في هذا المجال بهدف حماية أنفسهم من عمليات احتيال سحب البساط الشهير. فما هي إذًا هذه العلامات التي يجب على المستثمر أخذها بعين الاعتبار؟
1- مطورون مجهولون: على المستثمر التأكد من مصداقية الأشخاص القيمين على مشاريع العملات المشفرة الجديدة. فلا بد النظر في خلفيات المطورين وسجلاتهم وشرعيتهم واستعدادعم للوفاء بوعودهم. هذا ولا بد التدقيق في الحسابات والملفات الشخصية الجديدة على وسائل التواصل الاجتماعي التي بات من السهل جدًا اليوم تلفيقها وتزييفها.
اقرأ أيضاً.. الضربات ضد بينانس تتوالى: إلغاء ترخيص المملكة المتحدة وتراجع حصة أميركا
2- غياب سيولة مقفلة: مع غياب قفل سيولة على العرض الرمزي، لا شيء يمنع منشئي المشروع من الهروب من السيولة بأكملها. ففي الحقيقة، يتم تأمين السيولة من خلال العقود الذكية المغلقة، والتي تستمر بشكل مثالي من ثلاث إلى خمس سنوات من العرض الأولي للرمز. يجب على المستثمر أيضًا التحقق من النسبة المئوية لمجمع السيولة الذي تم إغلاقه. القفل مفيد فقط بما يتناسب مع كمية السيولة التي يؤمنها. يُعرف هذا الرقم باسم القيمة الإجمالية المقفلة (TVL)، ويجب أن يتراوح بين 80٪ و 100٪.
3- عائدات مرتفعة بشكل مريب: إذا بدت عائدات عملة تم طرحها جديدًا في الأسواق مرتفعة بشكل مريب ولكن لم يتضح أنها ظاهرة احتيال سحب البساط، فمن المحتمل أن تكون مخطط بونزي.
لا تنحصر أساليب التجنب بهذه الخطوات الثلاث فحسب، بل تتوسع لتشمل علامات أخرى. يعد عالم العملات المشفرة مجالًا محفوفًا بالمخاطر وخاصة تلك المرتبطة بالسرقة والاحتيال.