بعد قرابة شهر على رحيله عن شركة أوبن إيه آي (OpenAI) مطور برنامج تشات جي بي تي (ChatGPT)، أعلن إيليا سوتسكفير، رئيس مجلس إدارة OpenAI السابق وكبير العلماء بها، عن تأسيس شركة جديدة للذكاء الاصطناعي الفائق «الآمن»، أطلق عليها اسم «Safe Superintelligence». أو «SSI».
في تدوينة له، عبر منصة إكس، كتب سوتسكيفر على موقع X يوم الأربعاء: «بدأنا تأسيس شركة جديدة”، مضيفًا “نسعى لتحقيق الذكاء الاصطناعي الفائق الآمن».
كان سوتسكيفير، يشغل منصب كبير العلماء في OpenAI، وشارك في قيادة فريق Superalignment المسؤول عن التحكم والتوجيه والسيطرة وسلامة أنظمة الذكاء الاصطناعي، كما شاركه في ذلك زميله جان ليكي الذي غادر أيضًا للانضمام إلى شركة أنثروبيك للذكاء الاصطناعي المنافسة.
ركز عمل الفريق على إمكانية التحكم والسيطرة في أنظمة الذكاء الاصطناعي، ولكن تم حله بعد وقت قصير من إعلان سوتسكفير وليكي رحيلهما.
يذكر أن سوتسكفير، كان العقل المدبر وراء إزاحة سام ألتمان عن منصب الرئيس التنفيذي للشركة في نوفمبر الماضي قبل عودته مرة أخرى إليها بشكل درامي.
اقرأ أيضًا.. اتفاق «مثير للجدل» لحماية أسرار OpenAI.. ما قصته؟
رحيل سوتسكفير عن OpenAI
وفي 15 مايو الماضي، وبعد ساعات على إعلان شركة OpenAI آخر ابتكاراتها في عالم الذكاء الاصطناعي، GPT-4o، أعلن إيليا سوتسكيفر، مغادرته بعد ما يقرب من عقد من الزمن من العمل في الشركة.
في منشور له، عبر حسابه الرسمي بموقع إكس، كتب سوتسكيفر: «بعد ما يقرب من عقد من الزمن، اتخذت قرارًا بترك OpenAI. لم يكن مسار الشركة أقل من معجزة، وأنا واثق من أن OpenAI ستبني الذكاء الاصطناعي العام الآمن والمفيد تحت قيادة سام ألتمان، الرئيس التنفيذي للشركة، وميرا موراتي، رئيس التكنولوجيا في الشركة، وغريغ بروكمان، رئيس مجلس الإدارة، وجاكوبي باتشوكي، مدير الأبحاث في OpenAI».
وكشف تقرير لموقع «بيزنس إنسايدر» عن كيفية انتقال إيليا سوستيكفر إلى OpenAI. فقد كشف والتر إيزاكسون، المؤلف المرموق، أن إيليا، الذي كان جزءًا من مشروع Google Brain، انتقل إلى OpenAI. في عام 2013، كان إيليا يعمل مع جيفري هينتون، الذي يُعرف بـ«الأب الروحي للذكاء الاصطناعي».
وفقًا لمجلة «فورتشن» الأميركية، تعاون سوستيكفر مع جيفري هينتون في تطوير شبكة عصبية تُدعى AlexNet، والتي تم تدريبها على التعرف على الصور، مما أثبت أن الشبكات العصبية تفوقت في التعرف على الأنماط.
أثار إيليا اهتمام إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، خاصةً بعد أن أعرب لاري بيج، أحد مؤسسي Google، عن قلقه بشأن أمان الذكاء الاصطناعي. وفي مقابلة مع بودكاست ليكس فريدمان، أشار ماسك إلى أن تركيز Google على الذكاء الاصطناعي، وخاصة بعد استحواذها على DeepMind في 2014، كان مثيرًا للقلق.
وصف ماسك معركة التوظيف لجلب سوستيكفر إلى OpenAI بأنها كانت شاقة، معتبرًا إياه الدعامة الأساسية لنجاح الشركة. وفقًا لإيزاكسون، في عام 2015، استطاع إيلون ماسك وسام ألتمان إقناع إيليا بالانضمام إلى «OpenAI» براتب 1.9 مليون دولار.
بعد عام من التخطيط، قرر ماسك وألتمان تأسيس مختبرهما الخاص للذكاء الاصطناعي، «OpenAI». وقد نجحا في جذب إيليا سوستيكفر، العالِم البارز في Google، ليكون أحد المؤسسين المشاركين ورئيس العلماء في المؤسسة الناشئة. وصفت مجلة تايم الأميركية هذا الاستقطاب بأنه الانقلاب الأول لـ«OpenAI»، مشيرة إلى سوستيكفر كواحد من أشهر العقول التقنية في الصناعة. قبل انضمامه إلى «OpenAI» في عام 2015 كعضو مؤسس، كان سوستيكفر معروفًا بالفعل بإسهاماته التي أثرت في مجال الترجمة الآلية.
مع انضمامه إلى «OpenAI»، أصبح اسم سوستيكفر مرتبطًا بالأبحاث التي أسهمت في تطوير ChatGPT ومولد الصور DALL-E، بالإضافة إلى عدد كبير من الأبحاث الأخرى. كما كان له دور حاسم في تطوير النماذج اللغوية الكبيرة.
