يرى مارك راندولف، أحد مؤسسي نتفليكس، أن “العمل الجاد” وحده لا يكفي لبناء علامة تجارية عالمية، بقيمة 289 مليار دولار!
في حلقة بودكاست “يوميات رئيس تنفيذي” مع ستيفن بارتليت، كشف مارك راندولف عن السر المشترك بين الرؤساء التنفيذيين الناجحين، فقال “إنها قدرتهم الفريدة على تحديد الأولويات وتوجيه جهودهم نحو حل المشكلات الأكثر إلحاحًا”.
رفض راندولف فكرة أن العمل الجاد وحده هو مفتاح النجاح، واصفًا إياها بـ “الأسطورة”. بدلاً من ذلك، أكد أهمية الذكاء في اختيار المشكلات التي تستحق الجهد، قائلاً: ‘إذا استطعت تحديد المشكلات الصحيحة، فلن تحتاج إلى بذل جهد كبير في كل شيء. بعض الأمور تحدث فرقًا حقيقيًا، وتركيز جهودي عليها هو ما حقق لي النجاح.
تجربة مثالية
كان راندولف في نتفليكس شديد الحرص على التفاصيل، لدرجة أنه كان “يجادل حول كل كلمة” و”كل صورة” في المواد الترويجية. كان هدفه الأساسي هو تقديم تجربة مثالية للعميل في كل تفاعل. هذا الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة ساهم بشكل كبير في بناء هوية قوية لنتفليكس وجعلها منصة البث الأكثر شعبية في العالم.
مع مرور الوقت، أدرك راندولف أن سعيه وراء الكمال لم يكن بالضرورة يؤدي إلى تحسين تجربة المستخدم. بل اكتشف أن الحصول على ملاحظات سريعة على الأفكار الأولية، حتى لو كانت غير مكتملة، كان أكثر فائدة في تطوير المنتج.
اقرأ أيضًا.. 5 أسرار للنجاح من ريد هاستينغز الرجل وراء تفوّق نتفليكس
قال راندولف: “حتى لو لم تكن الفكرة مثالية، فمجرد وجود إمكانات فيها يكفي لتبرير تجربتها. فإذا كانت الفكرة واعدة، حتى لو كانت النتائج الأولية متواضعة، فإن الجمهور سيتفاعل معها بشكل إيجابي. هذه الفكرة تشجع على الابتكار والمخاطرة، وتؤكد على أهمية الحصول على ردود فعل مبكرة من الجمهور لتطوير المنتج”.
نقلة نوعية في تجربة المستخدم
مثال على ذلك، كان نموذج الاشتراك الذي أطلقته نتفليكس بمثابة نقلة نوعية في تجربة المستخدم، حيث ألغى الحاجة إلى رسوم التأخير. استقبل العملاء هذا التغيير بحماس كبير، مما ساهم بشكل كبير في نمو الشركة ووصولها إلى قيمتها السوقية الحالية البالغة 289.29 مليار دولار. تُظهر هذه القصة أن الحلول البسيطة والمبتكرة يمكن أن تحدث فرقًا كبيرًا في عالم الأعمال.
على الرغم من الترويج المستمر لأخلاقيات العمل القوية من قبل أرباب العمل والمليارديرات، إلا أن راندولف ليس الوحيد الذي يشكك في فكرة أن العمل الجاد هو كل ما يهم. هناك من يعتقد أن التركيز المفرط على العمل قد يؤدي إلى نتائج عكسية.
اقرأ أيضًا.. وسط إضراب هوليوود.. وظيفة للذكاء الاصطناعي بـ900 ألف دولار في نتفليكس
لقد عفا الزمن على الاعتقاد بأن العمل الجاد يعني البقاء في المكتب لأطول فترة ممكنة. لم يعد هذا الضابط يقيس النجاح أو يضمن الصعود إلى أعلى المناصب. فالدراسات، مثل دراسة جامعة ستانفورد عام 2014، أظهرت أن الإنتاجية تتراجع بشكل كبير بعد تجاوز 50 ساعة عمل أسبوعيًا.
في حين أن القائمين على التوظيف والمليارديرات على حد سواء يروجون لقيمة أخلاقيات العمل القوية، فإن راندولف ليس الشخص الوحيد الذي يعتقد أن العمل الجاد مبالغ فيه في بعض الأحيان.
كان يُعرف العمل الجاد بأنه الحضور إلى المكتب أولاً ثم المغادرة أخيرًا، لكن هذا لا يضمن أنك ستصبح رئيسًا تنفيذيًا أو ستبني شركة بمليارات الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد عام 2014 أن الإنتاجية في الساعة تنخفض بشكل حاد إذا كنت تعمل أكثر من 50 ساعة في الأسبوع.
بناء علاقات قوية
بدلاً من التركيز فقط على المهام الموكلة إليهم، نصحت ستيسي هالر، كبيرة المستشارين المهنيين في ResumeBuilder، الموظفين باستثمار وقت العمل في بناء علاقات قوية مع زملائهم، خاصة أولئك الذين يمكنهم تقديم ملاحظات تساعدهم على الارتقاء بمسيرتهم المهنية.
أكد راندولف على أهمية العمل الجاد في المراحل المبكرة من الحياة المهنية، قائلًا: “في بداية حياتك المهنية، أو عند بدء مشروعك الخاص، قد تحتاج إلى بذل جهد مضاعف. ففي تلك المرحلة، قد لا تكون لديك الخبرة الكافية، لذا يجب عليك العمل لساعات طويلة لبناء الأساس اللازم للنجاح. ومع ذلك، شدد على أهمية تحقيق التوازن بين العمل والحياة الشخصية على المدى الطويل.
في النهاية، يصل العمل الجاد إلى نقطة التشبع، حيث تتناقص فائدته. يؤكد راندولف على أهمية الذكاء الاستراتيجي في التفريق بين الموظف المجتهد والموظف الناجح، فالأخير هو من يستطيع تحديد الأولويات والتركيز على المهام ذات القيمة المضافة.
قال راندولف: “كثير من رواد الأعمال يهتمون بالتفاصيل الصغيرة ويقضون ساعات طويلة في تحسين مظهر أعمالهم، ولكن هذا ليس هو العامل الحاسم للنجاح. فالفكرة الأساسية هي أنك تخسر الصفقة قبل أن تبدأ حتى إذا لم تكن لديك الأساسيات الصحيحة”.