يترقب مجتمع العملات المشفرة قرار لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية (SEC) بالموافقة على طلبات صناديق البيتكوين المتداولة، بعد أن تقدم بها العديد من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة وعلى رأسهم شركة بلاك روك (BlackRock).
وصناديق البيتكوين المتداولة، تعد أدوات استثمارية تسمح للمستثمرين بالتداول في أسعار البيتكوين دون امتلاكها بشكل مباشر، وهناك نوعان رئيسيان من صناديق البيتكوين المتداولة: الفورية والآجلة، الفورية تتتبع سعر البيتكوين الحالي، بينما الآجلة تتتبع سعر عقود البيتكوين المستقبلية.
وعلى الرغم من الآمال الكبيرة التي يعقدها مجتمع العملات المشفَّرة على إطلاق صناديق البيتكوين المتداولة، وحجم التدفقات النقدية التي من شأنها أن تدخل سوق الكريبتو حال الموافقة التاريخية من هيئة الأوراق المالية، إلا أن هناك بعض الأصوات التي تعرض إطلاق هذه الصناديق وترى أنها ليست في صالح البيتكوين.
بحسب تقرير صادر عن «gm3 Research»، وهي شركة استشارية متخصصة في مجالات البلوكشين والويب 3 والعملات المشفرة، فإن إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بالسعر الفوري للبيتكوين قد يحمل معه بعض الجوانب السلبية، وهي كالتالي:

1- خطر التمركز
إحدى القيم الأساسية للبيتكوين هي كونها نظامًا لامركزيًا. ولكن، صندوق «Bitcoin ETF» يضيف عنصرًا من التمركز، مما قد يعزز من قوة عدد محدود من المؤسسات المالية.
هذا التطور يتعارض مع رؤية المدافعين عن البيتكوين الذين يرون فيها نظامًا خارج نطاق السيطرة المركزية، وقد يمنح المؤسسات المالية الأميركية نفوذًا غير متوازن يمكنها من التحكم في الشؤون المالية على المستوى المحلي والعالمي؛ خاصة أنها ستمتلك عمال المناجم ومزودي صناديق الاستثمار المتداولة الكبار مثل بلاك روك وغرايسكيل، وهذا ما يثير القلق بشأن التأثير المحتمل على وظيفة البيتكوين ورمزها واتجاهها، وهي التي صممت في الأصل لتكون نظامًا ماليًا مستقلًا عن الحكومات والدول.
2- خطر التلاعب بالسوق
هناك مصدر قلق آخر وهو إمكانية تلاعب صناديق الاستثمار المتداولة بالسوق، مما قد يشوه القيمة الحقيقية للبيتكوين، لأنه بالرغم من أن صندوق «Bitcoin ETF» قد يكون أكثر شفافية في مقتنياته من البيتكوين، مقارنة بسوق الذهب الغامض، إلا أن هناك مخاوف من زيادة التلاعب الذي يؤثر على تحديد سعر العملة المشفرة.
يسارع إليها عمالقة إدارة الأصول.. ما صناديق البيتكوين المتداولة؟
3- الابتعاد عن الهدف الأصلي
يمكن أن ننظر إلى البيتكوين في البداية كعملة لامركزية من نظير إلى نظير تتجاوز الخدمات المصرفية التقليدية وتتخلص من سيطرة الحكومات، ولكن صناديق الاستثمار المتداولة، التي تتيح الاستثمار في البيتكوين دون اقتناء العملة المشفرة نفسها، قد تغير التركيز من الاستثمار في الأصل إلى الاستثمار في مفهوم البيتكوين.
هذا التحول قد يؤثر على المبادئ الأساسية للبيتكوين مثل الندرة واللامركزية، مما قد يضعف من رؤيتها الأصلية المناوئة للمؤسسة، وعلى الرغم من أن البيتكوين قد لا تحقق تطلعات سوق المال في السياق العالمي الحالي؛ إلا أنها تزود بالشفافية والمساءلة والمتانة والنقلية والحماية من التضخم، ولكن، إذا كانت اللوائح التنظيمية في بلد ما قادرة على تخريبها أو تقويضها، فإن فاعليتها تصبح مشكوكًا فيها.
4- التأثير على تذبذب الأسعار
قد يزيد طرح صناديق البيتكوين المتداولة من تذبذب أسعار العملة المشفرة، بخلاف سمعتها المتزايدة باعتبارها ذهبا رقميا ثابتًا ومستودعًا آمنًا للقيمة، لكن هذه الصناديق تسمح للكيانات الأكبر، مثل صناديق التحوط، بالتأثير على سعر البيتكوين، ويمثل هذا تغييرًا كبيرًا عن تفضيل مجتمع البيتكوين لعمليات اكتشاف الأسعار الأكثر طبيعية.
كما قد يؤدي تحديد ساعات التداول لصناديق الاستثمار المتداولة، مقارنة بسوق البيتكوين الذي يعمل طوال اليوم وطوال الأسبوع، إلى التلاعب بالسوق، وفي الوقت نفسه، قد يؤدي ذلك إلى مطابقة تحركات البيتكوين بشكل أقرب مع فئات الأصول التقليدية وربما تضعف مكانتها كفئة أصول مميزة ومستقلة.