اقرأ أيضًا.. سام ألتمان: ماذا جرى في الساعات الأخيرة من فصل رجل ChatGPT؟
إيليا سوتسكفير ومحاولة الإطاحة بألتمان من OpenAI
في نوفمبر من العام الماضي، واجهت OpenAI تحديًا كبيرًا تمثل في محاولة إزاحة سام ألتمان من منصبه. وفقًا لسلسلة من التدوينات على منصة X، اتُهم إيليا سوستيكفر من قبل جريج بروكمان بأنه كان وراء هذه المحاولة. ذكر بروكمان أن إيليا دعا ألتمان لحضور اجتماع عبر Google Meet في عصر يوم الجمعة، 18 نوفمبر 2023، وعندما انضم ألتمان، وجد مجلس الإدارة بأكمله في انتظاره، باستثناء بروكمان، حيث أخبره إيليا بأنه قد تم إقالته. في أعقاب هذه الأحداث المضطربة، حاول إيليا، كبير العلماء، تهدئة الموظفين.
خلال اجتماع شامل مع الموظفين أُقيم بعد مغادرة ألتمان، رد سوستيكفر على استفساراتهم حول ما إذا كانت عملية الإقالة تعتبر انقلابًا. وفقًا لمحضر الاجتماع الذي نشره موقع The Information، أكد سوستيكفر للموظفين أن الأمر لم يكن انقلابًا، بل كان تصرفًا من مجلس الإدارة يتماشى مع مسؤولياته تجاه مهمة المنظمة غير الربحية، وهي التأكد من أن OpenAI تعمل على تطوير ذكاء اصطناعي عام يعود بالنفع على البشرية ككل.
كان مجلس إدارة OpenAI آنذاك يتكون من إيليا سوستيكفر ككبير العلماء، وآدم دانجيلو الرئيس التنفيذي لشركة Quora، وتاشا ماكولي الرئيس التنفيذي السابق لأنظمة GeoSim، وهيلين تونر مديرة الاستراتيجية في مركز جورج تاون للأمن والتكنولوجيا الناشئة. وعلى النقيض من الشركات التقليدية، لم يكن مجلس الإدارة ملزمًا بتعظيم قيمة المساهمين، حيث لم يمتلك أي من أعضائه أسهمًا في OpenAI. بدلاً من ذلك، كانت مهمتهم المعلنة هي ضمان تطوير ذكاء اصطناعي عام يكون مفيدًا على نطاق واسع، أو ما يُعرف بالذكاء الاصطناعي الفائق AGI.
اقرأ أيضًا.. استقطبه سام ألتمان من غوغل فأطاح به من رئاسة OpenAI.. من هو إيليا سوستيكفر؟
خلاف حول سلامة وأمان الذكاء الاصطناعي سبب أزمة OpenAI
في حوار مطول مع مجلة MIT Technology Review، تحدث سوتسكيفر – الذي يفضل عادةً الابتعاد عن الأضواء – عن تحول اهتمامه نحو طرق الحد من مخاطر الذكاء الاصطناعي المتقدم، الذي قد يتجاوز قدرات البشر ويتصرف بشكل غير متوقع.
ويشير هذا إلى جوهر الخلاف بين ألتمان وسوتسكيفر، حيث أصبح سوتسكيفر مؤخرًا مهتمًا بشكل خاص بالتهديدات التي قد يشكلها الذكاء الاصطناعي المتقدم، والذي يحتمل أن يتخطى القدرات البشرية، في حين كان لألتمان وجهة نظر مختلفة.
وفقًا لمجلة فورتشن الأمريكية، كانت قضايا أمان الذكاء الاصطناعي من العوامل الرئيسية في إقالة سام ألتمان، حيث كان هناك اختلاف بين سوتسكيفر وألتمان حول السرعة التي يجب بها طرح منتجات الذكاء الاصطناعي التوليدية في السوق والإجراءات اللازمة للحد من الأضرار المحتملة.
لكن مع عودة ألتمان إلى منصبه كرئيس للشركة بدعم كبير من شركة مايكروسوفت وخاصةً من ساتيا ناديلا، الرئيس التنفيذي للشركة، تم إجراء تغييرات جذرية في مجلس الإدارة، مما أدى إلى تقليل دور سوتسكيفر حتى كاد يختفي.
وأدى ذلك إلى ظهور ميم يتساءل: «أين إيليا؟» «ماذا قال؟»، حيث استغل إيلون ماسك، المؤسس المشارك لـ OpenAI، منصته الخاصة X لطرح هذا السؤال بنفسه.
اقرأ أيضًا.. ميرا موراتي.. القوة الخفية وراء ChatGPT بديلًا لسام ألتمان في قيادة OpenAI
من يحل بديلًا عن إيليا سوتسفكير؟
يحل جاكوب باتشوكي مدير الأبحاث في OpenAI، بديلًا عن إيليا، حيث أشار بيان صحفي للشركة إلى دوره القيادي في تطوير GPT-4 وOpenAI Five، بالإضافة إلى إسهاماته البارزة في الأبحاث الأساسية المتعلقة بالتعلم العميق.
وقال ألتمان، في تدوينة «يشغل جاكوب الآن منصب رئيس العلماء في فريقنا، وهو يُعتبر من بين العباقرة البارزين في عصرنا. يُسعدني أن يكون هو من يتولى القيادة في هذه المرحلة. لقد كان على رأس العديد من مبادراتنا الحيوية، ولدي ثقة عميقة بأنه سيدفعنا قُدمًا نحو إنجازات متسارعة وموثوقة تُسهم في تحقيق رؤيتنا لعالم يستفيد فيه الجميع من الذكاء الاصطناعي الشامل».
أخيرًا يُظهر ما حدث أن هناك خلافًا كان يتطور داخل OpenAI. أكد موقع The Verge استقالة جان ليك، الذي كان يدير فريق Superalignment الذي يعمل على «التوجيه والتحكم» في الذكاء الاصطناعي، من OpenAI. وسيخلفه جون شولمان، المؤسس المشارك الآخر لـ OpenAI، الذي دعم ألتمان خلال محاولة الانقلاب الفاشلة على مجلس الإدارة في العام الماضي.