في مارس الماضي، حققت شركة نيورالينك، بقيادة إيلون ماسك، إنجازًا تاريخيًا في مجال واجهات الدماغ والحاسوب، حيث تمكنت من استعادة قدرة شخص مصاب بالشلل الرباعي على التحكم في مؤشر الكمبيوتر باستخدام أفكاره فقط. تعمل الشريحة اللاسلكية التي زرعت في دماغه على تسجيل النشاط الكهربائي للدماغ وتحويله إلى إشارات يمكن فهمها بواسطة الكمبيوتر.
هذا الإنجاز يمثل خطوة كبيرة نحو مستقبل حيث يمكن للأشخاص ذوي الإعاقات استعادة وظائفهم الحركية والمعرفية، مما يفتح آفاقًا جديدة لعلاج العديد من الأمراض العصبية. ومع ذلك، تثير هذه التطورات تساؤلات أخلاقية مهمة حول خصوصية البيانات والتلاعب بالدماغ.
شريحة نيورالينك ودورها في برمجة الأدمغة البشرية
نجحت شركة نيورالينك في جمع تمويل ضخم تجاوز 600 مليون دولار لدعم أبحاثها الطموحة في مجال واجهات الدماغ والحاسوب. وبعد مواجهة بعض التحديات التقنية في التجربة الأولى، حصلت الشركة مؤخرًا على موافقة إدارة الغذاء والدواء لزرع شريحة في دماغ مشارك ثانٍ. هذا الإذن يمثل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف الشركة في تطوير تقنيات تتيح للبشر التفاعل مع الأجهزة بشكل مباشر باستخدام أفكارهم، بحسب صحيفة وول ستريت جورنال.
اقرأ أيضًا: ماذا سيحدث إذا تعرضت شريحة نيورالينك العصبية للاختراق؟
بعد حوالي شهر من إجراء الجراحة، لاحظ نولاند أربو، أول شخص في العالم يحصل على شريحة نيورالينك، تراجعًا طفيفًا في قدرته على التحكم في الأجهزة باستخدام أفكاره. وقد تبين أن بعض الأجزاء الصغيرة من الشريحة، وهي الخيوط التي تلعب دورًا حاسمًا في التقاط الإشارات العصبية، قد تحركت قليلاً. إلا أن فريق نيورالينك، بدعم من إصرار نولاند، تمكن من حل المشكلة واستعادة وظائف الشريحة بشكل كامل. هذه التجربة تثبت التزام الشركة بتطوير هذه التقنية بشكل مستمر وتحسينها، وتوفر دروسًا قيمة للمهندسين والعلماء الذين يعملون على تطوير واجهات الدماغ والحاسوب.
لتحسين أداء الشريحة، قررت شركة نيورالينك إجراء تعديل على طريقة زراعتها. حيث اقترحت الشركة زيادة عمق زراعة الخيوط الدقيقة في القشرة الحركية من 3-4 ملليمترات إلى حوالي 7 ملليمترات. هذا التعديل من شأنه أن يثبت الخيوط بشكل أكثر أمانًا ويضمن اتصالًا أكثر استقرارًا بين الشريحة والدماغ، مما يحسن من أداء الجهاز بشكل ملحوظ. هذه الخطوة تمثل جزءًا من الجهود المستمرة للشركة لتطوير واجهات دماغية آمنة وفعالة، والتي تهدف إلى مساعدة ملايين الأشخاص الذين يعانون من إعاقات عصبية.
شريحة نيورالينك أفضل طريقة لمنافسة الذكاء الاصطناعي
في ذات السياق، أكد إيلون ماسك أن واجهة الدماغ الحاسوبية التي طورتها شركة نيورالينك ستمثل قفزة نوعية في علاقة الإنسان بالآلة. وقد أثبتت التجارب الأولية نجاح هذه التقنية في تمكين البشر من التحكم في الأجهزة باستخدام أفكارهم فقط. ويرى ماسك أن هذه التقنية ستفتح آفاقًا جديدة في مجالات مثل الطب والتعليم، وستساعد البشر على مواكبة التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي.
خلال مقابلة حديثة، صرح ماسك بطموحه المتمثل في منح البشر قدرات خارقة من خلال شريحة نيورالينك. وأشار إلى نجاح التجربة الأولى التي تم فيها زرع الشريحة في دماغ إنسان، حيث تمكن المريض من التحكم في جهاز كمبيوتر باستخدام أفكاره فقط.
اقرأ أيضًا: كيف يمارس مريض نيورالينك حياته بعد زرع الشريحة برأسه؟
وصف ماسك الشريحة العصبية بأنها جسر للتواصل بين العقل البشري والتكنولوجيا، مما يمهد الطريق لعصر جديد من التكامل بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. ويرى ماسك أن هذه التقنية ستمكن البشر من الاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي، بدلاً من الخوف منها، مما يضمن بقاء السيطرة في أيدي البشر.
يرى ماسك أن هذه التقنية ستساهم في تحقيق توازن بين الذكاء البشري والذكاء الاصطناعي، مما يضمن أن يبقى الإنسان في موقع القيادة. ويشير إلى أن زيادة الإنتاجية بشكل كبير، والتي يمكن تحقيقها بفضل هذه التقنية، ستساعدنا على مواكبة تطور الذكاء الاصطناعي.
وتتنافس شركات التكنولوجيا في الوقت الحالي على تطوير الذكاء الاصطناعي العام والذي يمتلك قدرة على التفكير تفوق البشر.
شريحة نيورالينك تزود الإنسان بقدرات خارقة
يرى إيلون ماسك أيضًا أن شريحة نيورالينك سوف تزود الإنسان بقدرات خارقة؛ فهي ستتمكن في النهاية من إصلاح الخلايا العصبية التالفة لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من مشاكل مثل العمى والشلل.
وقال ماسك، خلال المقابلة ليكس فريدمان: «يمكن أن يحل أيضًا مرض انفصام الشخصية إذا أصيب الناس بنوبات من نوع ما، ربما يمكن أن يحل ذلك. يمكن أن يساعد في الذاكرة».
اقرأ أيضًا.. هل تعيد شريحة نيورالينك البصر للذين فقدوه؟
وأضاف أن هدف شريحة نيورالينك لا يقتصر فقط على منح الأشخاص الذين يعانون من أضرار عصبية نطاقًا كاملاً من التواصل؛ بل أيضًا يعمل على تعزيز قدراتهم الطبيعية بالفعل، حتى أنه اقترح أن الشخص الذي يستخدم شريحة نيورالينك قد يكون لديه في نهاية المطاف رؤية أعلى دقة من العين البشرية.
وأوضح أن حل مشكلات مثل تلف الخلايا العصبية هو أول خطوة صغيرة للوصول بشركة نيورالينك Neuralink إلى نقطة يمكنها من خلالها القيام بأشياء أكثر تعقيدًا مثل التواصل مع أنظمة الذكاء الاصطناعي بدون الحاجة إلى أي برمجيات.