اقرأ أيضًا: غاري غينسلر يستبق قرار «صناديق البيتكوين المتداولة» بتصريحات مناهضة للكريبتو
5 – تحدي النظام البيئي للبيتكوين
يمثل الإطلاق المحتمل لصناديق البيتكوين المتداولة تحديًا معقدًا للنظام البيئي للبيتكوين، لأنه بينما قد تجلب البيتكوين لجمهور أوسع، إلا أن مخاطر المركزية، والتلاعب بالسوق، والقضايا التنظيمية، والابتعاد عن المبادئ الأساسية للبيتكوين موجودة بقوة.
لذلك يجب التعامل مع هذه الصناديق بحذر مما يحافظ على القيم الأساسية للبيتكوين سليمة في السعي للحصول على القبول السائد.
6- مخاوف على نظام البلوكشين
الوضع الأكثر خطورة الذي ينبه إليه المحللين هو الخوف على نظام البلوكشين الذي تعتمد عليه العملات المشفرة، لأنه إذا كان هناك عدد كبير من العملات المشفرة يحتفظ بها كيان واحد، فذلك قد يؤثر لاحقًا على التحقق من صحة المعاملة.
وبالتالي يؤدي هذا إلى تعطيل تقنية البلوكشين blockchain ويتعارض مع غرض الإيثريوم Ethereum، مما يجعلها نسخة أقل كفاءة من الأنظمة التقليدية، بينما في المقابل، يضيف النظام القائم على التعدين في بيتكوين حاليا، طبقة من المقاومة واللامركزية، حيث لا يتحكم أصحاب الثروات في التحقق من صحة المعاملات.
مخاوف أخرى من التدفقات المالية والأصول
في سياق متصل، عبر محللون في منصة كوين بيز (Coinbase) لتداول العملات المشفرة عن بعض المخاوف الأخرى، خاصة فيما يتعلق بالتدفقات المالية والأصول.
وذكر ديفيد دونج، رئيس الأبحاث المؤسسية في كوين بيز، أن المستثمرين يضيقون ذرعًا عندما يبحثون عن صناديق البيتكوين المتداولة، مع التركيز بشكل كبير على التدفقات الأولية دون النظر في تأثيرات النظام الثاني.
ونقل موقع «ديل نيوز» عن دونج قوله، أن أكبر قلق لدى معظم الناس هو كيف ستكون التدفقات في اليوم الأول من إطلاقها، وأن معظم البنوك والمحللين تنبأوا بهذا الموضوع.
إطلاق أوراق مالية مرتبطة بالبيتكوين.. هل تصبح بديلًا لـETF؟
وتوقع جي بي مورغان تدفقات خارجة بمليارات الدولارات من شركتي بلاك روك وغرايسيكيل، بينما قالت أبحاث مؤسسة بي ويست (Bitwise) إن صناديق البيتكوين المتداولة ستكون الأكثر نجاحًا على الإطلاق، مشيرة إلى أن الصناديق ربما تصل إلى 72 مليار دولار في غضون خمس سنوات.
وأشار دونج إلى أن التدفقات مهمة، لأننا نريد أن نعرف أن الطلب موجود، لكننا لا نفكر في الجانب الآخر المظلم، في إشارة إلى المخاطر المحتملة غير المتوقعة.
ومن بين هذه المخاطر المصادر، حيث قال دونغ إنه سيتعين شراء عملة البيتكوين من أماكن منظمة، ولكن إذا كان الطلب مرتفعًا للغاية، فقد يواجه المصدرون مشكلة في شراء عملة البيتكوين المطلوبة.
وأضاف: «لا يتحدث الكثير من الناس عن هذا الأمر، لكنه خطر محتمل علينا أن نفكر فيه، بالإضافة إلى أن هذه الصناديق سوف تؤثر أيضًا على رهانات العملات المشفرة الأكثر شيوعًا، وهي تمثل جزءا من التجارة الأساسية.
وأوضح جريج ساتون، أحد كبار المتداولين في منصة كوين بيز، أنه إذا ارتفعت الأسعار الفورية مع وصول العقود الآجلة إلى انتهاء الصلاحية، يستفيد المتداول مع تضييق الأساس، لكن مع صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين، قد تصبح هذه التجارة أقل ربحية.
«بلاك روك» تتوقع الموافقة على صندوق تداول البيتكوين قريبًا.. ماذا يقول الخبراء؟
وقال ساتون إنه إذا تمت الموافقة على إطلاق صناديق الاستثمار المتداولة للبيتكوين في عام 2024، فقد يؤدي ذلك إلى إسقاط الأساس، حيث سيكون لدى المستثمرين المزيد من الخيارات للحصول على التعرض بين الصناديق الفورية والعقود الآجلة والسوق الفعلي.
وعلى الرغم من أنه لم تتم الموافقة على أي من هذه التطبيقات حتى الآن، إلا أن جميعها تسعى إلى جمع المستخدمين مرة واحدة وإذا وافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات عليهم، وهو ما من المحتمل أن يحدث على دفعات لتجنب حصول أحدهم على ميزة الريادة، وفقًا لمحللي بلومبرغ إريك بالتشوناس وجيمس سيفارت.