في مؤتمر عٌقد في لندن، أقرت 28 دولة ضرورة التعاون لضمان مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي، إذ وقعوا على وثيقة تحمل اسم إعلان بلتشلي، تحمل رسالة تحذير من الذكاء الاصطناعي المتقدم.
إعلان بلتشلي في مؤتمر قمة الذكاء الاصطناعي
المؤتمر، الذي استضافته حكومة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سونالك، انعقد في بلدة بلتشلي بارك، شمال لندن، وشارك فيه نخبة من رواد التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، من بينهم إيلون ماسك، مالك موقع التواصل الاجتماعي «إكس» تويتر سابقًا، وممثلو شركات عالمية كبرى، مثل «آنثروبيك»، و«ديب مايند»، و«آي بي إم»، و«ميتا»، و«مايكروسوفت»، و«إنفيديا»، و«أوبن إيه آي».
كما حضر المؤتمر نشطاء من المجتمع المدني، مثل معهد «أدا لوفليس» البريطاني لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، و«رابطة العدالة الخوارزمية»، التي تسعى لضمان حقوق الإنسان في عصر الآلات، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.
اقرأ أيضًا: الذكاء الاصطناعي ومستقبل العمل.. قادة شركات يتحدثون لـ«فاينانشيال فريدوم توداي»
التحديات والفرص
جاء المؤتمر في ظل تزايد المخاوف من أن يصبح الذكاء الاصطناعي خطرًا على مستقبل الإنسانية، خصوصًا بعد ظهور تشات جي بي تي (ChatGPT)، وهو روبوت محادثة يتمتع بقدرات مدهشة في محاكاة التفكير البشري، وفي إنشاء نصوص جديدة من خلال تحليل الملايين من المستندات على شبكة الإنترنت.
ولكن الذكاء الاصطناعي له أيضًا إمكانات هائلة في تحسين حياتنا. فهو يمكن أن يسهم في اكتشاف علاجات جديدة للأمراض، وحل مشكلات تغير المناخ، وزيادة الإنتاجية والابتكار. ولكن هذه الفرص تحتاج إلى توجيه ورقابة، لكي لا تتحول إلى تهديدات للأمن والخصوصية والعدالة، بحسب مشاركون في المؤتمر.
إعلان بلتشلي
وفي هذا السياق، أصدر المشاركون في المؤتمر وثيقة إعلان بلتشلي، التي تعبر عن التزامهم بالتعاون الدولي لضمان مواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي.
وتقول وثيقة إعلان بلتشلي: «ندرك أن الذكاء الاصطناعي يمثل قوة عظمى يمكن أن تغير العالم بشكل جذري، ولكنه يحمل أيضًا مخاطر كبيرة، سواء كانت متعمدة أو غير مقصودة، ناجمة عن القدرات المدهشة للذكاء الاصطناعي».
وتضيف: «نؤمن بأن المخاطر الناشئة عن الذكاء الاصطناعي تتطلب تعاملا دوليًا، ولذلك نتعهد بالعمل معًا بروح من التضامن والشفافية والمسؤولية، لضمان أن يكون الذكاء الاصطناعي متمحورًا حول الإنسان وجديرًا بالثقة ومسؤولًا».
اقرأ أيضًا.. أوبن إيه آي تشكل فريقًا لمواجهة مخاطر الذكاء الاصطناعي.. فما دوره؟
ولم تحدد وثيقة إعلان بلتشلي خطوات عملية أو مؤشرات قياس لتحقيق هذه الأهداف، ولكنها دعت إلى عقد اجتماعات مستمرة لمتابعة التقدم، وسيكون الاجتماع التالي في كوريا الجنوبية بعد ستة أشهر، ثم في فرنسا بعد عام.
خطاب الملك تشارلز
وفي المؤتمر تحدث عدد من الحضور معبرين رؤيتهم ومواقفهم من التحديات والفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
في بداية المؤتمر، شاهد الحضور خطابًا مسجلاً للملك تشارلز الثالث. وأشاد الملك بالإنجازات التكنولوجية التي حققها البشر، ولكنه حذر من أنها تحتاج إلى إشراف وضبط.
اقرأ أيضًا.. مخاطر الذكاء الاصطناعي تجمع المتنافسين على طاولة واحدة.. هل يتوصلون لحلول؟
وقال: «إننا نعيش في عصر ذهبي للابتكار، ولكنه يحمل مسؤولية كبيرة. فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون قوة خير أو شر، حسب كيفية استخدامه».
موقف الصين
أحد أبرز المتحدثين في المؤتمر كان وو تشاو هوي، نائب وزير العلوم والتكنولوجيا في الصين، الذي أعرب عن رغبة بلاده في «زيادة الحوار والتواصل» مع الدول الأخرى حول هذه التكنولوجيا، لكنه أكد أن الصين لديها «مبادرة خاصة» لتطويرها. وانتقد أيضًا بعض جوانب الذكاء الاصطناعي، مثل «عدم التأكد وعدم الشفافية وعدم القابلية للتفسير».
اقرأ أيضًا.. مخاطر الذكاء الاصطناعي «تعادل قنبلة نووية».. رسالة مفتوحة من الخبراء
من جانبه، طالب راجيف شاندراسيخار، وزير التكنولوجيا في الهند، بإشراك جميع الدول في صنع السياسات المتعلقة بهذه التكنولوجيا، وليس فقط «دولة أو دولتان». وقال: «إذا تركنا التكنولوجيا تسبق التشريعات، فسنخسر سيطرتنا على مصيرنا. فالذكاء الاصطناعي يمكن أن يستخدم لغرض سام، كما نرى في مظاهر التضليل والأسلحة على شبكات التواصل الاجتماعي».
في الوقت نفسه، أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن عن إصدار أمر تنفيذي يهدف إلى حماية الأمن القومي من المخاطر التي يمكن أن يشكلها الذكاء الاصطناعي. وبموجب هذا الأمر، يجب على الشركات التي تستخدم هذه التكنولوجيا تقديم تقارير عن مدى أمانها وموثوقيتها قبل طرحها في السوق. ويعتبر هذا الإجراء خطوة هامة لضمان حقوق المستهلكين والمواطنين.